حسابات مغتربين على «إنستغرام» تشعل حنين السفر والسياحة

ما بين تقديم الصور المثالية والواقعية

مولي ويلكينسون: أعتقد أن جمهوري أكثر اهتماماً بالمعجنات (إنستغرام)  -  تيفاني ديفيس تنشر على الـ«يوتيوب» مقاطع عن المغتربين (إنستغرام)  -  صفحة مولي ويلكينسون على إنستغرام
مولي ويلكينسون: أعتقد أن جمهوري أكثر اهتماماً بالمعجنات (إنستغرام) - تيفاني ديفيس تنشر على الـ«يوتيوب» مقاطع عن المغتربين (إنستغرام) - صفحة مولي ويلكينسون على إنستغرام
TT

حسابات مغتربين على «إنستغرام» تشعل حنين السفر والسياحة

مولي ويلكينسون: أعتقد أن جمهوري أكثر اهتماماً بالمعجنات (إنستغرام)  -  تيفاني ديفيس تنشر على الـ«يوتيوب» مقاطع عن المغتربين (إنستغرام)  -  صفحة مولي ويلكينسون على إنستغرام
مولي ويلكينسون: أعتقد أن جمهوري أكثر اهتماماً بالمعجنات (إنستغرام) - تيفاني ديفيس تنشر على الـ«يوتيوب» مقاطع عن المغتربين (إنستغرام) - صفحة مولي ويلكينسون على إنستغرام

