علم فلسطين في سبسطية يثير حرباً على الرواية التاريخية

المستوطنون يتهمون نتنياهو بالرضوخ أمام أبو مازن ورجاله

طفلان يجتازان منزل الفلسطيني خليل دويكات في الضفة الذي هدمته القوات الإسرائيلية (رويترز)
طفلان يجتازان منزل الفلسطيني خليل دويكات في الضفة الذي هدمته القوات الإسرائيلية (رويترز)
TT

علم فلسطين في سبسطية يثير حرباً على الرواية التاريخية

طفلان يجتازان منزل الفلسطيني خليل دويكات في الضفة الذي هدمته القوات الإسرائيلية (رويترز)
طفلان يجتازان منزل الفلسطيني خليل دويكات في الضفة الذي هدمته القوات الإسرائيلية (رويترز)

في أعقاب عملية ترميم واسعة نفذتها الحكومة الفلسطينية في منطقة سبسطية، الواقعة على بعدِ اثنَي عشر كيلومتراً شمال شرق نابلس، في الضفة الغربية المحتلة، التي توجت بإعادة رفع العلم الفلسطيني على سارية مرتفعة 12 متراً، توجه قادة المستوطنات اليهودية في المنطقة برسالة حادة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اتهموه فيها بالرضوخ للرواية التاريخية الفلسطينية وطمس الرواية التاريخية اليهودية.
وكتب رئيس مجلس مستوطنات السامرة، يوسي دغان، في رسالته، أن «الفلسطينيين يحتلون عاصمة مملكة إسرائيل التاريخية، ويضربون عرض الحائط بقرارات الحكومة الإسرائيلية بشأنها». وادعى أن هذه البلدة هي واحدة من عدة مواقع تاريخية تؤكد الوجود اليهودي في المنطقة قبل أكثر من 3 آلاف سنة، «ويقوم أبو مازن (الرئيس الفلسطيني، محمود عباس)، ورجال من قادة الإرهاب، بعمل منهجي حثيث لمحوه، وتشويه معالمه، حتى يبروا تنكرهم للحق التاريخي لليهود». وهاجم منظمة اليونسكو ودول أوروبا التي تمول مشاريع الترميم الفلسطينية في هذه المواقع. وطالب نتنياهو وسائر الوزراء بالعمل فوراً على وقف النشاطات الفلسطينية واسترجاع هذه المواقع، ووضعها تحت تصرف سلطة الآثار الإسرائيلية.
بالمقابل، يرى الفلسطينيون في هذه المواقع جزءاً من التراث الفلسطيني العريق، الذي يمتد في التاريخ إلى عصر الكنعانيين، الذين سبقوا اليهود في هذه المنطقة. وقال نزار كايد، نائب رئيس بلدية سبسطية، التي يعيش فيها 3 آلاف فلسطيني، إن «الحكومة الفلسطينية والبلدية وغيرهما من المؤسسات الفلسطينية تقوم بترميم المواقع الأثرية وتحويلها إلى مناطق سياحية من دون إنكار للوجود اليهودي التاريخي. فعلى عكس الاحتلال الإسرائيلي الذي يحتل الأرض بقوة البطش ويريد احتلال ذاكرتنا وتاريخنا، نحن نشير إلى وجودنا من العصر الكنعاني، وكذلك إلى الاحتلالات الأجنبية التالية، وبينها الاحتلال العبري. ولا نمحو أثر أي طرف».
المعروف أن السلطة الفلسطينية تقوم بحماية المكان وتطويره برعاية من اليونسكو، وعلى اعتبار أن غالبية الموقع في سبسطية يقع ضمن سيطرة السلطة الفلسطينية وفقاً لتقسيم اتفاقيات أوسلو. وهي تنفذ عمليات الترميم بالتعاون الوثيق مع المنظمة الثقافية ودول الاتحاد الأوروبي. ويغيظ هذا التصرف قادة المستوطنين ومن آن لآخر ينفذون اعتداءات على العمال الفلسطينيين في المكان، تساندهم قوات الاحتلال. وفي كل مرة يرفع فيها الفلسطينيون علمهم الوطني، تصدر سلطات الاحتلال أمراً عسكرياً بإنزاله. وتنفذ الأمر بالقوة، وتدخل في صدامات مع أهالي البلدة الذين يهبون لحمايته ويعيدون رفعه. وفي الأسبوع الماضي، أتمت الحكومة الفلسطينية مشروع ترميم سبسطية، وأقامت احتفالاً دشنت فيه الموقع، بحضور ورعاية رئيس الوزراء، د. محمد أشتية.
الجدير ذكره أن هناك مجموعة من النشطاء اليهود المتطرفين، يعيشون في المستعمرات المحيطة بمدينة نابلس وقراها، ويمارسون الاعتداءات على الحاضر الفلسطيني، وليس فقط الماضي والرواية التاريخية. وفي أمس واصل مئات المستوطنين هجماتهم على كروم الزيتون الفلسطينية ليمنعوا أصحابها من قطف الثمار. وفي بلدة بيت فوريك شرق نابلس، والأراضي الشرقية لبلدة العيساوية قرب القدس، ساهمت قوات الاحتلال بإدخال جرافات لهدم الغرف الزراعية التي يستخدمها الفلاحون الفلسطينيون في موسم الزيتون، واقتلاع الأشجار وتجريف الأراضي. كما اعتدى مستوطنون على أراضي قرية الساوية جنوب نابلس، وتسببوا في كسر يد المزارع الفلسطيني، جهاد فؤاد جازي (48 عاماً). وقال شهود عيان، إن جازي كان برفقة زوجته خلال تفقده أرضه الواقعة شرق البلدة عندما لاحقه مستوطنون وهاجموه بالحجارة، الأمر الذي أدى إلى إصابته، ونقل على أثرها للمشفى لتقلي العلاج.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.