شيف مصري يحوّل الأطباق إلى لوحات فنية

موهبته تمزج ما بين الرسم والطهي... والنتيجة رسومات قابلة للأكل

الشيف خالد مع بيتزا تحمل صورة النجم المصري محمد صلاح - سيرجيو راموس لاعب ريال مدريد الإسباني مع بيتزا تحمل صورته
الشيف خالد مع بيتزا تحمل صورة النجم المصري محمد صلاح - سيرجيو راموس لاعب ريال مدريد الإسباني مع بيتزا تحمل صورته
TT

شيف مصري يحوّل الأطباق إلى لوحات فنية

الشيف خالد مع بيتزا تحمل صورة النجم المصري محمد صلاح - سيرجيو راموس لاعب ريال مدريد الإسباني مع بيتزا تحمل صورته
الشيف خالد مع بيتزا تحمل صورة النجم المصري محمد صلاح - سيرجيو راموس لاعب ريال مدريد الإسباني مع بيتزا تحمل صورته

كفنان تشكيلي عاشق للرسم والألوان، تبدع أنامل الشيف خالد عبد الفتاح، ليس في الطهي وحده، لكن في إبداع صور وبورتريهات المشاهير من الفنانين والرياضيين والسياسيين وغيرهم، مطوعا أدواته في المطبخ ومنتجاته المختلفة من الفاكهة وعجينة البيتزا والأرز في إتمام هذه الرسومات، ورأى أن الطباخ الجيد لا يؤمن بالتخصص في الطهي، فلا بد أن يكون لديه إلمام شامل بكل فنون الطعام.
ومع هذا التغريد خارج السرب؛ أضحى الأربعيني المصري، الذي يحمل عضوية جمعية الطهاة المصريين، ويعمل طاهيا تنفيذياً بأحد فنادق مدينة الغردقة على ساحل البحر الأحمر، من أشهر طهاة المدينة السياحية، بل انتقلت شهرته منها لتحلق مع كل شخصية يرسمها، ليطلق عليه لقب «شيف المشاهير».
يقول عبد الفتاح: «بدأت العمل في مجال الطهي منذ عام 1993، وهي المهنة التي أحببتها منذ أن عملت بها، وقررت أن أكون متميزاً فيها، ولأنني في الأصل أنتمي لمدينة الأقصر السياحية بجنوب مصر، فقد تفتحت عيني على عشق الرسوم الفرعونية في المعابد والمنحوتات على الحجر في مقابر قدماء المصريين، ومع عملي في مجال الطهي أولا في بواخر الأقصر النيلية السياحية، فكرت لماذا لا أن أنفذ رسومات تنقل روح مدينتي ولكن على خامة مختلفة تتعلق بالطعام مجال عملي، وتقديمها للسائحين؟ وهو ما نفذته بالفعل بالنحت والرسم على بعض المأكولات مثل البطيخ والقرع العسلي، وهو ما كان يروق لزوار هذه البواخر من السائحين وشجعني على مواصلة الفكرة والتطوير فيها».
أما عن فكرة رسم المشاهير، فيقول: «كنت أعمل شيف سلطات، التي تعتمد على الـshow ومزج ألوان الخضراوات بشكل جمالي، وهو ما جعل فكرة الألوان تسيطر علي، ونفذت بداية صورة بالجمبري وأنواع الزيتون لنجم كرة القدم كريستيانو رونالدو، ورغم القبول التي حظيت به إلا أنها كانت ذات تكلفة كبيرة. ومع تجربة أكثر من خامة للرسم بها أو عليها، جاءتني فكرة الرسم على عجينة البيتزا، لكونها خامة سهلة التنفيذ وغير مكلفة، وكانت أولى تجاربي قبل نحو 3 سنوات مع أعداد بيتزا تحمل وجه نجم الكرة المصرية محمد صلاح، نفذتها بالموتزاريلا والسلامي، وقد نالت شهرة إعلامية، وحظيت بتقدير من يشاهدها».
خلال الثلاث سنوات الماضية، نفذ الشيف خالد عشرات التصاميم التي تحمل وجوه مشاهير العالم، أو من يحتلون بؤرة الأحداث العالمية، أو الرموز الراحلين من الفنانين والسياسيين وذلك على عجينة البيتزا، قبل تسويتها، فيمكنه أن يصنع لك بيتزا بوجه أم كلثوم، أو شارل شابلن، أو الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، أما الأكثر حضوراً لديه فهم نجوم كرة القدم التي يعشقها، مثل سيرجيو راموس لاعب ريال مدريد الإسباني، وساديو ماني نجم ليفربول الإنجليزي، اللذين التقى بهما في الغردقة وأثنيا على أفكاره وطريقته، وقاما بالتصوير مع البيتزا التي تحمل وجهيهما.