منذ أربعة أعوام كانت جيمي بيك مصورة فوتوغرافية تعيش في حي «أبر ويست سايد» بمنهاتن. وعندما كانت على متن طائرة أصابتها نوبة قلق، وكانت موقنة من أنها سوف تموت. وتقول جيمي: «أول شيء خطر ببالي كان هو أني لن أختبر شكل الحياة في فرنسا. وأقسمت حينها أنه إذا هبطت الطائرة سوف تنتقل للإقامة في فرنسا». وكان هذا هو ما حدث بالفعل.
كانت بيك، البالغة من العمر 37 عاماً، تتبع خطى الكثيرين ممن سبقوها إلى مجتمع المغتربين في فرنسا من أمثال إرنست همنغواي وبيتر ميل. وقد انتقلت بيك إلى منطقة بروفنس، حيث توثق وتسجل زهور دوار الشمس، وحقول العنب، والقلاع، والكرواسون بينما ترتدي في أكثر الأوقات فستانا أبيض من بين مجموعة يبدو أنها لا تنتهي من الفساتين البيضاء المنفوشة. وكان يتم تأجير شقتها في بلدة آبت للمتزوجين حديثاً لقضاء شهر العسل؛ إنه مكان هادئ وجميل ويبدو أن متابعيها على موقع «إنستغرام» البالغ عددهم 319 ألفا يرون ذلك أيضاً.
أثناء فترة الحجر الصحي المنزلي، والتي يطلق عليها الفرنسيون فترة حبسهم بسبب فيروس «كورونا»، خسرت بيك كل أعمالها التجارية. وتقول: «الشيء الوحيد الذي تمكنت من السيطرة عليه كان هو طريقة قضائي لوقتي، لذا قررت أن أصنع قطعة فنية كل يوم». وألحقت بمنشوراتها وسم «أيسوليشين كريشين» (إبداع العزلة)، وسرعان ما أدركت أنها تجذب نحو ألف متابع يومياً.
وليست بيك هي الأميركية الوحيدة في فرنسا التي لها نشاط على الإنترنت والتي تلاحظ زيادة كبيرة في المتابعة والتفاعل أثناء فترة انتشار الوباء. ومع منع السائحين الأميركيين من زيارة أوروبا، ازدادت متابعة الشخصيات المؤثرة الفرنسية وغيرهم في بلدان خلابة أخرى.
وتقول تيفاني ديفيس (30 عاما): «لقد لاحظت ارتفاعاً كبيراً في مستوى المتابعة والتفاعل على الـ«إنستغرام» والـ«يوتيوب» خلال شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) ». وكانت تيفاني قد انتقلت إلى باريس عام 2017 للحصول على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال؛ وفي 2019 بدأت ديفيس تنشر على الـ«يوتيوب» مقاطع مصورة عن حياة المغتربين، تناولت خلالها موضوعات مثل تكلفة المعيشة (حظي هذا المقطع بـ189 ألف مشاهدة)، والمواعدة في فرنسا (وكان من جزأين)، وصالونات التجميل لذوي البشرة السمراء. وذكرت أنها تلقت عدد كبير من الرسائل المباشرة من أشخاص مهتمين بقصتها يقولون فيها: «أنا أمر بالتجارب التي تمرين بها وأريد الانتقال للعيش خارج البلاد».
على الجانب الآخر تقول إيلين شيلينو، من مراسلي صحيفة «نيويورك تايمز» ومؤلفة كتاب «السين: النهر الذي صنع فرنسا» إن باريس تجذب الكثيرين، مشيرة إلى أن الكثير من الأقوال الشائعة عنها صحيح. مع ذلك تقول إن هناك صورتين مختلفتين لباريس؛ فهناك صورة لباريس وكأنها متحف مفتوح، وشابة رشيقة ترتدي ملابس أنيقة ومعها كلبها يسيران بحذاء نهر السين، في حين يخلو المشهد تماماً من أي أتربة أو قاذورات. وربما يغويك ذلك المشهد، لكنك في الواقع لن تستمتع بوقتك بحذاء نهر السين بسبب الفئران، فالمكان قذر، وربما تتعرض المرأة للتحرش. وتتساءل: «من سيشعر بالأسى حيالك إذا كنت تعيش في باريس؟» وتجيب قائلة: «لا أحد».
تخوض باريس وباقي أنحاء فرنسا معركة مع الوباء والعنف والاحتجاجات، لكن مع ذلك تظل الجوانب الجميلة هي أكثر ما يراه المتابع من الخارج. وتقول ليندسي تراموتا، البالغة من العمر 35 عاماً، والتي تعيش في فرنسا منذ 15 عاماً: «أشعر بالإحباط من التركيز على جانب واحد، حين يكون الشيء الوحيد الذي يتم تسليط الضوء عليه هو بعض الأبواب العتيقة، والصورة الوردية لنهر السين للمرة المليون؛ أشعر أحياناً أن علي قرص نفسي لأدرك أن تلك هي الخلفية التي أقف أمامها». ليندسي مؤلفة كتاب «سيدات باريس الجدد: النساء والأفكار التي تشكل باريس». وتشير إلى أنها قد اختارت المعسكر الذي يفضل عدم تبني النظر إلى فرنسا وكأنها بطاقة بريدية.
كذلك تقول مولي ويلكينسون البالغة 33 عاماً وتقيم في فرساي، وتقع شقتها على بعد ثلاثين دقيقة بالقطار من برج «إيفل»: «أعتقد أن جمهوري أكثر اهتماماً بالمعجنات، والسير في الشارع، وتأمل التحف والقطع الفنية العتيقة. أحب كوني ملجأ يهرع إليه الناس، وأزعم أني شخصية إيجابية أيضاً». وكانت مولي قد انتقلت إلى فرنسا عام 2013 لدراسة إعداد المعجنات في كلية «لو كوردون بلو» قبل انتشار الوباء، وكانت تقدم دروس خاصة في الطهي، وهي حالياً تقدم ورش عمل على الإنترنت عن كيفية طهي وإعداد أطباق المكرونة والتارت الحلو. وتقول إنه كان هناك إقبال كبير على تلك الورش، وهو ما جعلها تزيد عدد المقاعد المتوفرة من 30 إلى 50 دارسا مقابل 25 يورو (30 دولارا) للفرد. ونشرت صور على الـ«إنستغرام» لرحلة لها إلى «لوار فالي» (وادي لوار) خلال شهر سبتمبر (أيلول). وقالت: «لقد كان التفاعل مذهلا. لقد أرادوا تجربة كل شيء، وتخيل الأماكن التي يمكنهم الذهاب إليها».
مع ذلك لا تزال ويلكينسون تعتقد أن البعض يتبنى نظرة وردية مبالغ فيها عن الحياة في الخارج، مشيرة إلى جمعها وتقديمها لوثائق من مائة صفحة للحصول على تأشيرة مؤخراً، إلى جانب أحاديثها مع شقيقتها التي تعمل ممرضة طوارئ في تكساس.
ووسط الجبن القديم وخبز الباغيت الطازج يحاول بعض المدونين تسليط الضوء على مميزات وعيوب الحياة في الخارج. وتقول جين بيرتش (44 عاما) التي تقدم دروساً في الطهي أيضاً: «لا أريد أن يبدو الأمر وكأني أثير غيظ الآخرين بقولي أني هنا وهم عالقين هناك».
أما ديفيس فتتحدث عن المقاطع المصورة التي تنشرها على موقع «يوتيوب» وتوضح قائلة: «لقد تحدثت عن طردي من شقتي؛ فهذه هي الحياة الواقعية لا الحلم. لقد أردت أن أوضح للناس أن الأشخاص من ذوي البشرة السمراء متواجدون هنا، وأن هناك تنوعا سكانيا أكبر مما يصوره الكثيرون».
وتقدم سينثيا كوتو، البالغة من العمر 54 عاماً، ورش عمل على الإنترنت حالياً باسم «دلكتابول فور ومين أبوت شامبين»، والتي عادة ما تكون موجهة لمحبي فرنسا وكل ما يميزها، ويحلمون بالتقاعد في بلدهم الحبيب. وتقول إنها تتحدث في بداية كل محاضرة عن المطاعم التي يتم إغلاقها، والمحاكمات، ومصاعب الحياة في باريس. وتضيف قائلة: «لا أقدم صورة مثالية عن الحياة هنا».
يعيش ديفيد ليبوفيتز، وهو مؤلف لتسعة كتب عن الطهي والذكريات من بينها «ذا سويت لايف إن باريس» (الحياة اللطيفة في باريس)، و«لا أبارت»، في باريس منذ عام 2003. وقد بدأ تجربة «إنستغرام لايف» من شقته، وكثيراً ما كان يشارك متابعيه ما يشتريه من الأسواق المحلية، إلى جانب وصفات الطعام. كذلك يشارك ليبوفيتز متابعيه، الذي وصل عددهم إلى 260 ألف، مقاطع مصورة تظهر فيها دراجات بخارية تصدر أصواتاً مزعجة والقمامة الموجودة في الشارع. يقول: «شكل حياتي عكس الحياة التي ظهرت في مسلسل «إميلي إن باريس»».
وفي الوقت الذي تتوجه فيه أميركا المنقسمة نحو الاقتراع، كانت بيك تحافظ على حسها الجمالي الفخم، لكن مع نفحة من الانتقاد للعالم. وتوضح قائلة: «سوف أظل أحاول أن أصنع صورة جميلة، لكنني التقطت مؤخراً صورة لنفسي مع طفلي، وكتبت تعليق «فلنتحدث عن الرعاية الصحية».
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«ميتا» تعزز الضوابط لحماية المستخدمين القصّر بمواجهة ضغوط تنظيمية متزايدة

