الحريري يقدم لعون تشكيلة وزارية... والاعتذار غير وارد

مشاورات تأليف الحكومة اللبنانية متوقفة وتدور في حلقة مفرغة

عون والحريري في أحد لقاءاتهما (الرئاسة اللبنانية)
عون والحريري في أحد لقاءاتهما (الرئاسة اللبنانية)
TT

الحريري يقدم لعون تشكيلة وزارية... والاعتذار غير وارد

عون والحريري في أحد لقاءاتهما (الرئاسة اللبنانية)
عون والحريري في أحد لقاءاتهما (الرئاسة اللبنانية)

كشف مصدر سياسي لبناني واسع الاطلاع أن الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري لن يبقى مكتوف اليدين حيال استمرار المراوحة التي تؤخر ولادتها وأعادت المشاورات إلى المربع الأول. وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إنه (الحريري) سيبادر في أي لحظة إلى كسر الحلقة المفرغة التي تحاصر عملية تأليفها بأن يتقدم من رئيس الجمهورية ميشال عون بمشروع تشكيلة وزارية من 18 وزيراً ليكون في وسعه أن يبني على الشيء مقتضاه في ضوء رد فعل عون الذي يحق له دستورياً عدم الموافقة عليها أو أن يطلب التريث قبل أن يحدد موقفه النهائي من التشكيلة.
ولفت المصدر السياسي إلى أن الحريري اختلى بنفسه بعيداً من الاتصالات منذ يوم الجمعة الماضي، وانصرف إلى تقويم ما آلت إليه مشاوراته مع عون تمهيداً لتحديد الخيار الذي سيأخذه من مجموعة من الخيارات لكسر المراوحة في المشاورات التي تدور في حلقة مفرغة، وقال إنه استقر في رأيه على أن يتقدم من عون بتشكيلة وزارية، وهكذا دواليك سيعيد الكرة في حال اعترض عليها من دون أن يلجأ إلى خيار الاعتذار على الأقل في المدى المنظور.
وأكد أن الحريري يأخذ في الاعتبار أن تتشكل الصيغة الوزارية من وزراء مستقلين واختصاصيين ولا يمت من يشارك فيها بصلة إلى التسريبات الإعلامية التي تعاملت مع المشاورات التي أجراها من زاوية أنها تعطي الأولوية للمحاصصة في توزيع الحقائب الوزارية. ورأى أنها تحقق التوازن بين الطوائف وتدفع باتجاه الخروج عن الأعراف والتقاليد في توزيع الحقائب السيادية لجهة إصراره على أن تكون بعض هذه الحقائب من حصة الطوائف الصغيرة بدلاً من أن تبقى محصورة بالطوائف الأربع: الموارنة، الشيعة، السنة، الأرثوذكس.
واعتبر أن الصيغة الوزارية التي أعدها الحريري يفترض أن تكون مدعاة لثقة محلية وعربية ودولية لتمرير رسالة لكل من يعنيهم الأمر بأنه باقٍ على التزامه بالمبادرة الفرنسية وبخريطة الطريق التي طرحها الرئيس إيمانويل ماكرون وحظيت بتأييد أبرز المكونات السياسية التي التقاها في قصر الصنوبر.
وقال إن أي صيغة أخرى ستقابل حتماً بالرفض من المجتمع الدولي الذي يبدي استعداده لإنقاذ لبنان ومساعدته للخروج من أزماته شرط أن يبدأ اللبنانيون بمساعدة أنفسهم.
وأكد المصدر السياسي أن التشكيلة الوزارية التي أعدها الحريري لن تخضع للبازار السياسي ولا لتوزيع الحصص أو منح جوائز ترضية لهذا الطرف أو ذاك. وقال إن أي تشكيلة تراعي المعايير السابقة في تأليف الحكومات سترتد سلباً على لبنان وستكون أشبه بمن يحاكي نفسه، وبالتالي لا جدوى من تسويقها محلياً أو خارجياً.
ورأى أن الحريري لا يتوخى من خطوته هذه حشر هذا الطرف أو ذاك بمقدار ما أنه أراد أن يدق ناقوس الخطر في الوقت المناسب لتوجيه رسالة في أكثر من اتجاه بأن إنقاذ البلد لن يتحقق من خلال الاعتماد على أدوات الشغل السابقة، وبالتالي التصرف وكأننا بألف خير وقد تجاوزنا الكارثة التي حلت ببيروت من جراء الانفجار الذي حصل في المرفأ.
مراجعة نقدية

ونصح بعدم الرهان على أن الحريري سيضطر للتسليم بشروط البعض للإفراج عن التشكيلة الوزارية، وعزا السبب إلى أنه تغير واستفاد من التجارب السابقة وأجرى مراجعة نقدية بينت له أين أخطأ وأين أصاب، وقال إن الضغط عليه لن يجدي نفعاً ولن يبدل من قناعاته بذريعة أن ما يهمه العودة بأي ثمن إلى رئاسة الحكومة.
واعتبر المصدر نفسه بأن الأجواء الإيجابية التي اتسمت بها مشاوراته مع عون سرعان ما تبدلت، وهذا ما أدى إلى خفض منسوب التفاؤل الذي كان سائداً حتى ليل الخميس الماضي وعكسه رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمام زواره، قبل أن يبادر إلى حبس أنفاسه في اليوم التالي في ضوء ما توارد إليه من معطيات لم تكن مرضية.
وأكد المصدر أن الحريري التزم بالسرية التامة حول المداولات التي جرت بينه وبين عون على امتداد أكثر من نصف دزينة من اللقاءات لأن بعضها أحيط بسرية تامة، وقال بأنه لن ينجر إلى سجالات سياسية مع أحد.

العائق الأساسي

وكشف رئيس حكومة سابق، فضل عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط»، أن العائق الأساسي الذي يؤخر ولادة الحكومة يقع على عاتق رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي يسعى لفرض هيمنته على التشكيلة الوزارية من دون أن يبادر عون إلى ردعه لئلا نقول إنه اضطر لمراعاته برغم أنه لم يصمد أمام بعض ما اتفق عليه مع الحريري.
وإذ لفت إلى أن «حزب الله» لم يتدخل لدى عون ومن خلال باسيل لتسهيل ولادة الحكومة، قال في المقابل بأنه يدعم زيادة عدد الوزراء من 18 إلى 20 وزيراً حرصاً منه على إرضاء حليفه الذي يصر على تمثيل النائب طلال أرسلان في الحكومة.

عقدة مفتعلة

ورداً على سؤال أوضح المصدر أن ما ورد في عظة البطريرك الماروني بشارة الراعي بعد انتهاء السينودس، يحظى بتأييد السواد الأعظم من اللبنانيين الذين يرون أن هناك ضرورة لمبادرة بعض الأطراف أو جميعها إلى التنحي إفساحاً في المجال أمام المجيء بحكومة هي الأولى من نوعها في تاريخ لبنان.
وأكد أن عون لم يكن مضطراً للتصرف حيال الرأي العام وكأنه يفاوض الحريري بالنيابة عن باسيل، وقال إن العقدة تكمن في إصراره على الحصول على الثلث الضامن أو المعطل في الحكومة وفي تمثيل أرسلان الذي يتزعم كتلة نيابية هي بمثابة وديعة لباسيل أودعها لديه في محاولة لتعويمه.
ورأى بأن المشكلة ليست في العقدة الدرزية التي هي مفتعلة ويتذرع بها باسيل لحجب الأنظار عن شهيته اللامتناهية للسيطرة على المفاصل الرئيسة في الحكومة، وقال إن هذا لا يعني عدم وجود عقد أخرى لكنها قابلة للحل بخلاف الشروط التي يضعها باسيل مع أنه يعلم بأن لا مكان للثلث الضامن في الحكومة وأصبح من مخلفات الماضي وهذا ما يدركه الجميع.

الملف الأمني

وكشف بأن عون ومن خلاله باسيل يريد الاحتفاظ بحقائب الدفاع والداخلية والطاقة والعدل وهذا ما يعني أنه يريد الإمساك بالملف الأمني وإلا ما هو المبرر للاستقبالات التي ينظمها باسيل لعدد من الضباط المتقاعدين لاختيار من يرشحه من بينهم لوزارتي الدفاع والداخلية التي من يشغلها هو بمثابة الحاكم الإداري للبنان، وبالتالي لن تسند وكسواها إلا لشخصيات مستقلة؟
وعليه، يبقى السؤال، لماذا لم يقرر «حزب الله» التدخل لدى عون وباسيل؟ وهل لامتناعه علاقة بما يشاع بتأجيله تشكيل الحكومة إلى ما بعد تظهير نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية التي تجري غداً؟ وكيف سيتعامل عون مع إصرار الحريري على موقفه بالتقدم منه بتشكيلة وزارية تلو الأخرى، وبالتالي، هل سيترك لبنان دولياً؟ أم أن التأزم سيفتح الباب أمام مداخلات خارجية لمنع انهيار لبنان وزواله والذي سيدفع باتجاه سقوط الهيكل فوق رؤوس الجميع بلا استثناء، وبالتالي يدخل البلد في أزمة غير مسبوقة.



هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أكد المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، الأربعاء، أن القوات الإسرائيلية ستنسحب من المناطق الجنوبية قبل انتشار الجيش اللبناني، وذلك غداة إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأضاف هوكستين في تصريحات تلفزيونية لوسائل إعلام لبنانية: «(حزب الله) انتهك القرار 1701 لأكثر من عقدين وإذا انتهك القرارات مجدداً سنضع الآليات اللازمة لذلك».

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، وقفاً لإطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دخل حيّز التنفيذ في الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلّي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاتفاق سيسمح لبلاده التي ستحتفظ «بحرية التحرّك» في لبنان، وفق قوله، بـ«التركيز على التهديد الإيراني»، وبـ«عزل» حركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اتفاق وقف النار في لبنان يجب أن «يفتح الطريق أمام وقف للنار طال انتظاره» في غزة.

وأعلن الجيش اللبناني، اليوم، أنه بدأ نقل وحدات عسكرية إلى قطاع جنوب الليطاني، ليباشر تعزيز انتشاره في القطاع، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وذلك بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي بدأ سريانه منذ ساعات.

وقال الجيش في بيان إن ذلك يأتي «استناداً إلى التزام الحكومة اللبنانية بتنفيذ القرار (1701) الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة، والالتزامات ذات الصلة، لا سيما ما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وأضاف أن الوحدات العسكرية المعنية «تجري عملية انتقال من عدة مناطق إلى قطاع جنوب الليطاني؛ حيث ستتمركز في المواقع المحددة لها».

وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد أعلن في وقت سابق أن لبنان سيعزز انتشار الجيش في الجنوب في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال ميقاتي بعد جلسة حكومية إن مجلس الوزراء أكّد الالتزام بقراره «رقم واحد، تاريخ 11/10/2014، في شقه المتعلق بالتزام الحكومة اللبنانية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701... بمندرجاته كافة لا سيما فيما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وطالب في الوقت نفسه «بالتزام العدو الإسرائيلي بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي احتلها، تنفيذا للقرار 1701 كاملا».

وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله» بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006.

وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.وأعرب ميقاتي في الوقت نفسه عن أمله بأن تكون الهدنة «صفحة جديدة في لبنان... تؤدي إلى انتخاب رئيس جمهورية» بعد عامين من شغور المنصب في ظلّ الخلافات السياسية الحادة بين «حزب الله» حليف إيران، وخصومه السياسيين.

من جهته، دعا رئيس البرلمان اللبناني وزعيم حركة أمل نبيه بري النازحين جراء الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، للعودة إلى مناطقهم مع بدء سريان وقف إطلاق النار. وقال في كلمة متلفزة «أدعوكم للعودة إلى مسقط رؤوسكم الشامخة... عودوا إلى أرضكم التي لا يمكن أن تزداد شموخاً ومنعة إلا بحضوركم وعودتكم إليها».ودعا كذلك إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية» بعد عامين من شغور المنصب.

ومن المنتظر أن تتولى الولايات المتحدة وفرنسا فضلاً عن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وقال هوكستين إن بلاده ستدعم الجيش اللبناني الذي سينتشر في المنطقة. وأكد: «سندعم الجيش اللبناني بشكل أوسع، والولايات المتحدة هي الداعم الأكبر له، وسنعمل مع المجتمع الدولي جنبا إلى جنب».