تختلف طريقة تحضير بيتزا الشيف خالد عن طريقة تحضير البيتزا العادية، كونها تعتمد فقط على الجبن وصلصة الطماطم، وعن ذلك يتحدث: «إعداد البيتزا يكون على مرحلتين، الأولى بأخذ العجينة وفردها ووضع صلصة الطماطم عليها، الذي أكون قد قمت بتسويته دون الوصول لدرجة النضج تماما، والمرحلة الثانية تكون بوضع جبن الموتزاريلا، التي أقوم بالرسم بها، وبالتالي يكون لدي لونين هما الأبيض والأحمر، بمعنى أنني اعتبر عجينة البيتزا هي اللوحة الثابتة، ومن خلال اللونين أقوم بتنفيذ ما أرغب من رسومات فوقها».
أما اتقان الرسم، وخروجه بما يشبه ملامح الشخصية الأصلية، فله طريقته، يشرحها قائلاً: «أحضر صورة للشخص الذي أرغب في رسمه، ثم أحولها إلى الأبيض والأسود، وهو ما يعطيني الظلال والخطوط والملامح الأساسية للوجه، وبالتالي تكون سهلة التنفيذ وأبدأ العمل عليها، حيث أقوم باستبدال الأسود في الصورة باللون الأحمر لوص صلصة الطماطم، ودرجة اللون الأبيض يعطيه الجبن الموتزاريلا، وهو الأمر الذي يستغرق مني ساعة ونصف إلى ساعتين للانتهاء تماما من أعداد البيتزا بوجه صاحبها».
خلال الأشهر الماضية ومع توقف العمل بالفنادق بسبب جائحة «كورونا»، استغل «شيف المشاهير» تلك الفترة لتطوير رسوماته، ولجأ إلى رسم البورتريهات بالأرز، الذي يستخدمه مباشرة بلونه الأبيض، أو تحميصه للحصول حتى درجة اللون الذهبي، أو حرقه للحصول على اللون الأسود، وهي الألوان التي قدم بها عددا من البورتريهات لتخليد دور أعضاء وعضوات جيش مصر الأبيض في مواجهة فيروس «كورونا» المستجد.
«أبحث دائماً عن الجديد والغريب»، يقول الشيف المصري، لافتاً إلى أنه دائم التطوير من أسلوبه، فلا ينتهي عمله بالمغادرة إلى المنزل، فهو يلجأ إلى شبكة الإنترنت ليتابع الجديد في عالم الطهي حول العالم وما يقدمه كبار الطهاة، وهي المتابعة التي تعرف من خلالها على النحت على ألواح الثلج، غير المعروفة في مصر، بل ابتكر أدوات تساعده في هذا النحت، كما ابتكر كذلك الرسم ثلاثي الأبعاد داخل حلوى الجيلي.
يؤمن الشيف خالد بأن الطاهي الجيد هو الذي يكون على دراية بكل شيء داخل مطبخه، لذا فلا يعتقد بالتخصص التام في نوع معين من الطعام عن سواه، لكن الإلمام بكل شيء ووجود خلفية وثقافة عن كافة طرق الإعداد، وهو المبدأ الذي أخذه عن الشيف السويسري ماركوس أيتن، مؤسس جمعية الطهاة المصريين.
ويشير إلى أنه يميل إلى أسلوب السهل الممتنع داخل مطبخه، فلا يحب التعقيد، ولا يفضل على سبيل المثال استخدام الأصناف الكثيرة من التوابل التي تضيع الطعم الأصلي، كما يحرص أن تكون جميع مكوناته طازجة غير محفوظة أو مجمدة.
يحلم الشيف خالد بدخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية، لافتاً إلى أن لديه الكثير من الأفكار التي تصلح للتسجيل بالموسوعة، لكن في سبيل ذلك يحتاج إلى دعمه ماديا ومعنويا وإعلاميا لتحقيق هذا الحلم.


مقالات ذات صلة

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».