التدقيق الجنائي في حسابات «المركزي» يصطدم بعقبة «السرية»

TT

التدقيق الجنائي في حسابات «المركزي» يصطدم بعقبة «السرية»

عرقلت الإشكالات القانونية عملية التدقيق الجنائي في حسابات المصرف المركزي اللبناني، وسط خلاف سياسي ذي طابع قانوني بلغ مستويات مرتفعة بتحذير رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، أمس، من «محاولة إطاحة التدقيق الجنائي لمنع اللبنانيين من معرفة حقيقة خلفيات اختفاء ودائعهم، وأسباب الانهيار المالي والتلاعب المدروس بسعر العملة الوطنية».
ووقّعت الحكومة اللبنانية في الصيف الماضي عقداً مع شركتي «ألفاريز» و«مارسال» يقضي بتدقيق الشركتين في حسابات المصرف المركزي وأنشطته. غير أن «المركزي» لم يسلم الشركة سوى 42 في المائة من الملفات، معلّلاً ذلك بقانون السرية المصرفية.
ويطبق لبنان قانون السرية المصرفية على الحسابات، ويمنع قانون «النقد والتسليف» أي جهة من الاطلاع على حسابات خاضعة للسرية المصرفية. وفي حين تحدثت معلومات عن أن مهمة التدقيق الجنائي أحبطت، قالت مصادر مصرفية لـ«الشرق الأوسط»، إن «المركزي» لا يعارض أي تدقيق تحت سقف القانون، رافضاً الكشف عن أي معلومات تطلبها أي جهة يحظر «قانون النقد والتسليف» الكشف عنها.
وقالت المصادر، إن الجزء الخاضع لقانون النقد والتسليف «لا يمكن لـ(المركزي) الكشف عنه حتى تعديل القانون» في مجلس النواب، ويشمل ذلك حسابات أفراد وشركات، حيث يلزم القانون المصرف المركزي بالكتمان حول تفاصيل تلك الحسابات وحركتها وعملياتها المصرفية؛ كونها تخضع للسرية المصرفية، فضلاً عن أن القانون يحظر الكشف عن حركة بعض الحسابات العائدة للدولة مثل الإنفاق الأمني الخاضع أيضاً للسرية. كما يحظر القانون الكشف عن العمليات المصرفية عبر المقاصة في مصرف لبنان، ولا يمكن الولوج إليها إلا بتعديل قانون «النقد والتسليف».
لكن رئيس حكومة تصريف الأعمال، قال إن رأي هيئة التشريع بشأن مفهوم السرية المصرفية، ومدى تلاؤم مهمة شركة التدقيق الجنائي المعينة من قبل الحكومة مع أحكام قانون السرية المصرفية وقانون النقد والتسليف، يؤكد أنه انطلاقاً من قرار مجلس الوزراء القاضي بإجراء التدقيق الجنائي وتكليف وزير المالية توقيع العقد مع شركة «ألفاريز»، يكون من واجب المعنيين المباشرة بتنفيذ قرار مجلس الوزراء عبر تمكين شركة «ألفاريز» من القيام بمهمتها وتسليمها المستندات المطلوبة مع حجب أسماء الزبائن عند الحاجة واستبدالها بأرقام حفاظاً على السرية المصرفية، علماً بأن حسابات الدولة لا تخضع للسرية المصرفية.
وقال دياب في بيان «إن أي إصلاح لا ينطلق من التدقيق الجنائي في مصرف لبنان، يكون إصلاحاً صورياً لتغطية استمرار النهج الذي أوصل البلد إلى ما وصل إليه على المستوى المالي». وأكد أن «المطلوب اليوم هو أن يبادر مصرف لبنان إلى تسليم شركة التدقيق الجنائي المستندات والمعلومات التي تطلبها؛ كي ينطلق هذا التدقيق لكشف الوقائع المالية وأسباب هذا الانهيار». ورأى أن «أي محاولة لعرقلة التدقيق الجنائي هي شراكة في المسؤولية عن التسبب بمعاناة اللبنانيين على المستويات المالية والاقتصادية والمعيشية».
ووقّعت وزارة المالية عقد التدقيق الجنائي وليس مصرف لبنان، وتحدثت مصادر مصرفية عن مخاطر على الدولة في حال التصرف على قاعدة أن المصرف المركزي يخضع لوزارة المالية؛ وهو ما يعني أن «كل موجودات مصرف لبنان تابعة للمالية»؛ ما يدفع حملة سندات «اليوروبوندز» (الديون الخارجية بالعملة الصعبة المترتبة على الدولة) لوضع إشارة على موجودات مصرف لبنان، ومن ضمنها الذهب، علماً بأن الذهب هو ملك للدولة اللبنانية لكنه تحت إدارة البنك المركزي كمؤسسة مستقلة ويُحسب ضمن احتياطه. ووصل فريق مدققي «ألفاريز ومارسال» إلى بيروت ويعقد اجتماعاً اليوم (الأربعاء) مع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني للبحث في مضمون العقد الموقع بين الشركة والدولة، بعدما اعتبرت الشركة أن المستندات التي تسلمتها من مصرف لبنان غير كافية للاستمرار في مهامها بالتدقيق الجنائي.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.