الراعي يدعم المفاوض اللبناني: حدودنا مثبتة منذ 1920

البطريرك بشارة الراعي (الوكالة المركزية)
البطريرك بشارة الراعي (الوكالة المركزية)
TT

الراعي يدعم المفاوض اللبناني: حدودنا مثبتة منذ 1920

البطريرك بشارة الراعي (الوكالة المركزية)
البطريرك بشارة الراعي (الوكالة المركزية)

منح البطريرك الماروني بشارة الراعي، الفريق المفاوض لترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع إسرائيل، دعماً لموقفه بتأكيده رفض المساس بحدود لبنان الدولية المرسمة والثابتة منذ إعلانِ دولة لبنان الكبير في عام 1920.
ويخوض وفد لبناني، عسكري ومدني - تقني، مفاوضات غير مباشرة مع الجانب الإسرائيلي تحت رعاية الأمم المتحدة وبوساطة أميركية في رأس الناقورة في أقصى جنوب غربي لبنان، لترسيم الحدود البحرية والبرية بما يتيح للبنان التنقيب عن النفط والغاز في المياه الاقتصادية الجنوبية.
ويصرّ الوفد اللبناني المفاوض على أن ترسيم الحدود البحرية ينطلق من آخر نقطة على الحدود البرية التي تحمل اسم B1، وهي النقطة المثبتة في اتفاقية ترسيم الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين في أيام الانتداب الفرنسي والبريطاني للدولتين، وأودعت عصبة الأمم في عام 1923 التي اعترفت بها كحدود دولية. وجرى تثبيت هذه النقطة الحدودية في اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل في عام 1949. بينما تصر إسرائيل على أن ترسيم الحدود ينطلق من النقطة 23 التي وضعتها بعد تحرير جنوب لبنان في عام 2000، وهي تقع على بعد 30 متراً إلى داخل الأراضي اللبنانية عن النقطة الحدودية المرسمة سابقاً.
وظهر في الجولتين السابقتين للمفاوضات في 28 و29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن هناك خلافاً عقيماً، وقدم الوفد اللبناني الخرائط والإحداثيات الجغرافية والوثائق التاريخية التي تثبت الحق اللبناني.
وتطرق البطريرك الراعي، أمس، في عظة الأحد، إلى مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وقال: «يجب أن تشمل الحدود البرية أيضاً بما يحفظ حقوق لبنان، بل وأن تثبتها». وأوضح أن «حدود لبنان الدولية مرسمة وثابتة منذ إعلانِ دولة لبنان الكبير سنة 1920، ونرفض المس بها. لذلك حري بالدولة اللبنانية أن تنطلق في مفاوضاتها من خط تلك الحدود التي أعيد تثبيتها في اتفاقية الهدنة سنة 1949، وليس من أي اتفاقية أخرى». وشدد على ذلك «لأننا نتمسك بوِحدة لبنان وكيانه، فلا نريد أن يعبث بالدستور هنا وبالحدود هناك».
وقال الراعي في عظته، «كل ذلك يؤكد ضرورة عودة اللبنانيين، كل اللبنانيين إلى كنف الدولة، وضرورة عودة الدولة إلى كنف الدستور»، مضيفاً: «في المراحل المصيرية تبقى وحدة الشعب، معطوفة على اتباع نظام الحياد الناشط، أفضل شبكة حماية لبقاء لبنان بمنأى عن عدوى الصراعات التي تهدد منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً بمنأى عن صراع الأديان، وأفضل مصدر للاستقرار السياسي والنهوض الاقتصادي، وحماية دور لبنان للتلاقي بين الثقافات والديانات».
في سياق منفصل، تحدث الراعي في عظته عن «بلبلة في المصالح الشخصية والولاءات الخارجية، وغياب في السلطة الإجرائية، وفوضى إدارية وأمنية من جراء السلاح غير الشرعي والمتفلت والسرقات والاعتداءات، والتهريب خارج البلاد وعلى حسابها، وتسييس القضاء».
وسأل: «إلى متى يتمادى المعنيون، من مسؤولين وسياسيين ونافذين وأحزاب، وبأي حق، في عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة؟ ألا يخجلون من الله والناس وذواتهم وهم يعرقلون».
وهاجم الراعي معرقلي تشكيل الحكومة بالقول: «لا حماية للمبادئ الدستورية والثوابت الوطنية، بل تمسكاً بمحاصصتهم، والحقائب الطائفية، فيما نصف الشعب اللبناني لا يجد حصة طعام ليأكل، ويوضب حقائبه ليهاجر». ودعا الراعي لأن يوقف جميع الأطراف ضغوطهم على الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، «لكي يبادر بالتعاونِ مع رئيس الجمهورية إلى إعلانِ حكومة بمستوى التحديات. لكن ما رشح عن نوعية الحكومة العتيدة لا يشير إلى الاطمئنان».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».