انتخابات الرئاسة الأميركية 2020... «اقتراع كوفيد»

سيدة تجمل سيارتها للتشجيع على التصويت في الانتخابات الأميركية (رويترز)
سيدة تجمل سيارتها للتشجيع على التصويت في الانتخابات الأميركية (رويترز)
TT

انتخابات الرئاسة الأميركية 2020... «اقتراع كوفيد»

سيدة تجمل سيارتها للتشجيع على التصويت في الانتخابات الأميركية (رويترز)
سيدة تجمل سيارتها للتشجيع على التصويت في الانتخابات الأميركية (رويترز)

في أواخر يناير (كانون الثاني)، بعد مدة قصيرة من تأكيد أول إصابة بـ«كوفيد - 19» في الولايات المتحدة، بلغ سوق أسهم نيويورك أعلى مستوياته وكان تأثير الصعوبات التي تمر بها «بوينغ» على الاقتصاد أكبر مصدر قلق بالنسبة للرئيس دونالد ترمب.
وقال ترمب في دافوس إن «الحلم الأميركي عاد أكبر وأفضل وأقوى من أي وقت مضى».
وبعد تسعة شهور، تأكدت إصابة أكثر من تسعة ملايين شخص بفيروس كورونا المستجد بينما توفي ما يقارب من 230 ألفاً بالوباء، مما جعل من الفيروس ثالث عامل متسبب بالوفيات لهذا العام.
وازدادت قتامة الأرقام عندما أضيفت نحو مائة ألف وفاة إضافية لأشخاص كانوا مصابين بـ«كوفيد - 19» ولم يتم تشخيصهم بشكل صحيح إلى الحصيلة.
ورغم الانتعاش الكبير الذي شهده الاقتصاد في الفصل الثالث من العام، خسر ملايين الأميركيين وظائفهم، مما حطّم إحدى أهم الحجج التي يركّز عادة الرؤساء الأميركيون الساعون للفوز بولاية ثانية عليها، وهي تلك المبنية على قوة الاقتصاد، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
لكن لا تزال هزيمة ترمب في الانتخابات الثلاثاء المقبل أمراً غير مؤكد إطلاقاً بينما يعتقد الجمهوريون أن الناخبين سيعاقبون خصمه جو بايدن على فشله في تنظيم حملة انتخابية واسعة على الأرض.
لكن تخبط إدارته للوباء كلّفته أصوات ناخبين على غرار كيمبرلي ماكليمور البالغة من العمر 56 عاماً من فلوريدا والتي كانت تعمل في المجوهرات قبل أن يضرب الوباء.
وقالت ماكليمور، التي لطالما كانت مع الجمهوريين، إنها تعتقد أن ترمب كان يبلي بلاءً حسناً في البداية عندما عقد إيجازات صحافية يومية وبدا أنه ينصت إلى العلماء، لكنها لاحقاً أدركت أنه لا يأخذ الأزمة على محمل الجد.
وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا يمكن أن يسمح لي ضميري بالتصويت لهذا الرجل»، مضيفة أن والديها وهما في الثمانينات من عمرهما صوتا كذلك لبايدن، وكانت هذه أول مرة يصوّتان فيها لأي ديمقراطي.
وجاء في ختام دعاية نظمّتها مجموعة «مشروع لينكولن» التي تضم جمهوريين سابقين جعلوا من هزيمة ترمب مهمتهم «صوّت وكأن حياتك تعتمد على الأمر».
وخلال تجمّعات انتخابية وعبر «تويتر»، اتّهم ترمب وسائل «الإعلام السخيفة الزائفة» بالتركيز على «كوفيد، كوفيد، كوفيد» للإضرار بفرصه في الفوز بولاية ثانية.
وعطّل الفيروس جهوده منذ بدء الحملة. وفي يونيو (حزيران)، أقام أول تجمّع انتخابي في زمن الوباء داخل قاعة مغلقة في تولسا، والتي ثبت أنها كانت مناسبة محرجة سواء بسبب عدد الحضور أو إمكانية تسببها بنقل العدوى بشكل واسع.
وأظهرت استطلاعات جرت على مدى عدة أشهر أن الأميركيين يرون أن رئيسهم لم يحسن إدارة أزمة الفيروس.
وأعرب 40 في المائة من المستطلعين عن تأييدهم لطريقة تعامله مع الأزمة مقارنة بـ60 في المائة في مارس (آذار)، بحسب استطلاع لمؤسسة «غالوب».
لكن عادة ما يكون هذا النوع من الاستطلاعات عاماً بشكل كبير لتحديد إن كان سيكون هناك «تأثير كوفيد» على الانتخابات.
لكن باحثين قاموا بتحليل جديد نشرته مجلة «ساينس أدفانسز» العلمية قالوا الجمعة إنهم توصلوا إلى ذلك. وبنوا بحثهم على ردود في أكثر من 300 ألف استطلاع من صيفي عامي 2019 و2020 وربطوها بمعدّلات الوفيات المحلية الناجمة عن «كوفيد - 19». ليستنتجوا أن الوباء قد يكون أضر بشكل كبير بالتأييد الشعبي لترمب.
وعلى وجه الخصوص، كان الأشخاص الذين يعيشون في المقاطعات التي شهدت تضاعف معدلات الوفيات في الشهر السابق ليوم استطلاع آرائهم، قالوا إن احتمال تصويتهم لترمب أقل بما معدله 0.14 في المائة، وأن احتمال تصويتهم لمرشحين جمهوريين في الكونغرس أقل بنسبة 0.28 في المائة.
وقد لا تبدو هذه النسب كبيرة، لكن كريستوفر وارشو من جامعة جورج واشنطن قال إنها قد تحمل أهمية بالغة. وقال: «تُحدد الكثير من الانتخابات بهوامش ضئيلة. لذا فإن حتى التأثيرات الصغيرة تعد مهمة بما فيه الكفاية». وأضاف: «من المرجّح جداً بناء على نتائجنا، أن (كوفيد) سيتسبب بخسارة الرئيس وأعضاء حزبه نصف نقطة أو نقطة أو أكثر في بعض الولايات والمقاطعات».
وسيكون ذلك كافياً لبايدن. ففي عام 2000، شكّلت بضع مئات الأصوات فقط الحد الفاصل بين الفائز والخاسر في ولاية فلوريدا.
وقبل أربع سنوات، قلب تقدّم ترمب بـ77 ألف صوت فقط في ثلاث ولايات هي بنسيلفانيا وميشيغان ووسكنسن المعادلة في الانتخابات لصالحه.



