كشفت الاستقالة المفاجئة لوزير الخزانة والمالية التركي برات البيراق، صهر الرئيس رجب طيب إردوغان، عن أزمة عميقة يعيشها حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في ظل تراجع شعبيته وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد. وذهبت المعارضة التركية إلى أن الاستقالة كانت بمثابة إعلان إفلاس وكشفت عن «أزمة دولة».
في الوقت ذاته، واصلت السلطات التركية الاعتقالات في صفوف الجيش التركي على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو (تموز) 2016، فيما أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تركيا لاحتجازها 10 صحافيين العام 2016 للاشتباه بـ«ترويجهم» لمنظمات تصنفها السلطات التركية «إرهابية» بينها «حركة الخدمة» التابعة للداعية فتح الله غولن المتهم بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة.
ووحدت الطريقة التي أعلن بها البيراق استقالته عبر «إنستغرام»، ليل الأحد، المعارضة وقطاعاً من قياديي وأعضاء حزب «العدالة والتنمية» الحاكم البارزين الذين رأوا فيها خروجاً على تقاليد الدولة وتعبيراً عن أزمة حقيقية تعيشها تحت حكم إردوغان، كما أكد ذلك رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة الذي وصف طريقة الاستقالة بأنها «أزمة دولة».
وعبر قياديون في «العدالة والتنمية» عن غضبهم من إعلان الوزير استقالته عبر «إنستغرام»، وما حمله ذلك من الإضرار بصورة الرئيس التركي لأنه بدا وكأنه لا يعلم شيئاً عنها فضلاً عن اعتبارها رد فعل «محرجاً» على قراره بعزل رئيس البنك المركزي البنك المركزي مراد أويصال الذي يفضله البيراق واستبداله بوزير المالية السابق ناجي أغبال الذي لم يكن على وفاق معه وكان دائم الانتقاد لقراراته منذ توليه وزارة الخزانة والمالية في 2018.
وحاولت الرئاسة التركية أن تجد مخرجاً وأن تبرر الاستقالة المفاجئة لا سيما مع تعذر الوصول إلى البيراق لشرح ملابسات قراره، فأصدرت بياناً مقتضباً، مساء الاثنين، قالت فيه إن إردوغان قبل طلب الإعفاء من المنصب الذي تقدم به البيراق. وساد اعتقاد لفترة طويلة قبل الاستقالة المفاجئة بأن إردوغان كان يعد صهره البيراق (42 عاماً) لتولي زعامة «العدالة والتنمية» وربما خلافته مستقبلاً في رئاسة البلاد بسبب دفاعه المستميت عنه وعن قراراته التي أضرت كثيراً بالاقتصاد التركي.
وفي خلفية الاستقالة، كشفت مصادر قريبة من دوائر الحكم في أنقرة، عن أنها جاءت بعد أن أبلغ وزير الداخلية سليمان صويلو، وهو خضم عنيد وذو شعبية للبيراق، إردوغان بمعلومات موثوقة عن اعتزام ما بين 30 و40 نائباً من «العدالة والتنمية» الاستقالة والانضمام إلى حزبي «الديمقراطية والتقدم» برئاسة نائب رئيس الوزراء الأسبق على باباجان، و«المستقبل» برئاسة رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، فضلاً عما تلقاه إردوغان من معلومات عن إخفاء البيراق حقيقة وضع احتياطي النقد الأجنبي بالبنك المركزي التركي ومعلومات أخرى تتعلق بوضع الاقتصاد.
وذهب المحلل السياسي التركي مراد يتكين إلى أن هناك «أزمة مزدوجة» فيما يتعلق باستقالة البيراق، أو إقالته، على مستوى حزب إردوغان وعلى مستوى عائلته في الوقت ذاته، مشيراً إلى أن الاستقالة وما أحاط بها من ضجة كشفت عن أن الصهر لا يحظى بأي وزن في الشارع التركي، ما دفعه إلى إغلاق صفحته على «إنستغرام»، بخلاف خبر استقالة وزير الداخلية سليمان صويلو الذي أعلنه عبر «تويتر» في يوليو الماضي وتحرك الآلاف من أنصاره لرفضه.
واعتبر علي باباجان، أن استقالة صهر إردوغان هي «إعلان إفلاس» لحكومة إردوغان وليس إعلان استقالة، لافتاً إلى أن اقتصاد تركيا لن يتحسن بتغيير اسم أو اثنين. وعلق داود أوغلو على طريقة إعلان البيراق عن استقالته، قائلاً إنها تعيد تركيا إلى «النظام القبلي»، وإن «النظام السياسي القائم يحول سياسة الدولة وأجهزتها إلى مفهوم قبلي».
على صعيد آخر، اعتقلت السلطات التركية 70 من العسكريين، أمس، تم اقتيادهم إلى شعبة مكافحة الإرهاب بمديرية أمن إسطنبول لاستجوابهم بموجب قرار صدر عن المدعي العام لمدينة إزمير (غرب) تضمن القبض على 100 من العسكريين في 25 ولاية تركية بدعوى ارتباطهم بحركة غولن المتهمة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة، بينهم 16 طياراً مقاتلاً.
في الوقت ذاته، أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تركيا لحبسها عام 2016 عشرة صحافيين من صحيفة «جمهورييت» المعارضة للاشتباه بترويجهم لمنظمات تصنفها السلطات التركية «إرهابية». وقضت المحكمة، ومقرها ستراسبورغ، بأن «الحبس المؤقت الذي فرض على مقدمي الشكوى في إطار إجراءات جنائية في حقهم يشكل تدخلاً في ممارسة حقهم في حرية التعبير». وألزم القرار تركيا بدفع 16 ألف يورو لكل صحافي للضرر المعنوي الذي لحق بهم.
استقالة صهر إردوغان تكشف أزمة في حزبه وعائلته
استقالة صهر إردوغان تكشف أزمة في حزبه وعائلته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة