قال مسؤولون سابقون وخبراء إن قرار الرئيس دونالد ترمب بإقالة وزير الدفاع مارك إسبر بشكل مفاجئ مساء الاثنين يؤكد مخاوف من أن الفترة القادمة ستشهد انتقالاً رئاسياً متقلباً ومليئاً بالعراقيل مع محاولات تسييس للمؤسسات الحكومية وإرهاب موظفي الحكومة وإقحامهم في الألعاب السياسية بشكل غير مسبوق. وقال خبراء إن السؤال المطروح بقوة ليس ما إذا كان الرئيس دونالد ترمب سيغادر منصبه، ويقوم بإجراء انتقال سلس للسلطة، وإنما هو حجم الفوضى الذي سيحدثه في طريقه للخروج من أبواب البيت الأبيض.
وما زال الرئيس ترمب يرفض قبول فوز منافسه جو بايدن في الانتخابات، مصرا على إطلاق اتهامات بالتزوير.
وتثير إقالة مارك إسبر مخاوف من أن ترمب سيطرد مسؤولين آخرين في الأمن القومي خلال الأسابيع المقبلة، بالإضافة إلى مسؤولين آخرين يُنظر إليهم على أنهم غير موالين له بما فيه الكفاية.
وتنتشر التكهنات داخل الحكومة وخارجها حول ما إذا كان ترمب سيقيل أيضا مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي أو مديرة وكالة المخابرات المركزية جينا هاسبل، وهما شخصيتان تحظيان باحترام وخبرة أمنية طويلة، إضافة إلى إقالة خبير الأمراض المعدية الدكتور أنتوني فاوتشي.
وقد لمح ترمب إلى تفكيره إقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي اختلف معه حول عدد من القضايا من التدخل الروسي في الانتخابات إلى التهديد الذي يشكله المحتجون اليساريون ومزاعم تزوير الناخبين. كما صرح علانية في أحد التجمعات الانتخابية الشهر الماضي أنه سيؤجل إقالة فاوتشي إلى ما بعد الانتخابات في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني).
وتسري في الأوساط الحكومية تهديدات وتحذيرات للموظفين من الحديث حول فوز جو بايدن بالانتخابات. وصدرت تعليمات لموظفي الحكومة الفيدرالية بأن الانتخابات الرئاسية لم تنته بعد، وسط تلويح بإقالة من يحاول ترك سفينة الرئيس ترمب في الوقت الحالي.
وسرب موقع «أكسيوس» تسجيلا صوتيا عبر الهاتف تم تسريبه يوم الاثنين بين جون بارسا وموظفي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية يحذر فيها الموظفين من أن الانتخابات لم تنته، وأن الانتقال الرئاسي المعتاد لن يبدأ لأن الانتخابات لم تنته بعد.
ويقول مصدر مطلع على المناقشات الداخلية إن بعض مسؤولي الوكالة طُلب منهم العمل على افتراض أن ترمب يقضي فترة ولاية ثانية. وأكد موقع «أكسيوس» أن مدير مكتب شؤون الموظفين الرئاسيين بالبيت الأبيض جون ماكينتي «ينشر الخبر في جميع أنحاء الإدارة بأنه إذا سمع عن أي شخص يبحث عن وظيفة أخرى فسيتم طرده».
في المعسكر الديمقراطي، بدأ الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب جو بايدن في اتخاذ إجراء قانوني إذا لم تقم إدارة ترمب بإضفاء الطابع الرسمي على فوز بايدن ومنحه إمكانية الوصول إلى الموارد الحكومية المهمة. وقد رفضت إدارة الخدمات العامة، (وهي وكالة حكومية مكلفة بالتحقق من نتائج الانتخابات الرئاسية)، توفير الموارد الحكومية إلى فريق الرئيس المنتخب، بينما يواصل الرئيس ترمب التشكيك في نتائج الانتخابات ويرفض التنازل. وقالت المتحدثة باسم إدارة الخدمات العامة إن الوضع لا يزال كما هو دون تغيير، مؤكدة أن الوكالة لم تحدد بعد الفائز في الانتخابات. وقام مسؤولو الإدارة بتحذير مسؤولي الوكالات الأميركية الأخرى بعدم المضي قدما في الأنشطة الانتقالية مع فريق بايدن حتى تحدد وكالة الخدمات العامة رسميا الفائز في الانتخابات الرئاسية.