آخر ليلة لترمب في البيت الأبيض... هدوء وبحث قرارات عفو

دونالد ترمب (يمين) وجو بايدن (أ.ب)
دونالد ترمب (يمين) وجو بايدن (أ.ب)
TT

آخر ليلة لترمب في البيت الأبيض... هدوء وبحث قرارات عفو

دونالد ترمب (يمين) وجو بايدن (أ.ب)
دونالد ترمب (يمين) وجو بايدن (أ.ب)

أمضى الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب آخر يوم كامل له في البيت الأبيض في بحث قرارات عفو يمكن أن يصدرها، الثلاثاء، في حين يرتقب وصول الرئيس المنتخب جو بايدن إلى واشنطن، استعداداً لتنصيبه في مراسم سيقاطعها سلفه خلافاً للتقليد المتبع.
ولم يسجل أي ظهور علني لترمب منذ أسبوع، وهو يلتزم صمتاً غير معتاد، خصوصاً بعدما علق «تويتر» حسابه، إثر تحريضه مناصرين له على التوجه إلى الكونغرس.
ولم يدل بأي مداخلة عبر شبكة «فوكس نيوز» الإخبارية المفضلة لديه، كما لم تجر معه شبكات التلفزة أي مقابلة، ولم يلقِ أي خطاب احتفالي لعرض حصيلة ولايته الرئاسية، حسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي سابقة أخرى، لم يهنئ ترمب بايدن بفوزه بالرئاسة، ولم يتمنَّ له التوفيق، ولم يدعه إلى البيت الأبيض.
ومن الخطوات الأخيرة التي يتوقع أن يتخذها قبل التوجه إلى فلوريدا من قاعدة آندروز الجوية، صباح الأربعاء، إصدار قرارات عفو تكثر التكهنات حول هويات المستفيدين المحتملين منها.
ولا تدل المؤشرات الأخيرة على إمكان إصداره عفواً استباقياً عن نفسه أو عن أولاده.
وخارج سياج البيت الأبيض، تبدو العاصمة الأميركية أشبه بحصن منيع قبيل مراسم تنصيب بايدن، مع انتشار مكثف لقوات الحرس الوطني، وغياب شبه تام للمارة.
وبسبب جائحة «كوفيد-19»، يتوقع ألا تشهد مراسم التنصيب التي ستقام ظهر (الأربعاء) حضوراً حاشداً. لكن تسود مخاوف من هجمات لليمين المتطرف، بعدما اقتحم أنصار لترمب مقر الكونغرس في السادس من يناير (كانون الثاني)، ما استدعى نشر أعداد غير مسبوقة من القوات المسلحة، والحواجز الإسمنتية، وتقسيم المنطقة إلى نطاقين: «أخضر» و«أحمر».
وبعد تصويت مجلس النواب على توجيه الاتهام لترمب بـ«التحريض على التمرد»، على خلفية اقتحام أنصاره مقر الكونغرس، من المتوقع أن يبدأ مجلس الشيوخ قريباً محاكمة الملياردير الجمهوري، ما من شأنه أن يفاقم التوترات.
ويتوقع أن يصل بايدن، السيناتور الديمقراطي المخضرم الذي شغل منصب نائب الرئيس في عهد باراك أوباما، مع زوجته جيل، إلى واشنطن من مقر إقامتهما في ويلمنغتون بولاية ديلاوير.
وامتلأت المساحات العشبية في متنزه ناشيونال مول بنحو مائتي ألف علم أميركي تمثل الحشود التي تحضر عادة مراسم تنصيب الرؤساء.
وينتشر في واشنطن 20 ألف عنصر من الحرس الوطني، كثر من بينهم مزودون بأسلحة آلية وبكامل عتادهم.
وفي مؤشر يدل على مدى التوتر القائم في العاصمة منذ اقتحام أنصار ترمب مقر الكونغرس، أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي أنه يدقق في سيَر العناصر الذين سيكونون منتشرين (الأربعاء).
ويتمسك بايدن برفع شعار الوحدة، وهو يؤكد أنه قادر على إعادة اللحمة بين الأميركيين لكي يواجهوا يداً واحدة الأزمات التي تشهدها البلاد، بدءاً بجائحة «كوفيد-19».
وفي خطوة ترمز إلى روحية جديدة في قيادة البلاد، دعا بايدن زعماء الكونغرس الجمهوريين والديمقراطيين إلى المشاركة معه في صلاة، صباح الأربعاء، في واشنطن قبل حفل تنصيبه.
ووافق زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الذي كان حتى الآونة الأخيرة أحد أقرب حلفاء ترمب على المشاركة في هذه الصلاة في كاتدرائية القديس متى، وفق مصدر مطلع على جدول أعماله.
وتبقى مهمة ترمب الأساسية غير المنجزة بعد قائمة الأشخاص الذين يتوقع أن يصدر عفواً عنهم.
وبحسب شبكة «سي إن إن» الإخبارية، وغيرها من وسائل الإعلام الأميركية، أعد ترمب قائمة تضم مائة شخص يعتزم العفو عنهم.
وأفادت صحيفة «نيويورك تايمز» أن جهوداً حثيثة بذلت لتضمين القائمة مزيجاً من أسماء موظفين ارتكبوا مخالفات وشخصيات يدافع عن قضاياها نشطاء حقوقيون.
ومن أكثر الأسماء المطروحة إثارة للجدل إدوارد سنودن، الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية، الملاحق قضائياً في بلاده بتهمة تسريب تفاصيل برنامج تجسس، وجوليان أسانج مؤسس موقع «ويكيليكس»، وستيفن بانون مستشار ترمب.
ومن شأن إصدار ترمب عفواً عن نفسه أو عن عائلته، وهي خطوة من غير المتوقع أن يقدم عليها، وفق أحدث التقارير، أن يفاقم الغضب المتصاعد في صفوف أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ كان تأييدهم له تاماً في السباق، في خضم التحضيرات للمحاكمة الرامية لعزله.