ألمانيا «نافرة» من ترمب الذي تجاهل جذوره... وتفضل بايدن

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في هامبورغ (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في هامبورغ (أرشيفية - رويترز)
TT

ألمانيا «نافرة» من ترمب الذي تجاهل جذوره... وتفضل بايدن

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في هامبورغ (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في هامبورغ (أرشيفية - رويترز)

لا تخفي الصحافة الألمانية نفورها من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، كما لا يخفي هو عدم إعجابه الكبير بألمانيا، رغم أنه يحمل إرثاً ألمانياً في جذوره.
فاسم ترمب أصله ألماني. وهو ما زال شائعاً في بلدة صغيرة لا يزيد عدد سكانها عن 1200 نسمة، تقع في غرب البلاد في ولاية راينلاند بفالتس، اسمها «كالشتات». حتى منزل عائلته ما زال موجوداً في تلك البلدة، وتحول معلماً سياحياً غريباً في تلك البلدة النائية الهادئة.
في ذاك المنزل، عاش فريدريش ترمب، جد الرئيس الأميركي، قبل أن يهاجر إلى الولايات المتحدة عام 1885 ليتحول إلى رجل غني، جنى ثروة من لا شيء. ولكن مع ذلك، فإن ترمب الحفيد غير محبوب كثيراً في تلك البلدة. حتى إن سيدة تحمل اسم عائلة ترمب وتملك مخبزاً في بلدة مجاورة، حاولت الاستفادة من الاسم تجارياً، ولكن الأمر ارتد عليها. فأورسولا ترمب، السيدة الألمانية التي تصغر الرئيس الأميركي بعام واحد، وتبلغ 73 عاماً، تملك مخبزاً في بلدة فرانشايم المجاورة، وهي ترفع اسمها بفخر عليه. وفي الداخل كانت تخبز كعكاً وتطبع صور دونالد ترمب عليها. ورغم أن السياح قصدوا مخبزها في البداية، فإن سكان البلدة قاطعوها، لأنهم اعتبروا أنها تروج لرجل لا يحظى بكثير من التقدير عندهم.
قد تكون هذه «العدائية» هي التي ردعت ترمب الرئيس عن زيارة بلدة أجداده، رغم أنه زار ألمانيا مرتين، وإن بشكل خاطف خلال فترة رئاسته. وكان ترمب الرئيس الأميركي الوحيد منذ سنوات الذي «تجاهل» السفر إلى ألمانيا في زيارة رسمية للبحث في العلاقات الثنائية. ففي زيارته الأولى، جاء إلى هامبورغ بعد أشهر قليلة من تسلمه الرئاسة في عام 2017 ولكن فقط للمشاركة في قمة العشرين. ثم في ديسمبر (كانون الأول) 2018 عاد ولكن توقف فقط وهو في طريق عودته من العراق ليزور الجنود الأميركيين في قاعدة رامشتاين العسكرية، التي تبعد أقل من ساعة بالسيارة، أو بضع دقائق بالهليكوبتر عن بلدة جده «كالشتات».
والمقارنة صارخة بين علاقة ترمب بألمانيا، وعلاقة سلفه باراك أوباما بها. فالأخير، زارها مرتين في فترة رئاسته، وقبل انتخابه كذلك، واستمر بزيارتها ولقاء ميركل بعد خروجه من البيت الأبيض. ومنح شرف أن يخطب بالبرلينيين من أمام بوابة براندنبرغ حيث وقف قبله الرئيس الأسبق جون أف كينيدي عام 1963 وهتف «أنا برليني» باللغة الألمانية. كان كينيدي يقف حينها في الجانب الغربي للجدار الذي كان يقسم المدينة، ويدعو البرلينيين لتهديمه. ومثله وقف أوباما يحيي وحدة ألمانيا، ويمطر ميركل الآتية من شرق ألمانيا، بكلمات الإطراء حتى شبع نفسه بها، ليقول إن كليهما «زعيم غير تقليدي بالشكل»، كونها سيدة من شرق ألمانيا نجحت أن تحكم البلاد، وهو رجل أسود. وكانت ميركل الجالسة بقربه تبتسم طوال وقت خطابه.
ولا يمكن أن تكون صورة على النقيض أكثر من صورتها إلى جانب ترمب لاحقاً خلال لقاءاتهما المتكررة. فملامحها تتقلب بين العبوس والتعجب، فيما هو لا يتردد في إمطارها بالانتقادات في وجهها حتى إنه تجاهل مصافحتها مرة وتركها بيد ممدودة بإحراج أمام عدسات المصورين.
وإضافة إلى ذلك، هناك خلافات سياسية كبيرة بين بلديهما، اختار ترمب أن يطرحها من دون شيء من الدبلوماسية. فالخلافات تبدأ بالإنفاق غير الكافي لبرلين على ميزانيتها الدفاعية بحسب توصيات حلف الناتو، وتمتد إلى خط أنبوب الغاز «نورد ستريم 2» الذي تبنيه ألمانيا مع روسيا لاستيراد الغاز مباشرة منها، ما دفع ترمب لفرض عقوبات على المشروع. لكن الخلافات تمتد إلى أكثر من ذلك بكثير، وتتعلق مثلاً بالفائض التجاري الألماني، وبانسحاب ترمب من اتفاقية المناخ والاتفاق النووي مع إيران، حتى إلى سياسة الهجرة الألمانية التي غالباً ما ينتقدها ترمب.
ورغم أن برلين اليوم لم تبدِ رأياً حول من هو مرشحها المفضل في الانتخابات الأميركية، فإن تفضيلها للمرشح الديمقراطي جو بايدن واضح. حتى ترمب يعلم ذلك، فهو قال ممازحاً في أحد التجمعات الانتخابية قبل أيام إن «ألمانيا تريد أن تتخلص» منه.
وهنا في برلين، يكرر المحللون الألمان أن لا خيار أمام برلين إذا أرادت تحسين علاقتها بالولايات المتحدة، إلا أن تنتظر رحيل ترمب.
ووزير الخارجية الألماني هايكو ماس تحدث عن مساعيه لفتح «صفحة جديدة» مع واشنطن بعد الانتخابات بغض النظر عن الفائز. ورفض بالتأكيد تسمية مرشحه المفضل، وقال في مقابلة أدلى بها لصحيفة «تاغس شبيغل أم زونتاغ»: «سيكون خطراً لو أنني كوزير خارجية أبديت آراء شخصية حول نتيجة الانتخابات في دولة أخرى». ولكنه انتقد ترمب بشكل غير مباشر عندما قال إنه يتمنى أن يقبل المهزوم بالنتيجة، في تلميح إلى مقالات تحدثت عن أن ترمب سيعارض النتيجة إذا خسر الانتخابات.
وأعلن ماس أنه سيقترح «اتفاقاً جديداً» حول العلاقات عبر الأطلسي بعد الانتخابات الأميركية مهما كان الفائز. وامتدح في المقابل مقاربة بايدن للعلاقات الدولية، مشيراً إلى ضرورة أن يعود التعاون الدولي لحل الأزمات العالمية.
لكن رغم هذا التفضيل غير المعلن، يشكك كثيرون في أن تتغير جذرياً السياسة الأميركية تجاه ألمانيا، خاصة ما يتعلق بالخلافات حول إيران ومشروع الغاز الروسي والإنفاق الدفاعي.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».