الجيش الإسرائيلي متحمس لتدخل بايدن في إعادة التنسيق الأمني مع الفلسطينيين

يرى أن اتفاقاً مع إيران يضمن لجم برنامجها الصاروخي

بايدن أثناء زيارة لإسرائيل مارس 2010 ويبدو نتنياهو إلى يمينه (رويترز)
بايدن أثناء زيارة لإسرائيل مارس 2010 ويبدو نتنياهو إلى يمينه (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي متحمس لتدخل بايدن في إعادة التنسيق الأمني مع الفلسطينيين

بايدن أثناء زيارة لإسرائيل مارس 2010 ويبدو نتنياهو إلى يمينه (رويترز)
بايدن أثناء زيارة لإسرائيل مارس 2010 ويبدو نتنياهو إلى يمينه (رويترز)

كشفت مصادر أمنية في إسرائيل أن قادة الجيش والمخابرات، طلبوا من الحكومة أن تسعى لدى طاقم الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، للتدخل لدى السلطة الفلسطينية، وإعادة التنسيق الأمني بين الجانبين.
وقالت هذه المصادر إن قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية يطلبون عودة التنسيق، نتيجة للأضرار اللاحقة بمصالح الطرفين منذ أن أوقفه الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، أواسط مايو (أيار) الماضي، رداً على إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن مخطط ضم 30 في المائة من أراضي الضفة الغربية المحتلة (غور الأردن وشمال البحر الميت). وأكدوا أن عمل الجيش والمخابرات تضاعف خلال هذه الفترة، وأن المسؤولين الفلسطينيين والجمهور الواسع بات يعاني من مصاعب السفر والتنقل. والأمر يثير موجة تذمر وغضب ويجعل الوضع متوتراً وقابلاً للانفجار.
وكانت قيادات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قد التأمت لتقييم الأوضاع في ضوء انتخاب بايدن رئيساً للولايات المتحدة والبحث في كيفية انعكاس هذا الانتخاب على الأوضاع الأمنية في الشرق الأوسط، وعلى إسرائيل بشكل خاص. وضمن التقييم، جاء أنهم يتوقعون استئناف العلاقات بين السلطة الفلسطينية وإدارة بايدن، وبضمن ذلك إعادة التنسيق الأمني بين جهاز الأمن الوقائي والمخابرات الأميركية، التي قطعها عباس أيضاً عندما أوقف التنسيق مع إسرائيل، وأكدوا أن التنسيق مع المخابرات الأميركية يفتح الطريق أمام التنسيق مع إسرائيل.
وكانت أبحاث أجهزة الأمن الإسرائيلية قد تطرقت إلى عدد آخر من القضايا الإقليمية والعالمية، ففي الموضوع الفلسطيني، توقعوا فتح صفحة جديدة بين واشنطن ورام الله تعيد الدعم الأميركي المالي والعلاقات الدبلوماسية (إعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن وإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية). وأكدوا أنهم لا يتوقعون تطورات درامية حول المفاوضات السياسية، لكنهم يتوقعون تطورات مهمة، مثل أن يعود عباس لتلقي أموال الضرائب والجمارك الفلسطينية، التي تجبيها إسرائيل وترفض السلطة تسلمها وفق الشروط الإسرائيلية. وترى أن هذا كله يسهم في استقرار الوضع الاقتصادي والأمني بشكل تدريجي.
وقال مصدر أمني، وفقاً لصحيفة «يسرائيل هيوم»، أمس (الاثنين)، إن هناك قلقاً ما في إسرائيل من احتمال استئناف الضغوط الدولية عليها لتقديم تنازلات للفلسطينيين، فإن لم تفعل، فسيؤدي ذلك إلى توتر الأوضاع والتأثير السلبي على العلاقات بين إسرائيل والدول العربية. وفي السياق نفسه، قال مصدر أمني آخر لصحيفة «معريب»، أمس، إنه «لا يتوقع المساس بالاتفاقات بين إسرائيل والدول العربية، لأنها تعتبر توقيع هذه الاتفاقات نقطة تحول استراتيجي كبير في المنطقة، ولكن ينبغي توفر حساسية تجاه العرب ورغبتهم في إيجاد حل للقضية الفلسطينية».
وفي الموضوع الإيراني، أكد قادة الأجهزة الأمنية، أنهم لا يرون في خسارة الرئيس دونالد ترمب الانتخابات، نهاية للمعركة والمصالح المشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة في هذه القضية. ويثمنون إسهام السياسة الأميركية في السنوات الأخيرة ضد النظام الإيراني. وعلى الرغم من قلقهم من عودة إدارة بايدن إلى الاتفاق النووي مع إيران، فقد أكدوا أنه لو فاز ترمب أيضاً، كان سيتجه نحو إبرام اتفاق مع طهران. ولكن التخوف هو من أن تقبل إدارة بايدن بشروط مشابهة لتلك التي شملها الاتفاق الأصلي، الذي تم التوصل إليه في نهاية ولاية الرئيس الأسبق، باراك أوباما. وأوضحوا أن العودة إلى إطار اتفاق الدول الكبرى مع إيران حول النووي الإيراني، لا يعد توجهاً سلبياً بالضرورة ما دام الحديث يدور عن اتفاق أفضل ويشمل لجم البرنامج الصاروخي الإيراني ومحاولات التموضع في المنطقة. واقترحوا على الحكومة ان تأخذ توجهاً إيجابياً نحو إدارة بايدن حتى تتبنى المطالب الإسرائيلية في هذه المفاوضات.
وتركز البحث في نصفه الثاني حول العلاقات الثنائية، السياسية والعسكرية والاستراتيجية، فعبروا عن ثقتهم بأن «علاقات العمل الوثيقة بين الأجهزة المهنية في إسرائيل والولايات المتحدة ستبقى كما هي، ولن يتم المساس بها نتيجة تغيير الإدارة في واشنطن، بعد غياب ترمب. وهذا تعاون وثيق جارٍ بين وزارتي الأمن، والجيشين وأجهزة الاستخبارات في الولايات المتحدة وإسرائيل، وتم الحفاظ عليها في الماضي إثر تغير الإدارات في واشنطن. وإدارة بايدن ستستمر في الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل في الشرق الأوسط، وعلى المساعدات العسكرية الأميركية السنوية، التي أقرت في زمن أوباما بقيمة 3.8 مليار دولار في السنة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.