بايدن يكسب معركة الرئاسة… وترمب يحذّر من «فوز مزيّف»

حملة الرئيس الجمهوري متمسكة بالمسار القضائي رغم «طعنة بنسلفانيا»

أنصار جو بايدن يحتفلون بإعلانه الفوز في العاصمة واشنطن أمس (أ.ب)
أنصار جو بايدن يحتفلون بإعلانه الفوز في العاصمة واشنطن أمس (أ.ب)
TT

بايدن يكسب معركة الرئاسة… وترمب يحذّر من «فوز مزيّف»

أنصار جو بايدن يحتفلون بإعلانه الفوز في العاصمة واشنطن أمس (أ.ب)
أنصار جو بايدن يحتفلون بإعلانه الفوز في العاصمة واشنطن أمس (أ.ب)

«أميركا، يشرفني أنك اخترتني لقيادة بلدنا العظيم»، بهذه التغريدة، أعلن المرشح الديمقراطي نائب الرئيس السابق جو بايدن انتخابه رئيساً هو الـ46 للولايات المتحدة، خلفاً للرئيس دونالد ترمب الذي سارع إلى تحذير بايدن من فوز «مزيف»، قائلاً إن الأخير «يسارع في إظهار نفسه بشكل زائف» على أنه الرابح في الانتخابات.
وكانت تغريدة بايدن الذي سيكون أكبر الرؤساء الأميركيين سناً عند توليه المنصب في يناير (كانون الثاني) المقبل (78 عاماً)، بمثابة انعكاس لخطاب النصر الذي ألقاه ليلاً في مدينة ويلمينغتون بولاية دالاوير التي ترعرع فيها، وارتقى كل درجات السلم في الحياة السياسية الأميركية. وقال في التغريدة ذاتها، إن «العمل الذي ينتظرنا سيكون صعباً»، مضيفاً: «لكني أعدكم بهذا: سأكون رئيساً لجميع الأميركيين - سواء صوتوا لي أو لم يصوتوا لي»، مضيفاً: «سأصون ثقتكم بي».
بدورها، غرّدت كامالا هاريس، التي دخلت التاريخ باعتبارها أول امرأة أميركية تصل إلى هذا المنصب، علماً بأنها من أصول جامايكية وهندية، بعبارة: «فعلناها يا جو بايدن»، مرفقة هذه العبارة بشريط فيديو قصير تتحدث فيه على الهاتف مع الرئيس المنتخب.
وفور إعلان وسائل الإعلام النتيجة، عمت الاحتفالات في دالاوير وفي كل أنحاء الولايات المتحدة. بينما تظاهرت مجموعات مؤيدة للرئيس ترمب.
وجاءت هذه النتيجة بعدما أغلقت عمليات الفرز المتواصلة للأصوات كل الأبواب أمام إمكانات حصول الرئيس ترمب على تجديد إقامته لأربع سنوات إضافية في البيت الأبيض، وبعدما بدا ساعة بعد ساعة أن بايدن يتقدم ويوسع الفارق في أربع من الولايات المتأرجحة، لا سيما في بنسلفانيا التي انقلبت من اللون الأحمر للجمهوريين إلى اللون الأزرق للديمقراطيين، فضلاً عن ولاية نيفادا، ما أعطى بايدن ما يزيد على الأصوات الـ270 الضرورية في المجمع الانتخابي المؤلف من 538 ناخباً كبيراً، التي يمكنها أن تجعله الرئيس الـ46 للولايات المتحدة.
- فوز بنسلفانيا
وبعدما حصل في بنسلفانيا على 20 ناخباً كبيراً إضافيين إلى الـ253 الذين حصل عليهم من ولايات أخرى، نال بايدن 273 صوتاً من المجمع الانتخابي، علماً بأنه ربما يحصل على المزيد من كل من جورجيا وأريزونا. وهذا ما جعله قاب قوسين أو أدنى عملياً من عتبات البيت الأبيض، علماً بأنه فاز أيضاً بأكثر من 75 مليون صوت في التصويت الشعبي، وهذا أكثر من أربعة ملايين صوت زيادة على نحو 70 مليون صوت حصل عليها الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب. ووصف البعض نتيجة بنسلفانيا بأنها «الطعنة» التي أنهت أي أمل لترمب في ولاية رئاسية ثانية.
ولم تبقِ التطورات الاستثنائية في أكبر معركة انتخابية تشهدها الولايات المتحدة منذ أكثر من قرن إلا خيارات ثلاثة: أولها أن يقر الرئيس ترمب بهزيمته وبانتصار بايدن، وهذا ما رفضه ترمب. أو أن ترفض المحاكم الدعاوى القضائية التي تقدمت بها حملته الجمهورية لإبطال النتائج أو إعادة فرز الأصوات، وهذا لم يحسم بعد. أو قبول بعض المظالم عبر المحاكم، بما فيها المحكمة العليا.
