باعة الكتب القديمة على ضفاف السين يحاولون تفادي النهاية غير السعيدة

كتب ومجلات وتذكارات أنعشت أكشاك بيع الكتب في باريس لسنوات طويلة (نيويورك تايمز)
كتب ومجلات وتذكارات أنعشت أكشاك بيع الكتب في باريس لسنوات طويلة (نيويورك تايمز)
TT

باعة الكتب القديمة على ضفاف السين يحاولون تفادي النهاية غير السعيدة

كتب ومجلات وتذكارات أنعشت أكشاك بيع الكتب في باريس لسنوات طويلة (نيويورك تايمز)
كتب ومجلات وتذكارات أنعشت أكشاك بيع الكتب في باريس لسنوات طويلة (نيويورك تايمز)

في يوم مشرق، قام غيروم كاليه بتغليف كتاب سيرة روبسبيير الذاتية بالسيلوفان، ثم غطى الغلاف المصنوع من الجلد الأحمر القاني بحنكة خبير ووضعه بالقرب من مجلد كبير للسياسي القديم تاليران داخل الكشك الأخضر خاصته، الذي يبيع فيه الكتب القديمة على رصيف من الأرصفة المتناثرة على طول نهر السين.
كانت السماء تتألق بلونها الأزرق وألقت أشعة الشمس توهجاً وردياً زاهياً على التماثيل التي تزين أعمدة جسر بونت نويف بزخارفه الجميلة على مسافة ليست بالبعيدة عن المكان الذي يقف فيه السيد كاليه لبيع الكتب الكلاسيكية القديمة التي يعلوها الغبار الخفيف إلى عدد غفير لا يُحصى من الزوار والسياح على مدار أكثر من ثلاثين عاماً.
في الأوقات العادية، كان سكان العاصمة باريس وغيرهم من سياح أرجاء العالم كافة يقومون بتصفح بضاعته، وغيرها من البضائع الأخرى في تلك الأكشاك الخاصة بباعة الكتب في الهواء الطلق البالغ عددهم نحو 230 بائعاً على طول نهر السين – والمعروفين هناك باسم «لي بوكينيست» أو بائعي الكتب القديمة والأثرية – والذين تتناثر أكشاكهم المعدنية بالغة الشبه بالصناديق على مسافة تمتد نحو 4 أميال على طول الضفتين اليمنى اليسرى من نهر السين الشهير. لكن، نظراً لقيود الإغلاق العامة المفروضة بُغية الحد من انتشار وباء فيروس كورونا المستجد، جعلت من تجارب الزوار والمتصفحين للكتب أكثر صعوبة عن ذي قبل، ومن ثم تعرضت سبل معيشة الكثير من باعة الكتب للمزيد من المخاطر. ويتأهب الكثيرون منهم لما يخشون أن يكون هو الفصل الأخير في حياة المهنة العتيقة التي يمتد عمرها لقرون مضت حتى صارت مضرباً للأمثال في العاصمة الفرنسية باريس على غرار متحف اللوفر الشهير وكاتدرائية نوتردام العتيقة.
يقول السيد كاليه البالغ من العمر 60 عاماً، وهو يشغل منصب رئيس جمعية باعة الكتب القديمة في العاصمة الفرنسية «إننا نبذل قصارى جهدنا كي لا تغرق هذه السفينة التي تقلنا جميعاً»، وهو يلقي بنظرة مشوبة بالكثير من القلق والأسى على صفوف أكشاك بيع الكتب القديمة المغلقة والتي تصطف على طول رصيف «كي دي كونتي» عند طرف «إيل دي لا سيتيه» المطل على نهر السين، وأضاف قائلاً «لقد طرد الوباء الكثير من زبائننا بالفعل».
حتى قبل أن تشرع الحكومة الفرنسية في فرض حالة الإغلاق العام الجديدة على عموم البلاد اعتباراً من الشهر الماضي بُغية مكافحة عودة ظهور فيروس كورونا المستجد، توقفت جموع السائحين الذين يشكلون العنصر الأساسي في معايش الكثير من باعة الكتب القديمة عن القدوم إلى البلاد بصورة كبيرة. كما قضى الوباء تماماً على هواية سكان باريس الشهيرة في الخروج للتنزه بلا غرض معين سوى الاستمتاع بالحياة والمناظر الطبيعية والجري، خنقتها وسائل وتدابير الحجر الصحي الصارمة التي حرمت باعة الكتب من الزبائن التواقين بشدة لمعاودة الزيارة بين الحين والآخر.
وقال السيد كاليه، إن مبيعات الكتب القديمة قد تراجعت بنسبة بلغت 80 في المائة خلال العام الحالي؛ الأمر الذي عرّض الكثير من باعة تلك الكتب لأزمات خانقة للغاية، لا سيما بين أولئك الذين كانوا يعتمدون على مبيعات سلاسل مفاتيح برج إيفل، أو الأكواب المصورة للموناليزا، أو هدايا الكتب التذكارية التي يقبل السياح على شرائها حال مرورهم بمختلف الأكشاك على طول الرصيف السياحي المطل على نهر السين.
وأضاف السيد كاليه يقول، إن الأيام باتت تمر من دون بيع كتاب واحد لأي أحد، وعندما يتمكن أحدهم من تحقيق مبيعات بمبلغ 30 يورو فقط في اليوم فإننا نعتبره من المحظوظين. ولقد جرى إغلاق أكثر من أربعة أخماس أكشاك بيع الكتب والهدايا بصفة شبه دائمة، والتي تمتد على جانبي ضفاف النهر من كاتدرائية نوتردام وحتى بونت رويال.
يقول ديفيد نوزيك، وهو مهندس الصوت المتقاعد الذي يتخصص في مبيعات كتب الأدب الكلاسيكي، واللوحات الفنية الحديثة، والمطبوعات الحجرية الأثرية بالقرب من متحف اللوفر منذ نحو ثلاثة عقود «إننا نكسب بالكاد ما يكفي معايشنا اليومية الآن».
وكشك السيد نوزيك هو من بين عدد قليل من الأكشاك التي تحاول جاهدة الصمود ومواصلة العمل على الرغم من الانخفاض الكبير في حركة المرور على الأقدام في تلك المنطقة مؤخراً. ولكن في أحد أيام السبت من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقبل سريان قرار الإغلاق العام الجديد، كان السيد نوزيك يضطر إلى إغلاق الكشك والمغادرة في تمام الساعة السادسة والنصف من مساء كل يوم على غير المعتاد، وذلك بعد نجاحه الباهر في بيع كتاب واحد فقط مقابل مبلغ 10 يوروات طوال اليوم، وهو لم يتمكن من بيع أي شيء على الإطلاق طيلة الأيام الأربعة السابقة على ذلك.
وقبل انتشار وباء فيروس كورونا المستجد، كما يقول السيد نوزيك، كان يمكن أن يحقق مبيعات بنحو 2500 يورو (نحو 3 آلاف دولار أميركي) في الشهر الواحد. أما في الآونة الراهنة، فهو يتمكن بالكاد من جمع 400 يورو في الشهر فقط.
وكان ما يعينه على البقاء والاستمرار رفقة زملائه القدامى في تلك المهنة هي الحزمة الجديدة من إعانات الحكومة الفرنسية المقدمة للمشاريع الصغيرة المتعثرة والتي بدأت في شهر أكتوبر الماضي، وتصل قيمتها إلى 1500 يورو عن الشهر الواحد، وذلك بعد مرور ثلاثة أشهر على الإعانات التي حصلوا عليها في ربيع العام الحالي للأمر نفسه.
بيد أن باعة الكتب القديمة يرغبون في مواصلة العمل، كما يحدوهم حرص بالغ على الحفاظ على التقاليد التي يرجع تاريخها إلى القرن السادس عشر الميلادي في البلاد، عندما كان الباعة الجائلون يعملون على بيع الـ«بوكاين» أو الكتب الصغيرة المستعملة، على طول جسر بونت نويف على متن العربات الخشبية أو في الجيوب الكبيرة المخيطة إلى معاطفهم.
لقد واجهت هذه المهنة العتيقة الكثير من التحديات ومرت بالكثير من الصعوبات على مر العصور، بما في ذلك الحظر المتقطع الذي شهدته تحت حكم مجموعة متنوعة من ملوك فرنسا. ففي القرن التاسع عشر، وافق نابليون في خاتمة المطاف على إقامة الأكشاك الدائمة لبيع الكتب على حواجز نهر السين؛ الأمر الذي أدى إلى انتشار باعة الكتب القديمة، وجعل من تلك البقعة بؤرة جذب لمختلف أطياف الطلاب والمثقفين والمؤلفين من أمثال الروائي الفرنسي الشهير أونوريه دي بلزاك. وهناك في تلك المنطقة الآن مكتبة ضخمة واسعة في الهواء الطلق تضم أكثر من 300 ألف كتاب عبر أكشاك متناثرة وموزعة على أكثر من 12 رصيفاً تطل على ضفاف السين.
يعد الكثير من باعة الكتب القديمة اليوم من الموظفين المتقاعدين الذين يعيشون على المعاشات التقاعدية، وهم فئة غريبة ومثيرة للعجب من جامعي المؤلفات الأدبي والكتب، والمجلات. وهم يتحدرون من خلفيات أدبية وثقافية ومهنية متباينة للغاية وانتقائية تماماً من أساتذة الفلسفة المخضرمين، أو المطربين السابقين، وربما الصيادلة المتقاعدون كذلك.
ولقد انضمت فئة أخرى متزايدة من الأشخاص في الثلاثينات والأربعينات من أعمارهم إلى صفوف باعة الكتب القديمة على ضفاف السين، وكانت قد جذبتهم حرية العمل خارج المكاتب والمباني المغلقة إلى الوقوف تحت أشعة الشمس أو ربما تحت الأمطار الغزيرة من أجل الإبداع في بناء عالم أدبي خاص بهم داخل مساحة صغيرة ومحدودة للغاية.
وحتى قبل انتشار الوباء الفتاك، كان باعة الكتب القديمة على ضفاف السين يصارعون التغييرات الثقافية التي ألقت بظلالها على تجارة الكتب في كل الأماكن – على غرار الحقيقة التي تقول إن في خضم التحولات التكنولوجية الحديثة لا يفكر الناس كثيراً في قراءة الكتب المطبوعة كما كانوا من قبل، وهم إن فعلوا ذلك ففي غالب الأمر يفكرون في شرائها من على أحد مواقع البيع الإلكترونية على شبكة الإنترنت.
تعتبر السيدة إيلينا كاريرا، وهي تبلغ من العمر 30 عاماً، وقد تمكنت من افتتاح كشك بيع الكتب الخاص بها في العام الماضي، من جيل «إنستغرام» الحديث الذي شرع مؤخراً في احتلال موقع له على ضفاف نهر السين.
وتحقق السيدة كاريرا – التي تتميز بعرض دبابيس غريبة الشكل، وقصص «أستريكس» المصورة القديمة، وبعض المجلات العتيقة، والسيرة الذاتية الخاصة بالممثلة الفرنسية الشهير بريجيت باردو وغيرها – ما يقرب من نصف مبيعاتها عن طريق نشر لقطات من بضاعتها على صفحتها في منصة إنستغرام. كذلك يحاول الكثير من البائعين الجدد الذين دخلوا إلى ذلك المجال في الآونة الأخيرة تحقيق الجانب الأكبر من مبيعاتهم وأرباحهم عبر شبكة الإنترنت. تقول السيدة كاريرا عن ذلك «نحن نعتبر أنفسنا جزءاً من جيل الشباب الذين انخرطوا في هذه المهنة الجميلة من واقع عشقنا الكبير للكتب، وصرنا نحن المكلفين بمهمة المحافظة على هذه المهنة من الاندثار»، ثم أضافت تقول «لكن حتى نتمكن من القيام بذلك، ينبغي على باعة الكتب القديمة أن يواكبوا الزمن الحاضر ومتغيراته، فلا يمكن لنا أن نكون كمثل الديناصورات في المتاحف».
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

