واتارا يطمح إلى ولاية رئاسية ثالثة في ساحل العاج

أجواء من التوتر تسود البلاد... والمعارضة تقاطع الانتخابات

الرئيس الحسن واتارا يدلي بصوته أمس وتقف إلى جانبه زوجته دومونيك (أ.ف.ب)
الرئيس الحسن واتارا يدلي بصوته أمس وتقف إلى جانبه زوجته دومونيك (أ.ف.ب)
TT

واتارا يطمح إلى ولاية رئاسية ثالثة في ساحل العاج

الرئيس الحسن واتارا يدلي بصوته أمس وتقف إلى جانبه زوجته دومونيك (أ.ف.ب)
الرئيس الحسن واتارا يدلي بصوته أمس وتقف إلى جانبه زوجته دومونيك (أ.ف.ب)

تسود أجواء من التوتر ساحل العاج مع بدء أمس عملية التصويت لانتخابات رئاسية يطمح فيها الحسن واتارا إلى الفوز بولاية ثالثة بعد حملة تخللتها أعمال عنف. وحثت أحزاب المعارضة الرئيسية أنصارها بعدم المشاركة فيها، بحسب وكالة بلومبرغ للأنباء. وتثير الانتخابات مخاوف من حدوث اضطرابات قد تهدد الاستقرار السياسي في أكبر منتج للكاكاو في العالم والتي أصبحت من جديد المحرك الاقتصادي لغرب أفريقيا الناطق بالفرنسية بعد عشر سنوات من النمو القوي في منطقة تهزها هجمات مسلحة متواصلة في منطقة الساحل وكذلك انقلاب في مالي وحركة احتجاج في نيجيريا الدولة العملاقة المجاورة. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش الجمعة إن أكثر من 20 شخصا قتلوا في أعمال عنف قبل الانتخابات. وحظرت الحكومة المظاهرات العامة في منتصف أغسطس (آب) وقامت قوات الأمن بشكل متكرر بتفريق احتجاجات المعارضة واعتقلت المتظاهرين في اشتباكات عنيفة. ويتنافس أربعة مرشحين على أعلى منصب في البلاد. ويعتبر الرئيس الحالي الحسن واتارا، الذي يتولى السلطة منذ عام 2011. أقوى المرشحين. وكان واتارا، 78 عاما، قد تعهد في وقت سابق بالاستقالة بعد ولايته الثانية. لكنه أعلن في أغسطس الماضي عزمه خوض الانتخابات، بعد شهر من الوفاة المفاجئة لخليفته المختار، رئيس الوزراء السابق، أمادو جون كوليبالي. ويسمح دستور كوت ديفوار بفترتين رئاسيتين فقط كل منهما خمس سنوات، لكن حزب تجمع الجمهوريين بزعامة واتارا يؤكد أن التعديل الدستوري في عام 2016 أعاد الأمور إلى بدايتها من جديد. ويفترض أن يختار الناخبون البالغ عددهم 7.5 ملايين من أصل 25 مليون نسمة، أحد أربعة مرشحين هم واتارا (78 عاما) والرئيس الأسبق هنري كونان بيدييه (86 عاما) زعيم أكبر حزب معارض، وباسكال أفي نغيسان (67 عاما) رئيس الوزراء في عهد لوران غباغبو والمستقل كواديو كونان بيرتان (51 عاما).
وقال واتارا في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية «لا تمر مرحلة انتخابات بلا توتر». وأضاف الرئيس الذي يأمل في الفوز من الدورة الأولى معولا على حصيلة أدائه في مجال الاقتصاد، «لماذا تفتقد (الانتخابات) إلى الشرعية؟ كنت أتمنى منافسة بيدييه وأفي نغيسان لإلحاق الهزيمة بهما مرة أخرى».
وفي ظل أجواء المقاطعة، تشكل نسبة المشاركة رهانا كبيرا في الاقتراع. ولدى مفوضية الانتخابات مهلة خمسة أيام لإعلان النتائج.
وقالت ربة العائلة سياكا كوليبالي التي حضرت للتصويت في مركز كينيدي سياماكي في حي أبوبو الشعبي في أبيدجان «جئنا للتصويت من أجل مستقبل ساحل العاج، من أجل أطفالنا، ليكون لديهم عمل». وكان مئات الناخبين مصطفين أمام المركز عند فتح أبوابه، كما جاء في تقرير الصحافة الفرنسية. من جهته، صرح باتريك ألو (32 عاما) في مركز مدرسة نوتردام في حي بلاتو في عاصمة البلاد الاقتصادية أيضا أن «العملية يسودها التوتر والخوف يعتري السكان وهذا يمكن أن يؤثر على نسبة المشاركة». وأضاف «لكل شخص رأيه لكن يجب أن يعبر عنه ويجب ألا يموت الناس من أجل انتخابات». وأكد وزير الأمن ديوماندي فاغوندو الجمعة أن «كل الإجراءات اتخذت ليسمح للسكان بالتصويت (...) بسلام وهدوء». إلا أن مصدرا أمنيا قال «ستحصل حوادث بالتأكيد في مناطق المعارضة». وأغلق أشخاص صباح السبت الطريق الرئيسية في البلاد التي تربط بين أبيدجان ومنطقة الشمال البلاد وتؤدي إلى مالي وبوركينا فاسو. وغادر آلاف من مواطني ساحل العاج المدن الكبرى مثل أبيدجان أو بواكيه للعودة إلى قراهم قبل الاقتراع. ورأى مدير المعهد الاستراتيجي في أبيدجان سيلفان نغيسان أنه «لم تجر حملة حقيقية». وأضاف «سيعاد انتخاب واتارا، لكنه فقد مكانته وأصبح مثل أي رئيس أفريقي آخر يتمسك بالسلطة». ويعيش اثنان من السياسيين الرئيسيين في الخارج هما الرئيس السابق لوران غباغبو (75 عاما) والزعيم السابق لحركة التمرد غيوم سورو (48 عاما)، وقد رفض المجلس الدستوري ترشحهما، مثيرا غضب أنصارهما. وقبل يومين من الاقتراع، خرج غباغبو الذي لم يتحدث علنا منذ اعتقاله في 2011، عن صمته الخميس ليدعو إلى الحوار. وقال لمحطة «تي في 5» في بلجيكا حيث ينتظر محاكمة استئناف محتملة أمام المحكمة الجنائية الدولية، بعد تبرئته الابتدائية من جرائم ضد الإنسانية، إن «ما ينتظرنا هو كارثة». وأضاف «لهذا السبب أتحدث حتى يعرف الناس أنني لا أوافق على جرنا إلى الكارثة. يجب أن نتناقش». وأضاف «الغضب، أتفهمه وأتقاسمه. لماذا ولاية ثالثة؟».



كيف يهدد سقوط الأسد استراتيجية روسيا في أفريقيا؟

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
TT

كيف يهدد سقوط الأسد استراتيجية روسيا في أفريقيا؟

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)

قال تقرير لوكالة «بلومبرغ» للأنباء إن الانهيار السريع لنظام بشار الأسد في سوريا يُهدد قاعدة «حميميم» الجوية، التي اعتمدت عليها روسيا لفرض نفوذها في مختلف أنحاء أفريقيا.

وبحسب التقرير، تستخدم موسكو القاعدة لإرسال أفراد وإمدادات عسكرية إلى مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وكل هذه الدول شهدت انقلابات مؤخراً، وقطعت علاقاتها مع الغرب، في حين تقترب من موسكو التي مكّنها هذا الجسر الجوي من إعادة بناء بعض نفوذها الذي اكتسبته في حقبة الحرب الباردة في القارة، خصوصاً في أماكن، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان.

وسمحت قاعدتا «حميميم» الجوية و«طرطوس» البحرية، اللتان تستقبلان الوقود والإمدادات الروسية بتنفيذ توسع رخيص وفعال لنفوذها العسكري والسياسي والاقتصادي في أفريقيا، والآن قد تحتاج الشبكة التي تدعم عمليات روسيا في القارة، والتي تملأ الفراغ الذي خلفته القوات الغربية المغادرة، إلى إصلاح شامل.

استقبال جندي روسي لبشار الأسد خلال زيارته قاعدة «حميميم» العسكرية في اللاذقية 27 يونيو 2017 (أ.ف.ب)

قال أنس القماطي، مدير معهد صادق، وهو مركز أبحاث مقره ليبيا: «من دون جسر جوي موثوق، تنهار قدرة روسيا على فرض قوتها في أفريقيا، والاستراتيجية العملياتية الروسية بأكملها في البحر الأبيض المتوسط ​​وأفريقيا مُعلقة بخيط رفيع».

وقال القماطي إنه وفي حين أن روسيا، التي دعمت السلطات في شرق ليبيا، لديها قدرات تشغيلية في 4 قواعد جوية ليبية (الخادم والجفرة والقرضابية وبراك الشاطئ) فإن هذه القواعد ستكون بعيدة جداً، بحيث لا يمكن استخدامها في جسر مجدد من موسكو بسبب قيود المجال الجوي في أوروبا.

