في أواخر يناير (كانون الثاني)، بعد مدة قصيرة من تأكيد أول إصابة بـ«كوفيد - 19» في الولايات المتحدة، بلغ سوق أسهم نيويورك أعلى مستوياته وكان تأثير الصعوبات التي تمر بها «بوينغ» على الاقتصاد أكبر مصدر قلق بالنسبة للرئيس دونالد ترمب.
وقال ترمب في دافوس إن «الحلم الأميركي عاد أكبر وأفضل وأقوى من أي وقت مضى».
وبعد تسعة شهور، تأكدت إصابة أكثر من تسعة ملايين شخص بفيروس كورونا المستجد بينما توفي ما يقارب من 230 ألفاً بالوباء، مما جعل من الفيروس ثالث عامل متسبب بالوفيات لهذا العام.
وازدادت قتامة الأرقام عندما أضيفت نحو مائة ألف وفاة إضافية لأشخاص كانوا مصابين بـ«كوفيد - 19» ولم يتم تشخيصهم بشكل صحيح إلى الحصيلة.
ورغم الانتعاش الكبير الذي شهده الاقتصاد في الفصل الثالث من العام، خسر ملايين الأميركيين وظائفهم، مما حطّم إحدى أهم الحجج التي يركّز عادة الرؤساء الأميركيون الساعون للفوز بولاية ثانية عليها، وهي تلك المبنية على قوة الاقتصاد، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
لكن لا تزال هزيمة ترمب في الانتخابات الثلاثاء المقبل أمراً غير مؤكد إطلاقاً بينما يعتقد الجمهوريون أن الناخبين سيعاقبون خصمه جو بايدن على فشله في تنظيم حملة انتخابية واسعة على الأرض.
لكن تخبط إدارته للوباء كلّفته أصوات ناخبين على غرار كيمبرلي ماكليمور البالغة من العمر 56 عاماً من فلوريدا والتي كانت تعمل في المجوهرات قبل أن يضرب الوباء.
وقالت ماكليمور، التي لطالما كانت مع الجمهوريين، إنها تعتقد أن ترمب كان يبلي بلاءً حسناً في البداية عندما عقد إيجازات صحافية يومية وبدا أنه ينصت إلى العلماء، لكنها لاحقاً أدركت أنه لا يأخذ الأزمة على محمل الجد.
وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا يمكن أن يسمح لي ضميري بالتصويت لهذا الرجل»، مضيفة أن والديها وهما في الثمانينات من عمرهما صوتا كذلك لبايدن، وكانت هذه أول مرة يصوّتان فيها لأي ديمقراطي.
وجاء في ختام دعاية نظمّتها مجموعة «مشروع لينكولن» التي تضم جمهوريين سابقين جعلوا من هزيمة ترمب مهمتهم «صوّت وكأن حياتك تعتمد على الأمر».
وخلال تجمّعات انتخابية وعبر «تويتر»، اتّهم ترمب وسائل «الإعلام السخيفة الزائفة» بالتركيز على «كوفيد، كوفيد، كوفيد» للإضرار بفرصه في الفوز بولاية ثانية.
وعطّل الفيروس جهوده منذ بدء الحملة. وفي يونيو (حزيران)، أقام أول تجمّع انتخابي في زمن الوباء داخل قاعة مغلقة في تولسا، والتي ثبت أنها كانت مناسبة محرجة سواء بسبب عدد الحضور أو إمكانية تسببها بنقل العدوى بشكل واسع.
وأظهرت استطلاعات جرت على مدى عدة أشهر أن الأميركيين يرون أن رئيسهم لم يحسن إدارة أزمة الفيروس.
وأعرب 40 في المائة من المستطلعين عن تأييدهم لطريقة تعامله مع الأزمة مقارنة بـ60 في المائة في مارس (آذار)، بحسب استطلاع لمؤسسة «غالوب».
لكن عادة ما يكون هذا النوع من الاستطلاعات عاماً بشكل كبير لتحديد إن كان سيكون هناك «تأثير كوفيد» على الانتخابات.
لكن باحثين قاموا بتحليل جديد نشرته مجلة «ساينس أدفانسز» العلمية قالوا الجمعة إنهم توصلوا إلى ذلك. وبنوا بحثهم على ردود في أكثر من 300 ألف استطلاع من صيفي عامي 2019 و2020 وربطوها بمعدّلات الوفيات المحلية الناجمة عن «كوفيد - 19». ليستنتجوا أن الوباء قد يكون أضر بشكل كبير بالتأييد الشعبي لترمب.
وعلى وجه الخصوص، كان الأشخاص الذين يعيشون في المقاطعات التي شهدت تضاعف معدلات الوفيات في الشهر السابق ليوم استطلاع آرائهم، قالوا إن احتمال تصويتهم لترمب أقل بما معدله 0.14 في المائة، وأن احتمال تصويتهم لمرشحين جمهوريين في الكونغرس أقل بنسبة 0.28 في المائة.
وقد لا تبدو هذه النسب كبيرة، لكن كريستوفر وارشو من جامعة جورج واشنطن قال إنها قد تحمل أهمية بالغة. وقال: «تُحدد الكثير من الانتخابات بهوامش ضئيلة. لذا فإن حتى التأثيرات الصغيرة تعد مهمة بما فيه الكفاية». وأضاف: «من المرجّح جداً بناء على نتائجنا، أن (كوفيد) سيتسبب بخسارة الرئيس وأعضاء حزبه نصف نقطة أو نقطة أو أكثر في بعض الولايات والمقاطعات».
وسيكون ذلك كافياً لبايدن. ففي عام 2000، شكّلت بضع مئات الأصوات فقط الحد الفاصل بين الفائز والخاسر في ولاية فلوريدا.
وقبل أربع سنوات، قلب تقدّم ترمب بـ77 ألف صوت فقط في ثلاث ولايات هي بنسيلفانيا وميشيغان ووسكنسن المعادلة في الانتخابات لصالحه.
انتخابات الرئاسة الأميركية 2020... «اقتراع كوفيد»
انتخابات الرئاسة الأميركية 2020... «اقتراع كوفيد»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة