شركة {التدقيق الجنائي} تطلب من لبنان معلومات لمباشرة عملها

المصرف «المركزي» يتذرع بالسرية ويدعو الحكومة إلى كشف حساباتها

TT

شركة {التدقيق الجنائي} تطلب من لبنان معلومات لمباشرة عملها

استطلع دانيال جيمس مدير شركة «الفارز ومارسال» الموكلة إجراء التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان مدى قدرة الحكومة اللبنانية على توفير المعلومات الكافية من قبل «المركزي» لتباشر الشركة عملها، على أن يلتقي جيمس الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم (الخميس).
وحال قانون «النقد والتسليف» المعمول به في لبنان، دون منح الشركة كامل المعلومات التي طلبتها لتباشر مهمة التدقيق الجنائي في «المصرف المركزي»، كون بعض الأسئلة والمعلومات تتعارض مع قانون السرية المصرفية.
وعقد اجتماع أمس بين وزير المال في حكومة تصريف الأعمال الدكتور غازي وزني ودانيال جيمس، وبحث الطرفان خلال الاجتماع الذي امتد لنحو ساعتين، الخيارات التي سيتم اتخاذها في موضوع العقد خلال الـ24 ساعة المقبلة.
وقال جيمس بعد اللقاء: «جئنا لتقييم ما إذا تم توفير المعلومات الكافية من قبل (مصرف لبنان) بما يسمح لشركة الفاريز ومارسال بأن تباشر عملية التدقيق الجنائي».
ووقعت الحكومة اللبناية في الصيف الماضي عقداً يقضي بتدقيق «الفاريز ومارسال» في حسابات «مصرف لبنان المركزي» وأنشطته. وبعد البدء بمهمته، لم يسلم «المصرف المركزي» الشركة سوى 42 في المائة من هذه الملفات فقط، معلّلاً ذلك بقانون السرية المصرفية.
ويطبق لبنان قانون السرية المصرفية على الحسابات، ويمنع قانون «النقد والتسليف» أي جهة من الولوج إلى حسابات خاضعة للسرية المصرفية. ويرفض «المصرف المركزي» اللبناني الكشف عن أي معلومات تطلبها أي جهة يحظر «قانون النقد والتسليف» الكشف عنها قبل تعديل قانون «النقد والتسليف» في مجلس النواب.
وفي ظل التجاذب السياسي على هامش الملف، أرسل وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال قبل أيام كتاباً تضمن دراسة من وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم مبنية على استشارة من هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل التي اعتبرت فيها «أن السرية المصرفية الملحوظة في القانون اللبناني لا تسري على حسابات الدولة وحسابات مصرف لبنان».
وردّ «المصرف المركزي» أمس على هذا الكتاب، مؤكداً أنه سلم كامل الحسابات العائدة له إلى وزير المالية وفقاً للأصول. وقال «المركزي» إنه «بالنسبة لحسابات الدولة فيمكن للدولة اللبنانية طلب كشفاً مفصلاً عن كامل حساباتها، وتالياً تسليمها إلى الجهات التي ترى أنه من المناسب اطلاعها عليها، الأمر الذي يجنب (مصرف لبنان) مخالفة قوانين السرية الملزمة قانوناً، التي يترتب على مخالفتها عواقب جزائية».
وأسف «المركزي» لأن تنشر الصحف أخيراً (بما فيها العالمية) ووسائل التواصل الاجتماعي ما تم تسليمه من المعلومات والمعطيات التي تم تزويد شركة Alvarez &Marsal بها بواسطة وزارة المالية «ما يشكل مخالفة للقانون ولأحكام العقد الموقع بين هذه الأخيرة والشركة المذكورة».
وأكد المصرف أنه «سلم وفقاً للقانون كامل المستندات التي طلبتها كل من شركتي التدقيق KPMG وOliver Wyman، هذا بالإضافة إلى أن مصرف لبنان متعاقد مع شركتين عالميتين للتدقيق الخارجي على حساباته منذ عام 1994».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.