الفن المعاصر من الجمالية إلى صناعة القيمة

ثقافة وفنون المؤرخة أود دو كيروس

الفن المعاصر من الجمالية إلى صناعة القيمة

لعل من أهم سمات الكتابات النقدية المواكبة لتحولات الفن المعاصر عبر العالم، تلك التي تقرنه دوماً بمسعى الانزياح الجذري بدلالات كلمة «فن».

شرف الدين ماجدولين
ثقافة وفنون عباس محمود العقاد

«فلسفة الضحك» عبر التاريخ كما يرويها العقاد

رغم أن الطبعة الجديدة التي صدرت عن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة من كتاب «جحا الضاحك المضحك»، توحي بعمل مخصص لأشهر شخصية ساخرة في التراث العربي.

رشا أحمد (القاهرة)
ثقافة وفنون تاريخ العرب في الأندلس من منظور إنساني

تاريخ العرب في الأندلس من منظور إنساني

في روايته الجديدة «ولا غالب» الصادرة أخيراً عن دار «الشروق» بالقاهرة، يقدم الكاتب الكويتي عبد الوهاب الحمادي معالجة فنية ودرامية جديدة لتاريخ العرب في الأندلس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
كتب لودفيغ فتجنشتاين... ثورة هادئة على الفلسفة التقليدية

لودفيغ فتجنشتاين... ثورة هادئة على الفلسفة التقليدية

ضمن سلسلة «الفلسفة» التي تصدر عن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة، صدرت طبعة جديدة من كتاب «لودفيغ فتجنشتاين» للباحث المصري الراحل د. عزمي إسلام.

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «وجوه لا تغيب»... بورتريهات ترسم ملامح رموز ثقافية وفنية

«وجوه لا تغيب»... بورتريهات ترسم ملامح رموز ثقافية وفنية

يقدم كتاب «وجوه لا تغيب: بورتريهات في محبة مبدعين» للناقد المصري الدكتور علاء الجابري حالة من القراءة التحليلية الممزوجة بالمعلومات وبالتأمل.

عمر شهريار

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».