في أي الأماكن تزداد خطورة الإصابة بكورونا؟

سيدتان ترتديان كمامتين خلال تسوقهما في أحد متاجر البقالة بالصين (إ.ب.أ)
سيدتان ترتديان كمامتين خلال تسوقهما في أحد متاجر البقالة بالصين (إ.ب.أ)
TT

في أي الأماكن تزداد خطورة الإصابة بكورونا؟

سيدتان ترتديان كمامتين خلال تسوقهما في أحد متاجر البقالة بالصين (إ.ب.أ)
سيدتان ترتديان كمامتين خلال تسوقهما في أحد متاجر البقالة بالصين (إ.ب.أ)

تشير دراسة جديدة إلى أن أقلية صغيرة من الأماكن التي يذهب إليها الناس بشكل متكرر مسؤولة عن غالبية إصابات فيروس كورونا في المدن الكبرى، وفقاً لشبكة «سي إن إن».
وذكرت الدراسة، التي نُشرت في مجلة «نيتشر» أن اعتماد دخول حد أدنى من الزبائن إلى مثل هذه الأماكن، بما في ذلك المطاعم وصالات الألعاب الرياضية والمقاهي والفنادق، يمكن أن يبطئ انتشار الفيروس بشكل كبير.
وقال جوري ليسكوفيك، مؤلف الدراسة والأستاذ المساعد لعلوم الكومبيوتر بجامعة ستانفورد، خلال مؤتمر صحافي: «يتوقع نموذجنا أن وضع حد أقصى للزبائن في تلك الأماكن عند 20 في المائة يمكن أن يقلل انتقال العدوى بأكثر من 80 في المائة، لكننا نفقد حوالي 40 في المائة فقط من الزيارات عند مقارنتها بإعادة الفتح بالكامل مع الحد الأقصى المعتاد». وأضاف: «عملنا يبرز أنه لا يجب أن يختار الناس بين إعادة فتح الأماكن بحد أقصى والإقفال التام».
ووجد النموذج أيضاً تفاوتات عرقية واجتماعية واقتصادية كبيرة في عدوى فيروس كورونا.
* أماكن «الانتشار الكبير» المحتملة
استخدم الباحثون، من جامعة ستانفورد وجامعة نورث وسترن، بيانات موقع الهاتف الخلوي من «سيف غراف» لنمذجة الانتشار المحتمل لكورونا في 10 من أكبر المناطق الحضرية في الولايات المتحدة: أتلانتا وشيكاغو ودالاس وهيوستن ولوس أنجليس وميامي ونيويورك وفيلادلفيا وسان فرانسيسكو وواشنطن العاصمة.
وتضمنت البيانات، التي تمثل تحركات 98 مليون شخص كل ساعة، أنماط التنقل من مارس (آذار) إلى مايو (أيار).
وقام الباحثون بفحص عدد حالات كورونا لكل منطقة وألقوا نظرة فاحصة على عدد المرات التي سافر فيها الناس إلى بعض المواقع غير السكنية أو ما سموه بـ«نقاط الاهتمام».
وشملت تلك المواقع محلات البقالة ومراكز اللياقة البدنية والمقاهي ومطاعم الوجبات الخفيفة ومكاتب الأطباء والمؤسسات الدينية والفنادق والموتيلات والمطاعم كاملة الخدمات.
وكتب الباحثون في دراستهم: «في المتوسط، أنتجت المطاعم كاملة الخدمات، وصالات الألعاب الرياضية، والفنادق، والمقاهي، والأماكن الدينية، والمطاعم ذات الخدمة المحدودة، أكبر زيادة متوقعة في الإصابات عند إعادة فتحها».
وتوقعت الدراسة أن «العدوى تحدث بشكل غير متساوٍ للغاية، حيث إن هناك حوالي 10 في المائة من نقاط الاهتمام تمثل أكثر من 80 في المائة من جميع الإصابات، وهذه أماكن أصغر وأكثر ازدحاماً ويجلس فيها الناس لفترة أطول».
وتوقعت الدراسة أيضاً أن الأشخاص الذين يعيشون في الأحياء ذات الدخل المنخفض، استناداً إلى بيانات التعداد، كانوا أكثر عرضة للإصابة، وذلك لأن تلك المناطق تميل لتكون أصغر حجماً، مما يؤدي إلى الازدحام وزيادة خطر الانتشار.
وقال ليسكوفيك: «يتنبأ نموذجنا بأن زيارة واحدة لمتجر بقالة تكون أكثر خطورة بمرتين بالنسبة للفرد ذي الدخل المنخفض مقارنة بالفرد ذي الدخل المرتفع». وتابع: «هذا بسبب أن متاجر البقالة التي يزورها الأفراد ذوو الدخل المنخفض يدخلها ناس أكثر في المتوسط بنسبة 60 في المائة بالقدم المربع، ويقيم الزوار هناك لمدة أطول بنسبة 17 في المائة».
وتأتي الدراسة مع قيود، بما في ذلك أن النموذج هو محاكاة، وليس تجربة واقعية، وتستند البيانات إلى 10 مناطق حضرية ولا تلتقط جميع الأماكن التي يمكن أن يرتادها شخص ما، مثل المدارس ودور رعاية المسنين والسجون، التي ارتبطت أيضاً بتفشي «كوفيد - 19». وهناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد ما إذا كانت النتائج المماثلة ستظهر بين سكان أماكن أخرى.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.