وهذا الخيار الأخير، ولكن شبه المستحيل، أمام حصول الرئيس الـ45 دونالد ترمب على ولاية ثانية. وأوضح خبراء أن إجراءات التقاضي أمام المحاكم الأميركية تستوجب تقديم أدلة على أي ادعاءات محتملة بشأن حصول عمليات غش أو احتيال أو تزوير خلال العملية الانتخابية أو عند فرز الأصوات. وتنقل إجراءات التقاضي إلى المحكمة العليا، إذا أخفقت الأنظمة القضائية في الولايات المعنية بتسوية المنازعات.
واستعد أنصار بايدن للاحتفال بهذا النصر ليل أمس، عقب أيام من الاستعدادات في ويلمينغتون التي تقاطر إليها آلاف الصحافيين، وكذلك عدد كبير من عناصر الشرطة السرية الأميركية التي تتوالى حماية الرئيس ونائبة الرئيس كامالا هاريس، التي دخلت التاريخ باعتبارها أول أميركية تصل إلى هذا المنصب الرفيع، علماً بأنها من أصول جامايكية وهندية. ووزع متطوعون آلاف اللافتات الخاصة بحملة بايدن وهاريس. وورفعوا علماً أميركياً عملاقاً، وزينوا منصة الاحتفال استعداداً لهذه المناسبة التي كانت متوقعة الجمعة، وتأخرت إلى السبت، بسبب بطء عمليات فرز الأصوات.
- دعاوى فريق ترمب أمام المحاكم
وقبل إعلان التوقعات الإعلامية بفوز بايدن، غادر ترمب البيت الأبيض للمرة الأولى منذ اليوم الانتخابي، متوّجهاً إلى نادي الغولف الذي يملكه في ضواحي فرجينيا. وهو كان قد أطلق تغريدة جاء فيها: «أنا فزت بهذه الانتخابات، وبفارق كبير!»، سرعان ما أرفقتها إدارة المنصة بتحذير للمتابعين من عدم دقّتها. ولم يعترف ترمب في الوقت الحاضر بهزيمته، ولا يعرف ما إذا كان يعتزم الاستمرار في نقض النتائج وتوجيه اتهامات بحصول عمليات تزوير.
وواصل الجمهوريون ضغوطهم من أجل إيجاد المنافذ القانونية لعرض مظالمهم الانتخابية أمام المحاكم في الولايات الحاسمة، لا سيما في بنسلفانيا وجورجيا ونيفادا وأريزونا، مؤكدين أنهم سيتوجهون أيضاً الى المحكمة العليا الأميركية.
وبعدما استمر تراجع ترمب خلف بايدن، الذي بات على أعتاب البيت الأبيض، وأظهرت الدعاوى التي رفعتها حملة ترمب حتى الآن احتمالات ضئيلة لتغيير النتائج، شبّه خبراء قانونيون من كلا الحزبين هذه الجهود بأنها «الرمق الأخير» في حظوظه.
ومع استمرار الاتهامات غير المسندة حتى الآن من الرئيس ترمب وحملته الجمهورية عن «خداع» ومخالفات ارتكبها الديمقراطيون خلال عمليات الاقتراع والفرز بهدف «سرقة الانتخابات»، كرر بايدن مناشداته لأنصاره من أجل «التحلي بالهدوء والصبر» ريثما تنتهي عمليات فرز الأصوات في الولايات الخمس الحاسمة، مؤكداً أن كل صوت سيحسب. ووافقت وسائل الإعلام الأميركية على أنه «لا أدلة» على وجود شوائب في العملية الانتخابية وعمليات الفرز المتواصلة حتى الآن. ورغم ذلك، أطلق الرئيس ترمب العنان السبت، لتغريدات يكرر فيها الاتهامات بشأن مخالفات في الولايات المتأرجحة، معلناً تصميمه على إيصال صوته إلى المحكمة العليا للبت في هذه المنازعات.
وانتقد بعض الجمهوريين من الذين يعارضونه عادة، تصريحاته الأخيرة. وقال السيناتور ميت رومني: «ستفرز الأصوات، إذا كانت هناك مخالفات مزعومة، سيجري التحقيق فيها وحلها في نهاية المطاف في المحاكم». وخاطب النائب آدم كينزينغر ترمب من دون أن يسميه: «إذا كانت لديك مخاوف مشروعة بشأن تزوير، فقدم الأدلة وحولها إلى المحكمة. توقف عن نشر معلومات خاطئة مزيفة».
ورغم ذلك، واصل وكلاء الدفاع عن ترمب محاولاتهم لرفع دعاوى وقضايا، أملاً في إبطال بعض النتائج، أو إعادة الفرز، أو وقف إحصاء بطاقات الاقتراع التي وصلت عبر البريد.
