تعسف الانقلابيين يضرب المؤسسات التعليمية... ومصادرة مقاعد للمهمشين

تعاليم «طالبانية» للجامعات في مناطق سيطرة الميليشيات

طلاب في باحة مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)
طلاب في باحة مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)
TT

تعسف الانقلابيين يضرب المؤسسات التعليمية... ومصادرة مقاعد للمهمشين

طلاب في باحة مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)
طلاب في باحة مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

أفادت مصادر يمنية مطلعة بأن الميليشيات الحوثية وسعت أخيرا من حجم استهدافها لقطاع التعليم العالي في العاصمة صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، وذلك من خلال ارتكاب سلسلة من التعسفات والانتهاكات شمل البعض منها إغلاق أقسام دراسية والاستحواذ على مقاعد مجانية، وفرض تعاليم وصفها طلبة بأنها «طالبانية» تتعلق بزي الطالبات وسلوكهن.
وفي هذا السياق كشف مصدر أكاديمي في جامعة صنعاء الحكومية الخاضعة للجماعة بأن الميليشيات قررت إغلاق ثمانية أقسام دراسية في خطوة وصفت بأنها تستهدف تجهيل المجتمع والانتصار لأفكار الجماعة الخمينية.
وقال المصدر الأكاديمي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن مجلس الجامعة المعين من الانقلابيين الحوثيين أقر تعليق الدراسة بكل الأقسام في الكليات التي لا يتجاوز عدد الملتحقين فيها 15 طالباً.
وبموجب القرار الحوثي، ستعلق الدراسة في 8 أقسام وهي: قسم اللغة الفرنسية وآدابها، وقسم اللغة العربية وآدابها، وقسم التاريخ والعلاقات الدولية، وقسم الجغرافيا، وقسم الفلسفة، وقسم الآثار والسياحة، وقسم المكتبات وعلم المعلومات.
وأشار الأكاديمي اليمني الذي طلب عدم ذكر اسمه لاعتبارات تتعلق بسلامته، إلى أن الجماعة تعتزم بصورة نهائية إغلاق كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة التي تعد من أكبر الجامعات في البلاد.
ورغم تبرير الميليشيات أسباب إغلاق الأقسام الدراسية في الجامعة وتعليق الدراسة فيها نتيجة ضعف الإقبال عليها من الطلبة بحسب زعم الجماعة. إلا أن موظفين وعاملين بجامعة صنعاء أكدوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الإغلاق يأتي بسبب تدني إيرادات تلك الأقسام كونها ليست مربحة ولم تدر مبالغ مالية كبيرة للجماعة.
وأرجع الموظفون أسباب تراجع إقبال الطلبة على التعليم في الجامعة خلال السنوات القليلة الماضية بأنه يعود إلى حجم الفساد والعبث والإهمال المتعمد من قبل الانقلابيين بحق الجامعة ومنتسبيها من الطلبة والموظفين والأكاديميين، إلى جانب ممارساتها القمعية المتكررة والتي تسببت في إضعاف جودة التعليم في الجامعة.
وقال أكاديميون «إن جامعة صنعاء لا تزال في ظل سيطرة وحكم جماعة الجهل والتخلف والأمية تشهد مجموعة من الإجراءات التعسفية والانتهاكات التي تطال الطلبة والكادر التعليمي وكان آخرها وليس أخيرها، اعتقال الدكتور عدنان الشرجبي والذي توفي قهرا بعد أيام من إطلاق سراحه من المعتقل».
وأشاروا إلى استمرار استباحة الجماعة وميليشياتها المسلحة للجامعة، وتحويلها إلى ساحة جديدة لوأد النظام والقانون، من خلال عدة إجراءات وقرارات تعسفية، وكذا انتهاكات متكررة استهدفت وتستهدف الطلبة والكوادر التعليمية للسيطرة على ما تبقى من هذا الصرح العلمي.
وعلى صعيد استمرار فساد وتدمير الميليشيات المنظم للجامعات، أكد طلبة وأكاديميون في جامعة صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، استحواذ الميليشيات منتصف الأسبوع الماضي على عدد من المقاعد الدراسية المجانية في الجامعة والتي كانت مخصصة لمن يطلق عليهم بـ«الفئة المهمشة».
وكرد فعل لتجاوزات الميليشيات، نظم مجموعة من «المهمشين» (ذوي البشرة السوداء من أصول أفريقية) قبل أيام وقفة احتجاجية أمام مبنى وزارة التعليم العالي الواقعة تحت سيطرة الجماعة بصنعاء احتجاجا على حرمانهم من الدراسة وفق المنح المجانية المخصصة لهم سابقا من جامعة صنعاء.
في غضون ذلك، قال ‌‏رئيس ‏الاتحاد الوطني للمهمشين، نعمان الحذيفي، إن حكومة الانقلابيين بصنعاء حرمت الطلبة من الحصول على المقاعد الجامعية المجانية والتي سعى الاتحاد خلال السنوات الماضية لاعتمادها بدعم ورعاية من كل القيادات التي تعاقبت على رئاسة جامعة صنعاء قبل أن تعين الميليشيات المدعو علي شرف الدين نائبا لوزير التعليم العالي في حكومة الانقلاب غير المعترف بها وتكلفه مسؤولية المقاعد المجانية بالوزارة.
وعزا الحذيفي، في تغريدات له على حسابه بـ«تويتر» حرمان الطلاب المهمشين من مواصلة تعليمهم الجامعي إلى إجبار الذكور منهم على الالتحاق بجبهات القتال، فيما يسخر التعليم بمختلف مستوياته لنائب وزير التعليم العالي الحوثي وأبنائه وسلالته التي تدعي اصطفاء الله لهم.
وقال الحذيفي إن إقدام القيادي الحوثي شرف الدين على اتخاذ ذلك الإجراء الذي وصفه بـ«العنصري»، «يأتي في سياق تنفيذه لتوجيهات زعيم الانقلابيين عبد الملك الحوثي بتبني برنامج وطني لإدماج من أسماهم بـ«أحفاد بلال» ليس كما يعتقد طلابنا بأنه لدمجهم في الجامعات ولكنه برنامج لإدماجهم بالمقابر».
وتواليا لمسلسل العبث والانتهاكات الحوثي بحق التعليم العالي، وكسابقة وصفت بـ«الخطيرة»، أقرت الميليشيات قبل يومين في جامعة العلوم والتكنولوجيا (كبرى الجامعات الأهلية اليمنية)، قيودا غير مسبوقة على الطالبات بعد أشهر من سيطرتها على الجامعة. وفق ما أفاد به حقوقيون وأكاديميون لـ«الشرق الأوسط».
وتحدث الناشطون عن صدور تعميم عاجل من قيادة الجامعة الموالية للجماعة الحوثية يتضمن وضع قيود واشتراطات عدة على الطالبات في الجامعة، شملت منعهن من لبس العباءات الشفافة أو القصيرة أو الضيقة وكذلك منعهن من استخدام العطور والبخور وكشف أي أجزاء من الشعر.
وكانت الجماعة، المسنودة من طهران، اقتحمت قبل أشهر حرم جامعة العلوم والتكنولوجيا في صنعاء، واعتقلت حينها رئيس الجامعة وفرضت بقوة السلاح رئيسا جديدا تابعا لها.
وعقب ذلك أعلن المركز الرئيسي لجامعة العلوم والتكنولوجيا أنه يخلي مسؤوليته من فرع صنعاء المحتل كونه لا يخضع لسيطرة ورئاسة الإدارة الرئيسية.
ومنذ اجتياح الميليشيات صنعاء ومدناً يمنية أخرى، سعت بكل طاقتها لارتكاب آلاف الانتهاكات بحق المؤسسات التعليمية العليا بمناطق سيطرتها، ومن ذلك قيامها أكثر من مرة بانتهاك حرم جامعة صنعاء وجامعات خاصةً أخرى؛ بغية حرفها عن مسارها الأكاديمي، وتحويلها إلى ثكنات لمسلحيها من جهة، ومسرح مفتوح لممارسة النهب والتعبئة الفكرية.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.