تركيا تخلي نقطتها العسكرية في معر حطاط جنوب إدلب

الفصائل الموالية تحفر خنادق على محاور التماس مع «قسد»

عجوز من مخيم سلوى قرب الحدود السورية التركية تجمع الخشب للتدفئة (أ.ف.ب)
عجوز من مخيم سلوى قرب الحدود السورية التركية تجمع الخشب للتدفئة (أ.ف.ب)
TT

تركيا تخلي نقطتها العسكرية في معر حطاط جنوب إدلب

عجوز من مخيم سلوى قرب الحدود السورية التركية تجمع الخشب للتدفئة (أ.ف.ب)
عجوز من مخيم سلوى قرب الحدود السورية التركية تجمع الخشب للتدفئة (أ.ف.ب)

بدأت القوات التركية، أمس (الأحد)، مغادرة نقطة معر حطاط العسكرية ذات الأهمية الاستراتيجية على الطريق الدولي حلب - دمشق (إم 5) جنوب محافظة إدلب بعد أن سبق وأخلت نقطتين في شمال حماة بموجب اتفاق بين أنقرة وموسكو على سحب النقاط الواقعة في مناطق سيطرة النظام.
وقادت عملية عسكرية لقوات النظام السوري دعمتها روسيا في منطقة خفض التصعيد شمال غربي سوريا، مطلع العام الحالي، إلى محاصرة 13 نقطة مراقبة تركية. وأقامت تركيا 68 نقطة مراقبة عسكرية في شمال غربي سوريا بموجب اتفاق مناطق خفض التصعيد الموقع في أستانة بين تركيا وروسيا وإيران، عام 2017. بدأت بـ12 نقطة في إدلب.
وخرجت أمس نحو 50 آلية عسكرية من بينها شاحنات تحمل معدات لوجيستية وهندسية، من نقطة معر حطاط التي تتوسط مدينتي خان شيخون ومعرة النعمان جنوب إدلب ما يكسبها أهمية استراتيجية نظراً لإشرافها على الطريق الدولي الذي يربط بين حلب ودمشق (إم 5). وتوجهت الآليات المنسحبة من قرية معر حطاط إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة وتمركزت في النقطة التركية بقرية نحليا جنوب إدلب.
وتحتفظ القوات التركية بنقطتين عسكريتين قرب قرية معر حطاط، ويرجح أن تبدأ بإخلاء النقطة الثانية قريباً. يأتي ذلك بعد انتهاء القوات التركية من تفكيك أكبر نقاط مراقبتها في مورك، شمال حماة، ومواصلة الانسحاب من نقطة شير مغار في جبل شحشبو في المنطقة ذاتها، وذلك في إطار اتفاق مع روسيا على إخلاء نقاط المراقبة التركية من مناطق سيطرة النظام.
في غضون ذلك، تجدد القصف الصاروخي من قبل قوات النظام على منطقة خفض التصعيد، أمس، حيث استهدفت بالقذائف الصاروخية والمدفعية مناطق في فليفل وسفوهن والفطيرة ومحيط البارة وبينين، ضمن ريف إدلب الجنوبي.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، قد أفاد، أول من أمس، بمقتل 7 مقاتلين من أوزبكستان، جراء استهداف نقطة عسكرية تابعة لهم من قبل طيران مسير في منطقة سرجة ضمن جبل الزواية، بريف إدلب الجنوبي. وتتبع المجموعة المستهدفة لـ«هيئة تحرير الشام»، ضمن ما يُعرف بـ«المجموعة الاستشهادية»، كما أن الطائرة التي استهدفت النقطة «انتحارية»، أي أنها انقضت وقصفت النقطة ودمرت ذاتياً بعد ذلك.
على صعيد آخر، بدأت الفصائل الموالية لتركيا حفر خنادق ضخمة مزدوجة على المحاور الممتدة من ناحية تل تمر، وصولاً إلى عالية بريف الحسكة في شرق الفرات، على خطوط التماس مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
ونقل المرصد عن مصادر وصفها بـ«الموثوقة»، أن عمق تلك الخنادق يبلغ نحو 3 أمتار، وبعرض مترين، إضافة إلى رفع سواتر ترابية على محيطها.
وأضافت المصادر أن الفصائل المدعومة من أنقرة، منعت الفلاحين من الاقتراب وحراثة أراضيهم وزراعتها، في القرى الواقعة على خطوط الاشتباك في قرى المحمودية وعنيق الهوى والقاسمية والريحانية قرب منطقة تل تمر في ريف الحسكة الشمالي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.