تكنولوجيا «ميتا» تعلن إنشاء حسابات للمراهقين (د.ب.أ)

«ميتا» تعزز الضوابط لحماية المستخدمين القصّر بمواجهة ضغوط تنظيمية متزايدة

أعلنت مجموعة «ميتا» العملاقة، الثلاثاء، عن إنشاء «حسابات للمراهقين»، من المفترض أن توفر حماية أفضل للمستخدمين القصّر من المخاطر المرتبطة بتطبيق «إنستغرام».

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)
العالم شعار مجموعة «ميتا» (رويترز)

«ميتا» تحظر وسائل الإعلام الحكومية الروسية على منصاتها

أعلنت مجموعة «ميتا»، المالكة لـ«فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتساب»، فرض حظر على استخدام وسائل الإعلام الحكومية الروسية لمنصاتها، وذلك تجنّبا لأي «نشاط تدخلي أجنبي».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق تحركات لحظر استخدام الهواتف الجوالة في المدارس (رويترز)

مخاوف صحية ونفسية... مدارس أوروبا تحظر الهواتف الجوالة

تثير الدول الأوروبية مخاوف على نحو متزايد إزاء الاستخدام المفرط للهاتف الجوال ووسائل التواصل الاجتماعي بين الشباب.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
تكنولوجيا شعار الذكاء الاصطناعي التابع لشركة «ميتا» يظهر على شاشة هاتف جوال (رويترز)

«ميتا» تستخدم منشورات البريطانيين لتدريب الذكاء الاصطناعي

تمضي شركة «ميتا» قدماً في خطط مثيرة للجدل لاستخدام ملايين المنشورات من منصتي «فيسبوك» و«إنستغرام» في المملكة المتحدة لتدريب الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا وزير الثقافة الإيطالي المستقيل جينارو سانجوليانو 2 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

استقالة وزير الثقافة الإيطالي بسبب علاقة غرامية مع «مؤثرة»

اضطر وزير الثقافة الإيطالي جينارو سانجوليانو، اليوم (الجمعة)، إلى تقديم استقالته من منصبه بعد أن زعمت عشيقته أنه منحها وظيفة مستشارة حكومية.

«الشرق الأوسط» (روما)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».