وقال رسلان بوخوف، رئيس مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات ومقره موسكو، إن القاعدة الجوية السورية ستكون «خسارة كبيرة» للعمليات الأفريقية؛ حيث «كانت جميع الإمدادات تمر عبر (حميميم)، وهذا مهم بشكل خاص لبلد من دون ميناء، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى».

وبدأت جهود موسكو لإعادة بناء النفوذ في أفريقيا فعلياً عام 2018، عندما تم نشر مرتزقة من مجموعة «فاغنر» المرتبطة بالكرملين في جمهورية أفريقيا الوسطى غير الساحلية، للدفاع عن رئيسها المحاصر ضد هجوم المتمردين.

وفي عام 2019، لعب المقاتلون دوراً رئيساً في محاولة من قِبَل الزعيم الليبي الشرقي خليفة حفتر للاستيلاء على العاصمة طرابلس.

ومنذ ذلك الحين، أرسلت مقاتلين إلى مالي والنيجر وبوركينا فاسو، جنباً إلى جنب مع الأسلحة، ما أدّى إلى زيادة أكبر لبصمتها العالمية خارج الكتلة السوفياتية السابقة.

الرئيس الروسي يلقي كلمة في قاعدة «حميميم» في اللاذقية على الساحل السوري يوم 12 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)

وهذا الدعم في خطر؛ لكن المقربين من تلك الحكومات يزعمون أن روسيا ستجد طريقة لمواصلة مساعدتهم.

وقال فيديل غوانجيكا، مستشار رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، إن روسيا «ستكون لديها خطة بديلة»، حتى تظل طرق إمدادها إلى أفريقيا سليمة، سواء باستخدام ليبيا نقطة انطلاق أكثر قوة، أو الوصول إلى جمهورية أفريقيا الوسطى عبر المواني في الكاميرون أو الكونغو، و«لن تكون هناك عواقب على جمهورية أفريقيا الوسطى».

وأضاف غوانجيكا أن أفريقيا الوسطى مستعدة لمساعدة الكرملين في إرسال الإمدادات والجنود من روسيا إلى الحكومات في منطقة الساحل إذا لزم الأمر.

وأعرب إبراهيم حميدو، رئيس إدارة الاتصالات لرئيس الوزراء علي الأمين زين، الذي عيّنه المجلس العسكري في النيجر عام 2023، عن الأفكار نفسها، وقال: «سقوط الأسد لن يُغير علاقاتنا، ويمكن لروسيا أن تجد طرقاً أخرى، من خلال تركيا على سبيل المثال، لدعم النيجر».

وفي حال سمحت تركيا، وهي عضو في حلف شمال الأطلسي، لبعض رحلات الشحن الروسية إلى ليبيا بالمرور عبر مجالها الجوي، فلا يوجد اقتراح فوري بأنها ستعمل بديلاً للجسر الجوي السوري لموسكو، خصوصاً أن مصالح الثنائي في أفريقيا غالباً ما تتباعد.

واقترحت مونيك يلي كام، وهي سياسية في بوركينا فاسو، تدعم المجلس العسكري وعلاقاته القوية مع روسيا، ليبيا خياراً لمساعدة موسكو على «الحفاظ على نفوذها في القارة».

كما لعبت روسيا دوراً رئيساً في الحرب الأهلية السودانية التي استمرت 20 شهراً؛ حيث ألقت مؤخراً بثقلها خلف الجيش في قتاله ضد «قوات الدعم السريع»، كما تواصل الضغط من أجل إنشاء قاعدة على ساحل البحر الأحمر في البلاد، وهو حلم طويل الأمد، من شأنه نظرياً أن يوسع شبكتها اللوجستية.

مقاتلة روسية في قاعدة «حميميم» جنوب شرقي اللاذقية في سوريا أكتوبر 2015 (سبوتنيك)

ومع ذلك، فإن الاحتفاظ بشبكة النفوذ الروسية مترامية الأطراف في أفريقيا لن يكون سهلاً، وفقاً لأولف ليسينغ، مدير برنامج الساحل في مؤسسة «كونراد أديناور»، وهي مؤسسة بحثية ألمانية.

وقال: «إن سقوط الأسد سيعيق بشكل كبير العمليات العسكرية الروسية في أفريقيا، وكانت جميع الرحلات الجوية لتوريد المرتزقة، وجلب الذخيرة والأسلحة الجديدة، تمر عبر سوريا. إنها مسافة بعيدة للغاية للطيران بطائرة نقل محملة بالكامل من روسيا إلى أفريقيا، وسيتعين على روسيا تقليص مشاركتها في أفريقيا وسيكون ذلك أكثر تكلفة بكثير».