استمرار تعليق الحراك الجزائري رغم رفع الحظر عن صلاة الجمعة

سياسية معارضة تدعو إلى سحب الدستور بعد «المقاطعة» الشعبية للاستفتاء

مصلون في أحد مساجد العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
مصلون في أحد مساجد العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
TT

استمرار تعليق الحراك الجزائري رغم رفع الحظر عن صلاة الجمعة

مصلون في أحد مساجد العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
مصلون في أحد مساجد العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)

شهدت العاصمة الجزائرية، أمس، انتشاراً لرجال الأمن بالساحات العامة تحسباً لمظاهرات محتملة بعد رفع الحظر عن صلاة الجمعة. وتزامن ذلك مع دعوة لويزة حنون، زعيمة حزب «العمال» اليساري، إلى سحب الدستور الجديد، بذريعة أنه «فاقد شرعية» بعد النسبة المتواضعة للمشاركة في الاستفتاء عليه، الأحد الماضي، والتي بلغت 23,7%.
وتوقع قطاع من الناشطين بالحراك الشعبي عودة المظاهرات أمس، بمناسبة ترخيص الحكومة تنظيم صلاة الجمعة في المساجد الكبيرة، بعد سبعة أشهر من منعها بسبب ارتفاع الإصابات بفيروس «كورونا». وكان الآلاف ينتشرون في الأماكن العامة بالعاصمة، والمدن الكبيرة، بعد انقضاء صلاة الجمعة، قبل أن يتوقف الحراك في مارس (آذار) الماضي لأسباب صحية.
وكان لافتاً أن الصوت الداعي إلى استئناف مظاهرات الحراك، على شبكة التواصل الاجتماعي المؤثرة بشكل كبير على الأوضاع في الميدان، خَفَتَ عشية بدء تنفيذ قرار رفع الحظر عن صلاة الجمعة، وعلى هذا الأساس استبعد كثير من المراقبين رؤية الحشود البشرية تتدفق من جديد على الفضاءات العامة. كما أن انفجار الوباء في الأيام الأخيرة (600 إصابة جديدة يومياً)، كان كافياً لثني المئات من «الحراكيين» عن تحقيق رغبتهم في التظاهر من جديد.
وتحسباً لأي «مظاهرة عفوية» محتمَلة بالعاصمة، نشرت السلطات العشرات من رجال الأمن بوسط المدينة، وبدا من تصرفاتهم أنهم تلقوا تعليمات صارمة بمراقبة حركة الأشخاص بدقة. أما في مداخل العاصمة، فلم يلاحَظ أي تشدد من جانب قوات الدرك في نقاط المراقبة المثبتة منذ سنوات، على عكس الوضع لما كان الحراك في ذروته، إذ كانت قوات الدرك تمنع الأشخاص القادمين من خارج العاصمة، من دخولها. وحدث أن قائد الجيش السابق الفريق أحمد قايد صالح، المتوفى نهاية العام الماضي، كان قد أمر بمصادرة كل المركبات يوم الجمعة بالعاصمة، إذا لم تكن تحمل ترقيم عاصمة البلاد. وفي سياق ردود الفعل على استفتاء تعديل الدستور الذي نُظم الأحد الماضي، طالبت لويزة حنون الأمينة العامة لحزب «العمال»، أمس، في اجتماع بكوادر حزبها بالعاصمة، بسحب الدستور الجديد، «احتراماً للأغلبية التي رفضت المشاركة في الاستفتاء»، في إشارة إلى أكثر من 76% من الكتلة الناخبة (24 مليون ناخب)، تغيّبوا عن الموعد الذي كان يوليه الرئيس عبد المجيد تبَون أهمية كبيرة، فقد اعتبر تأييد دستوره «مفتاحاً للإصلاحات السياسية» التي أرادها، و«مدخلاً لجزائر جديدة». يشار إلى أن تبون موجود في مصحة بألمانيا، منذ أسبوعين، حيث يعاني من تبعات الإصابة بـ«كورونا».
ورأت حنون أن العمل بهذا الدستور، في انتظار تثبيت النتائج من طرف «المجلس الدستوري»، الأسبوع المقبل، «بمثابة احتقار للأغلبية واستفزاز لها، كما هو تعطيل لمجرى التاريخ». يشار إلى أن حزب «العمال» كان من دعاة مقاطعة الاستشارة الشعبية، على غرار الحزبين المعارضين «جبهة القوى الاشتراكية» و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، في حين انقسمت الأحزاب الإسلامية بين مشجع على التصويت لصالح الدستور، ورافض له.
ودعت حنون إلى «إيجاد الشروط الملائمة لإطلاق مشاورات جادة لإنقاذ البلاد من أزمتها السياسية والاقتصادية». ووصفت سجن الصحافي خالد درارني، مراقب «مراسلون بلا حدود»، والمناضل السياسي الأمازيغي البارز خالد تزغارت، بأنه «واقع بشع». وعدّت رفع الحصانة عن البرلماني ورئيس حزب «التجمع من أجل الثقافة»، محسن بلعباس، بغرض متابعته في قضية وفاة عامل أجنبي بورشة لبناء مسكنه، «تعدّياً على الحياة السياسية وخرقاً لحقوق الإنسان». وشجبت اعتقالات مسّت ناشطين بسبب التعبير عن مواقف سياسية على حساباتهم بالمنصات الرقمية الاجتماعية.
ومن الأمثلة التي ساقتها حنون لـ«مضايقة الناشطين»، التحقيق مع مناضلة من حزبها بشرق البلاد من طرف الشرطة، على أثر نشرها فيديو لمظاهرة نسائية بمناسبة العيد العالمي للمرأة، في 8 مارس الماضي، مشيرة إلى تعرضها للقمع على أيدي رجال أمن. وتقع المناضلة، حسب حنون، تحت طائلة الاتهام بـ«الإساءة إلى هيئة نظامية»، وهي الشرطة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».