ويثير الخبراء المخاوف من أن يقدم ترمب على استخدام سلطته الهائلة في المجال العسكري والاستخباراتي للتصرف بشكل مباغت قبل مغادرته منصبه. ولمح مسؤولون في وزارة الدفاع إلى أن ترمب قد يمهد الطريق لعمليات علنية أو سرية ضد خصوم أميركا الأجانب، مع وجود إيران على رأس القائمة. وأثار البعض احتمالات أن الرئيس بإقدامه على إقالة إسبر في هذا التوقيت يعني أنه يريد اتخاذ إجراءات يعتقد أن وزير دفاعه سيرفض اتخاذها. كما أن اختياره لمدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب كريستوفر ميللر ليتولى منصب وزير الدفاع بالإنابة يشي باحتمالات أن الأخير سيدعم أي قرارات يتخذها ترمب. وقد ظل ميللر قوة دافعة ومؤيدة لسياسات ترمب المناهضة لإيران و«حزب الله»، وكذلك جهود مكافحة الإرهاب في سوريا والعراق. وميللر ضابط متقاعد بالجيش وخدم في أفغانستان عام 2001 والعراق عام 2003، وستكون فترة ولايته قصيرة، حيث سيتم تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن في 20 يناير (كانون الثاني) 2021، وسيعين وزير دفاع في إدارته الجديدة،
وتشير مصادر في «البنتاغون» إلى أن رئيس موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز اتصل بوزير الدفاع مارك إسبر ليخبره بالإعلان الوشيك بإقالته من قبل الرئيس ترمب والذي أعلنه عبر «تويتر»، وبعدها قام إسبر بحزم أوراقه ومتعلقاته من مكتبه، وأصدر رسالة من صفحة واحدة إلى القادة العسكريين وموظفي البنتاغون شكرهم على عملهم، ووصف فترة عملة بأنها أبرز أحداث حياته.
وفي توقيت متزامن، عقد مارك ميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة اجتماعا مع أعضاء آخرين من هيئة الأركان المشتركة، وعقد مؤتمرا عبر الفيديو مع قادة المقاتلين لإبلاغهم بقرار الرئيس، كما قام بالاتصال بعدد من المسؤولين بالدول الغربية لطمأنة الحلفاء من تداعيات تلك الخطوة. وثارت مخاوف من أن قيام ترمب بتلك الخطوة المفاجئة في هذه الفترة الانتقالية قد تنذر بتغيرات محتملة في وضع القوات الأميركية في العراق وأفغانستان وسوريا، وتزيد من الضغوط على «البنتاغون» في وقت يجري فيه العمل للانتقال إلى إدارة جديدة.
وحذّر السيناتور الديمقراطي مارك وورنر، عضو لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ، ترمب في بيان من عدم إقالة أي شخص آخر. وقال: «إنني منزعج بشدة من إقالة الرئيس ترمب وزير الدفاع مارك إسبر قبل 72 يوما فقط من تنصيب رئيس جديد وخلال تفشي جائحة عالمي». وأضاف «يجب أن يكون تداول السلطة سلميا ومباشرا وفقا للمبادئ التي حركت جمهوريتنا منذ تأسيسها، وآخر ما تحتاجه بلادنا هو اضطراب إضافي في المؤسسات المصممة لحماية أمننا القومي. يجب على الرئيس ترمب ألا يدعو إلى مزيد من التقلبات عن طريق إزالة أي مسؤول استخبارات أو أمن قومي أكده مجلس الشيوخ خلال فترة بقائه في المنصب».
وحذر السيناتور الديمقراطي كريس مورفي، عضو لجنة العلاقات الخارجية، عبر تويتر من أن ترمب يخلق بيئة أمن قومي غير مستقرة بشكل خطير خلال الفترة الانتقالية.
ووصف النائب الديمقراطي آدم سميث، رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، إقالة إسبر بأنها خطوة مزعزعة للاستقرار «ستشجع فقط خصومنا وتعرض بلادنا لخطر أكبر».
وحتى أن بعض مؤيدي ترمب عبروا عن مخاوفهم. وقال مارك بوليمروبولوس، الضابط الكبير السابق في وكالة المخابرات المركزية: «لدي إحساس كبير بعدم الارتياح خلال الـ70 يوما القادمة». وقال نيك راسموسن، الرئيس السابق للمركز الوطني لمكافحة الإرهاب، إن الفترة الانتقالية ما بين رحيل رئيس وتسلم رئيس جديد للسلطة هي فترة حرجة تحتاج إلى الهدوء والتعاون. وأضاف أن إقالة إسبر خطوة تثير القلق وعدم اليقين لأن هناك مخاوف بالفعل بشأن أسلوب صنع القرار للرئيس و«ما قد يفعله في الأيام المتبقية من رئاسته».
ترمب يخطط لإقالات جديدة ويثير مخاوف من «عمليات عسكرية»
مكالمة مسربة تحذّر موظفي الحكومة من تهنئة بايدن أو التعاون معه
ترمب يخطط لإقالات جديدة ويثير مخاوف من «عمليات عسكرية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة