اليمن يتهم الحوثيين بتعقيد الوضع الإنساني والتربّح من أزمة الوقود

طوابير السيارات في انتظار الحصول على حصتها من الوقود في صنعاء (أ.ف.ب)
طوابير السيارات في انتظار الحصول على حصتها من الوقود في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

اليمن يتهم الحوثيين بتعقيد الوضع الإنساني والتربّح من أزمة الوقود

طوابير السيارات في انتظار الحصول على حصتها من الوقود في صنعاء (أ.ف.ب)
طوابير السيارات في انتظار الحصول على حصتها من الوقود في صنعاء (أ.ف.ب)

اتهمت الحكومة اليمنية الميليشيات الحوثية بالاستمرار في تعقيد الوضع الإنساني والتربح من بيع الوقود في السوق السوداء، داعية المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى الضغط على الجماعة لإلزامها بتطبيق اتفاق آلية استيراد المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة التي نقضتها قبل أشهر.
وجاءت هذه التصريحات اليمنية أمس (الثلاثاء) في بيان رسمي صادر عن المكتب الفني للمجلس الاقتصادي الأعلى، حيث أكدت أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة ونتائجها بشأن تدفق الوقود إلى ميناء الحديدة ومناطق سيطرة الميليشيا الحوثية الانقلابية تؤكد حرص الحكومة على التخفيف من معاناة المواطنين وتجنب التسبب في مزيد من التعقيد للوضع الإنساني بسبب شحة الوقود.
وأوضح البيان أن «الإجراءات الحكومية بهذا الصدد تجسد التجاوب الحكومي الإيجابي مع طلبات المبعوث الأممي إلى اليمن، دون التفريط في ضوابط الحد من التجارة غير القانونية للوقود في اليمن، والاستمرار في جهود وإجراءات تعزيز إيرادات الدولة لتحقيق هدف صرف رواتب جميع المدنيين، وهو الأمر الذي يعد متطلباً جوهرياً وأساسياً لتحسين الوضع الإنساني، وتتويجاً حقيقياً لجهود المبعوث الدولي والمنظمات الدولية والإنسانية في اليمن».
ودعا المجلس الاقتصادي الأعلى «المجتمع الدولي بجميع منظماته ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، للقيام بدورهم وواجبهم بتحميل الميليشيا الحوثية مسؤولية تعقيد الوضع الإنساني بسبب مخالفاتهم ونقضهم للاتفاق الذي تم مع المبعوث الأممي».
واتهم البيان الجماعة الحوثية بـ«التسبب في أزمات الوقود تارة، وخلقها دون مبرر تارة أخرى، وتعزيز نشاطهم في السوق السوداء واستغلال حاجات ومعاناة المواطنين تجاريا، وتعريض حياة المدنيين للخطر بتخزين الوقود في المباني والأحياء السكنية، وإعاقة الاستفادة من التسهيلات التي قدمتها الحكومة لتوفير الوقود، وصرف رواتب المدنيين، وإعاقة جهود العمل الإنساني الذي يقوم به المبعوث الدولي في هذين الموضوعين».
وشدد البيان على «ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي، ما يلزم لإيقاف تلك الإجراءات التصعيدية من قِبل الميليشيا الحوثية، والحد من استغلالها اللاإنساني وغير الأخلاقي للمتطلبات الأساسية للحياة ومعاناة المواطنين، لتحقيق مكاسب دبلوماسية أو مالية لتمويل نشاطهم الإرهابي ضد الحكومة ودول المنطقة والعالم».
وأشار البيان إلى تدابير الحكومة وإصدارها القرار رقم 49 لعام 2019 في إطار المزيد من إجراءات تنظيم تجارة الوقود إلى جميع الموانئ اليمنية، والحد من التجارة غير القانونية للنفط الإيراني في اليمن، وتعزيز إيرادات الدولة بتحصيل الرسوم القانونية لواردات الوقود واستخدامها في صرف رواتب الموظفين المدنيين.
وبين المجلس الاقتصادي الأعلى التابع للحكومة اليمنية في بيانه أن «إجراءات الحكومة تلك قوبلت بتصعيد من الميليشيا الحوثية، وإحداث أزمات الوقود في تلك المناطق، وإحداث مزيد من التعقيد للوضع الإنساني، بهدف الحفاظ على وضع التسهيل لتدفق الوقود الإيراني، والاستئثار بالإيرادات القانونية للدولة من واردات الوقود إلى ميناء الحديدة في تمويل نشاطها دون صرف رواتب المدنيين، الأمر الذي استدعى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 إلى تدخل المبعوث الأممي الذي تفهم في حينه طبيعة إجراءات الحكومة الهادفة للحد من التجارة غير القانونية للنفط الإيراني، ودعم جهود الحكومة لصرف رواتب المدنيين وتحسين الوضع الإنساني في تلك المناطق».
