الفلسطينيون يتنفسون الصعداء برحيل ترمب

عباس مستعد للعمل مع إدارة بايدن... وأشتية يطالبه بالدولة الفلسطينية

صورة أرشيفية للقاء جو بايدن والرئيس الفلسطيني عباس في رام الله مارس 2011 (غيتي)
صورة أرشيفية للقاء جو بايدن والرئيس الفلسطيني عباس في رام الله مارس 2011 (غيتي)
TT

الفلسطينيون يتنفسون الصعداء برحيل ترمب

صورة أرشيفية للقاء جو بايدن والرئيس الفلسطيني عباس في رام الله مارس 2011 (غيتي)
صورة أرشيفية للقاء جو بايدن والرئيس الفلسطيني عباس في رام الله مارس 2011 (غيتي)

تنفس الفلسطينيون الصعداء برحيل الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن منصبه، ووصول الرئيس المنتخب جو بايدن إلى السلطة، بعد نحو 3 سنوات يمكن وصفها، بالأسوأ في تاريخ العلاقات بين السلطة الفلسطينية والإدارة الأميركية. ويمثل فوز بادين فرصة للسلطة من أجل التخلص من أزمات متراكمة وضعتها فيها إدارة ترمب، وأثارت الكثير من المخاوف حول إمكانية أن تؤدي في النهاية إلى انهيارها.
وفورا انتهز الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فرصة فوز بايدن رئيسا للولايات المتحدة الأميركية للفترة المقبلة، وهنأه مع نائبته المنتخبة كمالا هاريس. وأعرب عباس الذي وبخ في خطاباته، ترمب، مرارا، عن تطلعه «للعمل مع الرئيس المنتخب بايدن وإدارته من أجل تعزيز العلاقات الفلسطينية الأميركية وتحقيق الحرية والاستقلال والعدالة والكرامة لشعبنا، وكذلك للعمل من أجل السلام والاستقرار والأمن للجميع في منطقتنا والعالم».
ورسالة عباس تمثل بداية إنهاء المقاطعة التي أعلنتها السلطة مع الإدارة الأميركية منذ إعلان ترمب القدس عاصمة لإسرائيل، كما أنها ستكون بداية للعودة إلى الاتفاقات التي جمدتها السلطة مع إدارة ترمب. وكانت السلطة أوقفت جميع الاتصالات السياسية والأمنية مع الإدارة الأميركية احتجاجا على سلسلة من الضربات التي وجهتها إدارة ترمب للسلطة، وتمثلت باعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وإغلاق قنصلية منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وطرد ممثلها هناك، وإلغاء مساعدات بمئات الملايين من الدولارات للسلطة، ثم إعلان صفقة القرن ودعم خطة إسرائيلية لضم أجزاء من الضفة الغربية، ودعم اتفاقات عربية إسرائيلية ضد رغبة الفلسطينيين في هذا الوقت. وعقب نبيل شعث، أحد كبار مستشاري رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على رحيل ترمب، بالقول: «لقد كان أسوأ رئيس أميركي بالنسبة لقضيتنا. لقد كان كارثة».
والفرحة برحيل ترمب يمكن تلمسها في كل مكان في الأراضي الفلسطينية، إذ يتطلع الناس هناك إلى استقرار سياسي واقتصادي واستعادة الدعم المالي الأميركي وتسوية الأمور العالقة مع إسرائيل، بما يسمح باستعادة أموال الضرائب وانتظام صرف الرواتب، ناهيك عن الرغبة الجامحة بالتشفي بالرئيس الذي عاداهم طويلا وأعطى إسرائيل كل شيء. وجاء فوز بايدن في وقت كانت تعاني فيه السلطة من حصار أميركي وإسرائيلي وخلاف مع دول عربية، رفقة أزمة مالية كبيرة، ما ترك مخاوف حول مستقبل السلطة السياسي. وساعد رحيل ترمب على تبديد مثل هذه المخاوف التي لم يخفيها سابقا مسؤولون سياسيون.
