لم تكف تطمينات توفيق شرف الدين، وزير الداخلية التونسية، وتصريحاته حول ضرورة توفر مقاربة شاملة في التعامل مع ملف المرحلين من فرنسا، وعدم الاكتفاء بالحل الأمني، لتهدئة مخاوف المنظمات الحقوقية، التي اعتبرت أن تونس قد ترضخ للضغوط الأوروبية، وتسمح بترحيل المشتبه بتورطهم في قضايا إرهابية، والمهاجرين غير النظاميين، اعتماداً على قرارات إدارية وأمنية، لا تتوافق مع منظومة حقوق الإنسان، التي تفرض وجود قرارات قضائية، وضمان حق الدفاع، وإمكانية إبطال القرارات الأحادية الجانب التي تقضي بترحيل أولئك المهاجرين.
وجاءت هذه المخاوف بعد انتهاء جيرالد دارمانان، وزير الداخلية الفرنسي، من زيارة تونس أول من أمس (الجمعة)، وهي الزيارة التي خصصت لتدارس ملف ترحيل مهاجرين تونسيين غير شرعيين يشتبه في ارتكابهم، أو مشاركتهم في قضايا إرهابية، ولقائه نظيره التونسي، الذي قال إن بلاده مستعدة لقبول التونسيين المرحلين، وفق شروط وضوابط، مؤكداً أن استعداد تونس لقبول التونسيين المرحلين «يندرج ضمن التزامها بالاتفاق الإطاري، الذي ينظم عودة التونسيين من فرنسا، الذي يعود لسنة 2008. وهو اتفاق يشترط صون كرامة المهاجر التونسي، وتمكينه من ممارسة كل حقوقه، واستنفاد كل طرق الطعن المخولة له في فرنسا قبل ترحيله، على حد تعبيره.
في المقابل، قال وزير الداخلية الفرنسي، إن مكافحة الهجرة غير الشرعية «يجب أن تتم في إطار متوسطي وأوروبي، يأخذ بعين الاعتبار الصعوبات التي يواجهها الجميع على ضفتي المتوسط».
ويرى مراقبون أن عدة دول أوروبية سلطت بعد هجوم نيس الإرهابي، الذي نفذه التونسي إبراهيم العويساوي، ضغوطاً على الرئيس التونسي قيس سعيد، خصوصاً من طرف فرنسا وإيطاليا، وترجمت عبر تعدد زيارات الوفود الرسمية الإيطالية والفرنسية إلى تونس، والاتصالات المباشرة، آخرها المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس الإيطالي مع نظيره التونسي، وزيارة وزير الداخلية الفرنسي، وهي تحركات هدفها الأساسي «فرض ترحيل المهاجرين غير النظاميين إلى تونس، والتشدد في ضبط الحدود الجنوبية للمتوسط، ومنع قوارب الهجرة السرية من الوصول إلى الشواطئ الشمالية للمتوسط».
في سياق ذلك، تحدثت تقارير إعلامية إيطالية عن تسويق خطة إيطالية - فرنسية للحد من الهجرة غير الشرعية، التي يكون مصدرها تونس، تعتمد على تمركز طائرات وسفن بحرية قرب المياه الإقليمية التونسية، من أجل مراقبة السفن والقوارب التي تقل مهاجرين غير شرعيين، وإعلام السلطات التونسية للعمل على منعهم من الوصول إلى شواطئ أوروبا، وإعادتهم إلى تونس. وقد أكد الجانب الإيطالي، ممثلاً في لوتشيانا لامورغيزي وزيرة الداخلية الإيطالية، على استقلالية التدخل التونسي احتراماً لسيادة تونس، على حد تعبيرها.
وفي أول رد فعل على زيارة المسؤول الفرنسي إلى تونس، وجهت 24 جمعية حقوقية محلية رسالة مفتوحة إلى وزير الداخلية الفرنسي، طالبته فيها بعدم اتخاذ تدابير جديدة تنتهك حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية، التي تحمي حقوق المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء. وأكدت أن مقاومة الإرهاب «يجب أن تحترم حقوق المهاجرين»، مستنكرة استغلال العملية الإرهابية التي عرفتها مدينة نيس الفرنسية للضغط على الحكومة التونسية «لاستعادة جماعية وقسرية للمهاجرين، وفتح مراكز احتجاز في تونس، علاوة على شن حرب على القانون والديمقراطية واحترام الحريات»، على حد تعبيرها.
ورفضت هذه الجمعيات، من بينها المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية (منظمة حقوقية مستقلة)، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، «خطاب الكراهية الذي يروج له بعض المسؤولين والقوى السياسية الأوروبية ضد المهاجرين».
منظمات حقوقية تنتقد استعداد تونس قبول مرحّلين من فرنسا
دانت «خطاب الكراهية» ضد المهاجرين في أوروبا
منظمات حقوقية تنتقد استعداد تونس قبول مرحّلين من فرنسا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة