شروط باسيل لتسهيل تأليف الحكومة تعيد المشاورات إلى الصفر

«حزب الله» لن يترك حليفه لقمة سائغة للآخرين

الحريري مستقبلاً باسيل وتكتله النيابي خلال المشاورات النيابية في 23 أكتوبر الماضي
الحريري مستقبلاً باسيل وتكتله النيابي خلال المشاورات النيابية في 23 أكتوبر الماضي
TT

شروط باسيل لتسهيل تأليف الحكومة تعيد المشاورات إلى الصفر

الحريري مستقبلاً باسيل وتكتله النيابي خلال المشاورات النيابية في 23 أكتوبر الماضي
الحريري مستقبلاً باسيل وتكتله النيابي خلال المشاورات النيابية في 23 أكتوبر الماضي

قال مصدر سياسي لبناني إن رئيس «التيار الوطني الحر»، النائب جبران باسيل، أراد في رده على العقوبات المفروضة عليه من وزارة الخزانة الأميركية الدخول على خط المشاورات الجارية بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري، للالتفاف على المواصفات التي ينطلق منها الأخير لتسريع ولادتها، مع أنه أشار إلى أن فرض العقوبات قد يكون سبباً للإسراع في تشكيلها، ما يُنذر بالعودة إلى المربع الأول، أي نقطة الصفر، في حال تبنى عون شروطه، ولقي تأييداً من «حزب الله» الذي يرفض الضغط على باسيل قبل صدور العقوبات، وبالتالي لن يتركه وحيداً بعد صدورها لئلا ينفرد به خصومه.
فباسيل حرص في رده، أمس، على العقوبات على تأكيد أنها تستهدفه على خلفية خياراته السياسية، وعدم رغبته بفك ارتباطه بـ«حزب الله»، لتمرير رسالة لحليفه بأن العقوبات ستُستخدم للإخلال بالتوازنات الداخلية، وتحديداً من قبل خصومه للإدارة الأميركية الراحلة التي تستعد لمغادرة البيت الأبيض بعد الهزيمة التي مُني بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على يد منافسه جو بايدن.
لذلك أصر باسيل -كما يقول المصدر السياسي لـ«الشرق الأوسط»- على إقحام التداعيات المترتبة على العقوبات الأميركية المفروضة عليه في المشاورات الجارية بين الحريري وعون، رغم أن اجتماعها الأخير لم يحقق أي تقدم، وبقيت المواقف المتباينة من تشكيل الحكومة على حالها، لأن الأجواء التي سادت الاجتماع حالت دون تخصيص الوقت الكافي لاستكمال النقاش بينهما، إذ إن «شبح» العقوبات كان حاضراً بامتياز على الأقل من جانب عون.
وفي هذا السياق، لفت المصدر نفسه إلى أن باسيل أوحى بأنه مع تسهيل تشكيل الحكومة، لكن بشروطه التي يعتبرها بمثابة خريطة طريق، محذراً من أن عدم الالتزام بمعايير واحدة تُعتمد في تشكيلها سيؤخر ولادتها، وأن من يؤخرها يتحمّل المسؤولية، وهذا ما يشكّل انقلاباً على المعايير التي ينطلق منها الحريري.
وقال المصدر إن الحريري لن ينساق لشروط باسيل، إن لناحية عدد الوزراء أو لجهة تسمية الوزراء، وسيكون له الرد المناسب، وربما إلى ما بعد استكشافه لموقف عون للتأكد ما إذا كان مطابقاً لوجهة نظر باسيل أم أنه على استعداد للتمايز عنه، مع أن هناك من يستبعد أن يتركه وحيداً، بل سيبادر إلى احتضانه.
ورأى أن الحريري سيبني، في ضوء الموقف النهائي لعون، على الشيء مقتضاه، وسأل ما إذا كان الرئيس المكلف سيذهب هذه المرة للقائه حاملاً بيده تصوراً أولياً لتشكيل حكومة من 18 وزيراً ولم يعترض عون على حجمها، وإن كانت جهات مقرّبة منه أوعزت بأنه أعاد النظر بموقفه استجابة لطلب باسيل.
ومع أن المصدر السياسي لم يجزم ما إذا كان الحريري على استعداد للموافقة على توسيع دائرة الاستثناءات، لجهة عدم تطبيق المداورة في توزيع الحقائب بحذافيرها، في ضوء ما أخذ يروّجه خصومه من أنه سيبقي على حقيبة الداخلية من حصة الطائفة السنّية، فإن مصادر نيابية أخذت تلوم الحريري على تردّده في التقدّم من عون بمشروع تشكيلة وزارية لاختبار رد فعله لقطع الطريق على ربط تأليفها بالعقوبات التي استهدفت باسيل.
وأضاف أن العقوبات لم تفاجئ الوسط السياسي، وكانت متوقعة، وهذا ما يجب أن يؤخذ في الاعتبار، خصوصاً أن البلد لا يحتمل تمديد المراوحة في مشاورات التأليف، وإلا كيف تُصرف الأجواء الإيجابية التي يتحدث عنها عون بلسان مكتبه الإعلامي، وحتى في مقابل عدم صدور أي تعليق عن الحريري، ولا على لسان مكتبه الإعلامي؟
وأكد المصدر أن «حزب الله» لن يفرّط بعلاقته بباسيل، وسيلاقيه في أول الطريق، بغية توفير كل الدعم له لأن العقوبات التي استهدفته جاءت لأسباب سياسية تتعلق بتحالفه معه، وبالتالي سيرد عليها بتشديد تحالفه معه، وصولاً إلى تصدّيه لكل من يحاول إضعافه في التسوية المعقودة على تشكيل الحكومة، وتحويله إلى لقمة سائغة للآخرين.
وقال إن «حزب الله» سيشكل رأس حربة لتعويم باسيل، ولن يسمح بمعاقبته أو الاقتصاص منه، تحت عنوان إضعافه في التشكيلة الوزارية، حتى لو اضطر للدخول في تباين مع حليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يضغط لإخراج مشاورات التأليف من المراوحة. ونُقل عن مصادر نيابية قولها إن التقدّم بمشروع تركيبة وزارية من شأنه أن يضغط باتجاه إعادة تحريك المشاورات التي ما زالت تدور في حلقة مفرغة، إضافة إلى أنها تختبر ميدانياً رد فعل عون.
وسأل إذا كان «حزب الله» يحرص على توفير الحماية السياسية لباسيل في وجه العقوبات، والتعامل معها كأنها لم تكن، فالأحرى بعون أن ينبري ليس للدفاع عنه فحسب، وإنما للقتال إلى جانبه ليكون الحاضر الأول في الحكومة العتيدة، وهذا يعني أن رئيس الجمهورية في حال قرر دعم باسيل على بياض سيُقحم نفسه في اشتباك سياسي مع الحريري الذي لن يعتذر عن التكليف، ويصر على أن تستجيب الحكومة العتيدة للمبادرة الفرنسية التي طرحها الرئيس إيمانويل ماكرون لإنقاذ لبنان، وبالتالي ليس هناك ما يمنعه من أن تتشكل من وزراء تكنوقراط مائة في المائة، لا شبهات تحوم من حولهم.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.