وأشار البيان إلى تقديم مكتب المبعوث الأممي مقترحا لآلية وترتيبات مؤقتة لتطبيق تلك الإجراءات في ميناء الحديدة، من خلال فريق مختص تابع له مباشرة، حيث تقوم تلك الترتيبات على أساس إيداع الإيرادات القانونية للدولة على واردات الوقود إلى ميناء الحديدة إلى حساب خاص في فرع البنك المركزي في الحديدة، وعلى أن لا يمس ذلك الرصيد إلا بعد الوصول إلى اتفاق على آلية لصرف رواتب المدنيين من ذلك الرصيد وبإشراف المبعوث الدولي.
وأكد البيان الصادر عن المكتب الفني للمجلس الاقتصادي الأعلى، قبول الحكومة تطبيق مقترح المبعوث الأممي، شرط حصول مكتب المبعوث الأممي على تقرير دوري عن ذلك الحساب، والسماح لمختصين تابعين له بالتدقيق والرقابة المستمرة على ذلك الحساب، كما قامت الحكومة بدعم جهود المبعوث وتقديم الكثير من التنازلات.
وقال إن «تنازلات الحكومة شملت السماح بدخول دفعة تصل إلى 12 شحنة إلى ميناء الحديدة دون الخضوع الفوري لتلك الإجراءات، كما غضت الحكومة الطرف عن استخدام مكتب المبعوث لموظفين يمنيين معروفون بتبعيتهم للميليشيا الحوثية للمشاركة في الإشراف على تطبيق تلك الترتيبات والإجراءات».
وأشار البيان الحكومي إلى أنه «خلال فترة تطبيق تلك الآلية بإشراف المبعوث الأممي، تابعت الحكومة قيام الميليشيا الحوثية بالكثير من الإجراءات المخالفة للاتفاق، والتي انتهت في مايو (أيار) 2020 بإفشال تطبيق تلك الآلية المتفق عليها مع مكتب المبعوث، وإيقافها».
وأوضح أن الحوثيين منعوا «الفريق المختص من مكتب المبعوث من القيام بمهام الرقابة والإشراف على الحساب الخاص المتفق عليه في فرع البنك المركزي في الحديدة، والامتناع عن تقديم أي تقارير أو معلومات دورية لمكتب المبعوث الدولي حول حركة الرصيد في ذلك الحساب وحقيقة وجود المبالغ المحصلة فيه، والاستمرار في استيراد شحنات مخالفة لبعض الضوابط والإجراءات الفنية أو المصرفية أو المالية المتفق عليها، والضغط على مكتب المبعوث للحصول على استثناءات لها من الحكومة».
وتضمنت المخالفات الحوثية - بحسب البيان - مصادرة الرصيد المجمع في الحساب المتفق عليه، والبالغ ما يزيد على 50 مليار ريال (الدولار نحو 600 ريال) واستخدامه دون الوصول إلى اتفاق على آلية لصرف رواتب المدنيين، ودون حتى علم أو إشعار المبعوث الأممي أو حتى المختصين في مكتبه، وتعطيل المشاورات الفنية حول آلية صرف رواتب المدنيين من ذلك الحساب، وإعادة تفعيل تلك الآلية مع مكتب المبعوث، ووضع الشروط بشكل مستمر لاستئناف أي مشاورات مع مكتب المبعوث.
ومنذ تجميد العمل بالآلية كشف البيان أن الحكومة قامت «بتنفيذ حزمة من الإجراءات والسياسات التي تضمن تدفق الوقود إلى تلك المناطق والحفاظ على مخزون الوقود فيها عند مستوى متطلبات الاستخدام المدني والإنساني».
ومن تلك التسهيلات التي قدمتها الحكومة سماحها بـ«استقبال شحنات الوقود المتوقفة أمام ميناء الحديدة، (أو أي شحنات تابعة للتجار من مناطق الخضوع للميليشيا الحوثية) وتفريغها في الموانئ التي تديرها الحكومة الشرعية وتسهيل نقلها برا إلى المناطق الخاضعة للميليشيا الحوثية، ومنح شحنات الوقود الخاصة بقطاعات الصناعة والإنتاج وتوليد الكهرباء تصاريح وموافقة الحكومة للدخول المباشر والتفريغ في ميناء الحديدة، ومنح شحنات الوقود التابعة لأي من منظمات الأمم المتحدة، والمنظمات الإنسانية والإغاثية تصاريح وموافقة الحكومة للدخول المباشر والتفريغ في ميناء الحديدة، وتسهيل نقل الوقود برا من مناطق إدارة الحكومة، إلى المناطق الخاضعة للميليشيا الحوثية، إضافة إلى الموافقة على جميع طلبات الاستثناء ومنح تصاريح وموافقة الحكومة لدخول وتفريغ شحنات الوقود إلى ميناء الحديدة، والتي تقدم بها المبعوث الدولي للحكومة دعما لجهوده، منذ تجميد الآلية التي كان يشرف عليها».
وأكد البيان أن الميليشيات الحوثية قامت بجباية أكثر من 13 مليار ريال على الشحنات الواصلة بعد تجميد الآلية (الدولار نحو 600 ريال) كما نفى وجود أي نقص في الإمدادات إلى مناطق سيطرة الجماعة، مشيرا إلى أن الكميات التي وصلت بلغت 1.337.850 طنا، وهي كمية تلبي جميع الاحتياجات الإنسانية والمدنية في تلك المناطق دون حدوث أي خطر أو إشكال لمدة لا تقل عن 8 شهور، وبالتالي يظل في مناطق الخضوع لميليشيا الحوثي كمية مخزنة تكفي لفترة لا تقل عن شهرين قادمين.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.