وأوضح رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية هذه المسألة بشكل واضح، قائلا لمجموعة من البرلمانيين الأوروبيين في أكتوبر: «إذا كنا سنعيش 4 سنوات أخرى مع الرئيس ترمب، فالله يساعدنا ويساعدكم ويساعد العالم كله». لكن أشتية الذي فرح مثل غيره بفوز بايدن، أعلن أمس أنه يأمل «من الإدارة الأميركية الجديدة العمل على مسار سياسي جدي على أساس الشرعية الدولية وحل الدولتين».
وأضاف أشتية، في تغريدة عبر حسابه على تويتر: «نهنئ الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن ونائبته المنتخبة كمالا هاريس، بالفوز بالانتخابات».
وأضاف أشتية بكثير من الشجاعة: «نأمل من الإدارة الجديدة الاعتراف بفلسطين، وأن يكون الموضوع الفلسطيني على أجندة أولوياتها، كون الرئيس محمود عباس خير شريك لأي مسار سياسي قد يصل إلى حل». وتابع: «كما نتطلع إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وفلسطين، دون ربط ذلك بإسرائيل».
وتوقعت صحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية، أن تبدأ السلطة بأخذ العلاقات إلى الأمام ببطء مع واشنطن، وهو ما يفسر لماذا لم يشر عباس في بيانه الموجز إلى عملية السلام وإسرائيل وحل الدولتين وحدود 1967. وقالت الصحيفة، إن عباس يريد أولا إعادة العلاقات التي قطعت بالكامل مع واشنطن قبل إعادة العملية السياسية إلى الخطاب. وليس فقط السلطة الفلسطينية، ولكن أيضا إن معارضي اتفاقات السلام مع إسرائيل، أبدوا إشارات ارتياح من رحيل ترمب. ودعا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، الرئيس الأميركي المنتخب جون بايدن، إلى تصحيح تاريخي لمسار السياسات الأميركية الظالمة للشعب الفلسطيني والتي جعلت من الولايات المتحدة شريكا في الظلم والعدوان، وأضرّت بحالة الاستقرار في المنطقة والعالم، وحالت دون القدرة الأميركية أن تكون طرفا مركزيا في حل النزاعات. وأضاف في تعقيب له على نتائج الانتخابات الأميركية: «لقد عانى شعبنا الفلسطيني على مدار العقود الماضية من انحياز الإدارات الأميركية لصالح الاحتلال، وكان الرئيس ترمب وإدارته الأكثر تطرفا في دعم الاحتلال على حساب الحقوق الوطنية الفلسطينية».
وطالب هنية الإدارة المنتخبة بالتراجع عما يسمى صفقة القرن وإلغاء قرار اعتبار القدس عاصمة للاحتلال ونقل السفارة الأميركية إليها بشكل يخالف كل المواقف والقرارات الدولية، داعيا إلى إنهاء كل القرارات المتعلقة بمحاولات تصفية قضية اللاجئين خاصة تقليص الدعم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في محاولة إنهائها.
كما دعا هنية الإدارة الأميركية إلى احترام إرادة الشعب الفلسطيني وخياراته الديمقراطية ومساره الكفاحي، وكذلك التوقف عن ممارسة الضغوط على دول وشعوب المنطقة من أجل فرض التطبيع مع الاحتلال.
وأكد «أن الشعب الفلسطيني سيواصل نضاله وكفاحه بكل الوسائل المشروعة لإنهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال والعودة، وسنواصل السير وبقوة في تعزيز مسار الوحدة الوطنية والتقارب الفلسطيني الداخلي لمواجهة التحديات كافة الساعية لتصفية القضية الفلسطينية، والعمل لتحقيق أهداف شعبنا وتطلعاته الوطنية».
ولا يتوقع كثيرون في فلسطين تغييرا جذريا في السياسة الأميركية في المنطقة، لكنهم يعولون على إدارة حكيمة وهادئة للصراع ستخرج السلطة على الأقل من عين العاصفة.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.