وقدم الحزب الجمهوري في ولاية بنسلفانيا طلباً طارئاً جديداً إلى المحكمة العليا الأميركية يطلب من القضاة أن يأمروا بفصل بطاقات الاقتراع في الولاية في غضون ثلاثة أيام بعد يوم الانتخابات. واستعد مسؤولو الولاية لاحتمال رفع دعاوى ما بعد الانتخابات، متعهدين بالفعل القيام بذلك. وأمر القاضي صموئيل أليتو المقاطعات الـ67 في الولاية بالامتثال لهذا الأمر.
وجاء ذلك بعدما حققت حملة ترمب نصراً قانونياً جزئياً في بنسلفانيا، عندما أعلن قاضي محكمة الاستئناف في الولاية أنه «يجب السماح لمراقبين جمهوريين بإلقاء نظرة فاحصة على إجراءات التصويت».
- من ريف فيلادلفيا إلى صحراء نيفادا
وهدد ترمب ومحاموه منذ الأربعاء، أي اليوم التالي للانتخابات، باتخاذ سلسلة من الإجراءات القانونية - من ريف فيلادلفيا إلى صحراء نيفادا - حين بدأت النتائج تظهر تفوق بايدن عليه. وباشر هذه المحاولات الفعلية في ميشيغان للمطالبة بوقف فرز بطاقات الاقتراع بالبريد. لكن القضاة هناك ردوا الدعوى. وسرعان ما حاول القيام بخطوة مشابهة في جورجيا، فوجد أمامه مصيراً مماثلاً.
ونقل معاركه هذه إلى نيفادا، حيث توعدت حملته الجمهورية بدعوى تدعي فيها أن آلافاً من غير المقيمين صوتوا، مستندة إلى ادعاء ناخبة واحدة بأنها لم تصوت بالبريد، خلافاً لما قاله مسؤولو الانتخابات في الولاية. وجاء ذلك أيضاً بعدما تعهد فريق ترمب رفع دعوى قضائية عن مخالفات تصويت في نيفادا، حيث قال المدعي العام السابق آدم لاكسالت، وهو حليف لحملة ترمب: «نعتقد أن هناك أصوات ناخبين متوفين ضمن عملية الفرز». ورد أحد وكلاء بايدن المحامي بوب باور أن الدعاوى القضائية «لا أساس لها من الناحية القانونية»، وهدفها «توجيه رسائل مضللة في شأن ما يحدث في العملية الانتخابية».
وكان محامو الرئيس الجمهوري رفعوا عدداً من الدعاوى للطعن في عملية فرز الأصوات وزعم حدوث مخالفات وانعدام الشفافية. وطالبوا بإعادة فرز الأصوات في ولاية ويسكونسن، مستندين إلى أنه يحق لأي مرشح تفصله عن منافسه نسبة أقل من واحد في المائة، أن يطالب بإعادة الفرز. بيد أن بايدن تقدم على ترمب هناك بـ20 ألف صوت، علماً بأن عمليات إعادة الفرز السابقة في الولاية لم تثمر عادة إلا عن فروق ببضع مئات من الأصوات.
- مهمة صعبة
من المتوقّع أن يتولى بايدن منصبه في العشرين من يناير (كانون الثاني)، ليواجه سلسلة من الأزمات، تتقدمها أزمة وباء كورونا، الذي يسقط أكثر من ألف ضحية يومياً في الولايات المتحدة، ويصيب عشرات الآلاف.
كما ينبغي على إدارة بايدن إعادة بناء الاقتصاد، وخلق الملايين من فرص العمل، وإعادة بناء علاقات أميركا مع حلفائها المقربين والمنظمات الدولية. ولعل التحدي الأكثر صعوبة هو أن توحيد أمة منقسمة بشدة، بسبب الاستقطاب الحزبي والتوتر العرقي، والحروب الثقافية المستمرة.
وسيضطر بايدن على الأرجح إلى العمل مع مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون (حتى اللحظة)، على عكس باراك أوباما الذي كان قادراً على العمل مع الكونغرس وهو بالكامل في أيدي الديمقراطيين.
أما ترمب، فهزيمته ستضع رئاسته في صفوف أولئك الذين لم يفوزوا بولاية ثانية في المنصب. لكن من غير المرجح أن يسير على خطى الرؤساء السابقين مؤخراً مثل جورج إتش. بوش وجيمي كارتر وجيرالد فورد، الذين تقاعدوا من الحياة السياسية اليومية. بدلاً من ذلك، من المرجح أن يكون ترمب معلّقاً «غزير الإنتاج» عبر «تويتر»، ومشاركاً نشطاً في تشكيل الجيل القادم من الحزب الجمهوري الذي صاغه في عباءته الشخصية.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.