يلتقط الديمقراطيون أنفاسهم على وقع صفعة قاسية وجهتها لهم ليلة الانتخابات. فهم دخلوا إلى السباق التشريعي وكلهم أمل وثقة بانتزاع الأغلبية في مجلس الشيوخ من الجمهوريين، وتعزيز أغلبيتهم في مجلس النواب. ومع بداية صدور النتائج الأولية، بات من الواضح أن رهاناتهم كانت أكبر بكثير من الواقع.
فرغم عدم صدور النتائج كلها، وتحديد توزيع المقاعد النهائي، فإنه من السهل قراءة المشهد وتجريده من صفة الموجة الزرقاء التي كان الديمقراطيون يروجون لها.
- خيبة أمل ديمقراطية في «الشيوخ»
ففي مجلس الشيوخ مثلاً، حيث أشارت كل التوقعات قبل يوم الحسم أن وضع الجمهوريين حرج، وأنهم سيخسرون الأغلبية في المجلس لصالح الديمقراطيين، فشل هؤلاء في انتزاع مقاعد ظنوا أنها بمتناول الأيدي. فتمكنت الجمهورية جوني آرنست من الاحتفاظ بمقعدها عن ولاية أيوا، فيما تمكن الجمهوري ستيف داينز من هزيمة منافسه الديمقراطي في ولاية مونتانا التي كان يعول عليها الديمقراطيون.
لكن الليلة لم تبدأ على هذا الشكل، فقد افتتح الديمقراطيون ليلتهم بفوز مرشحهم جون هيكنلوبر على السيناتور الجمهوري كوري غاردنر، ثم أعلنت أريزونا عن انتزاع رائد الفضاء الديمقراطي مارك كيلي لمقعد الجمهورية مارثا مكسالي، وظنّ الحزب الديمقراطي أنه اقترب من انتزاع الأغلبية في المجلس، فهو كان بحاجة لأربعة مقاعد لتحقيق ذلك، لكن أحلامه تحطمت عندما خسر الديمقراطي دوغ جونز مقعده في ولاية ألاباما، ليصعّب على الديمقراطيين مهمتهم.
ورغم أن عدداً من السباقات لم يحسم حتى الساعة، إلا أن دلالات احتفاظ الجمهوريين ببعض المقاعد كانت كبيرة. أبرز هؤلاء السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام الذي تمكن من الاحتفاظ بمقعده في ولاية كارولاينا الجنوبية. غراهام مقرب جداً من ترمب، ويرى الكثيرون أن السباق الذي خاضه كان بمثابة استفتاء على شعبية الرئيس. والمشكلة الثانية هناك تكمن في أن الديمقراطيين صرفوا مبالغ خيالية للدفع باتجاه فوز مرشحهم جايمي هاريسون. ولم يتمالك غراهام نفسه من الاستهزاء بهذه الجهود، فقال بعد فوزه: «أقول لكل الليبراليين في كاليفورنيا ونيويورك: لقد أهدرتم الكثير من الأموال»، وذلك في إشارة للتبرعات التي قدمت لهاريسون في الفترة التي سبقت يوم الانتخابات. كما سخر غراهام من وسائل الاستطلاع التي تنبأت بخسارته، فقال: «أقول لكل المستطلعين: لا فكرة لديكم عما تفعلونه».
وكارولاينا الجنوبية ليست الولاية الوحيدة التي صرف فيها الديمقراطيون أموالا طائلة من دون مردود يذكر، إذ تمكن زعيم الأغلبية الجمهوري ميتش مكونيل من الحفاظ على مقعده في ولاية كنتاكي بسهولة فائقة، رغم أن منافسته الديمقراطية إيمي مكغراث حاولت التركيز على ملف المحكمة العليا ودعم مكونيل لترمب لانتزاع المقعد من السيناتور الذي خدم في المجلس لأكثر من عشرين عاماً. لكن فوز مكونيل أظهر أن الناخب الجمهوري يدعم ملف تعيين قضاة محافظين بشكل كبير، خاصة أن زعيم الأغلبية تمكن من المصادقة على أكثر من مائتي قاض خلال عهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وبانتظار حسم بعض السباقات، يبدو أن سيناريو التعادل الديمقراطي والجمهوري في المجلس بات وارداً، ما يعني أن كلمة نائب الرئيس الأميركي ستكون هي الحاسمة، ما سيزيد من أهمية نتيجة السباق الرئاسي بالنسبة للحزبين.
- خسارة مقاعد في «النواب»
لم تقتصر صدمة الديمقراطيين على مجلس الشيوخ، ففي مجلس النواب، كان هناك إجماع من قبل قيادات الحزب على توقعات بانتزاع المزيد من المقاعد في المجلس لتعزيز الأغلبية الديمقراطية هناك. لكن هذا لم يحصل، بل على العكس فإن الجمهوريين تمكنوا من الحصول على المزيد من المقاعد لتقليص الفارق بينهم وبين الأغلبية الديمقراطية. ويشكل هذا ضربة مباشرة لرئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي التي تحدثت بثقة عارمة في الأيام الماضية عن فوز كاسح للديمقراطيين في المجلس.
ورغم أن هذه النتائج صبت في مصلحة الجمهوريين، فإنهم لم يكادوا يتنفسون الصعداء حتى خرج الرئيس الأميركي دونالد ترمب معلناً الفوز بالرئاسة ومطالباً بوقف التصويت. تصريحات صدمت عددا من الجمهوريين الذين عادة ما يتحفظون ويتجنبون انتقاد الرئيس. لكن ردود أفعالهم هذه المرة أظهرت مدى معارضة البعض منهم لأسلوب ترمب القاضي بالتشكيك بنزاهة الانتخابات. فغرّد النائب الجمهوري آدم كيزينغر رداً على الرئيس: «توقف. توقف كلياً. الأصوات سوف تحسب وسوف تفوز أو تخسر. وأميركا سوف تقبل بذلك».
موقف شاجب وواضح، رافقته مواقف أخرى لصديق ترمب الحاكم السابق لولاية نيوجيرسي كريس كريستي. وتحدى كرستي، وهو مدع عام سابق، ترمب فقال: «أنا لا أتحدث إليكم كحاكم سابق، بل كمدع عام سابق. لا أساس لادعاءات الرئيس الليلة. يجب أن نترك الأمور على ما هي والانتهاء من عد الأصوات قبل الحكم على سير العملية».
كما علق السيناتور الجمهوري السابق ومناصر ترمب ريك سانتوروم على تصريحات الرئيس فأعرب عن صدمته من إعلان ترمب الفوز، وأضاف «ذهلت لدى قوله (ترمب) بأن هناك غشا في عملية فرز الأصوات، هذا خطأ». أما زعيم الأغلبية ميتش مكونيل فكان موقفه دبلوماسيا أكثر، فقال: «الادعاء بالفوز بالانتخابات لا يحدث قبل عد الأصوات».
وبانتظار حسم النتائج التشريعية والرئاسية، يبقى الاستنتاج الأبرز هو التالي: لم تكن الموجة زرقاء، وما جرى سيحدث هزة في قلب الحزب الديمقراطي لن تتعافى منها قياداته في أي وقت قريب، وقد تكلف نانسي بيلوسي رئاسة مجلس النواب.
جمهوريو الكونغرس يبتلعون «الموجة الزرقاء»
ضربة موجعة للديمقراطيين في الانتخابات التشريعية
جمهوريو الكونغرس يبتلعون «الموجة الزرقاء»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة