مسيرات فلسطينية عقب صلاة الجمعة احتجاجاً على «الرسوم المسيئة»

مسيرة في الأقصى أمس (أ.ف.ب)
مسيرة في الأقصى أمس (أ.ف.ب)
TT

مسيرات فلسطينية عقب صلاة الجمعة احتجاجاً على «الرسوم المسيئة»

مسيرة في الأقصى أمس (أ.ف.ب)
مسيرة في الأقصى أمس (أ.ف.ب)

شهدت الأراضي الفلسطينية أمس، سلسلة مظاهرات عقب صلاة الجمعة، احتجاجاً على «الرسوم المسيئة» للإسلام، ولنصرة قيم التسامح في الدين الإسلامي التي ترفض ارتكاب الجرائم ضد الأبرياء.
وخرج المصلون في المسجد الأقصى المبارك بمسيرة جماهيرية واسعة تحت شعار «لبيك يا رسول الله». وانطلقت مسيرات شبيهة في مختلف أنحاء الضفة الغربية. لكن قوات الاحتلال الإسرائيلي قمعت العديد من هذه المسيرات، بدعوى الأسباب الأمنية وأوقعت كثيراً من الإصابات.
ففي الأقصى المبارك، احتشد المئات من المصلين، أمام المسجد القبلي ورددوا التكبيرات والهتافات المنددة بالإساءة للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم). كما انطلقت مسيرة ثانية من ساحة المسجد القبلي باتجاه ساحة مسجد قبة الصخرة. وفور خروجهم من باب المجلس باتجاه شارع الواد، قامت قوات الاحتلال بتفريقهم والاعتداء عليهم بالضرب والدفع ونصبت حواجز عسكرية وسواتر حديدية ومنعتهم من الوصول إلى ساحة باب العمود، ونفذت اعتقالات لشبان.
وفي كفر قدوم، أصيب شاب بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط والعشرات بالاختناق خلال قمع جيش الاحتلال للمسيرة الأسبوعية السلمية، المناهضة للاستيطان التي خرجت نصرة للنبي (صلى الله عليه وسلم). وأفاد الناطق الإعلامي في إقليم قلقيلية منسق المقاومة الشعبية في كفر قدوم مراد شتيوي، بأن العشرات من جنود الاحتلال ووحدات حرس الحدود هاجموا المشاركين في المسيرة بالأعيرة المعدنية المغلفة بالمطاط وقنابل الغاز والصوت، ما أدى لإصابة أحد الشبان بعيار معدني في اليد وآخرين بالاختناق عولجوا ميدانياً. وأشار شتيوي إلى أن جنود الاحتلال اقتحموا البلدة واعتلوا أسطح منازل المواطنين ولاحقوا الشبان إلى محيط مسجد عمر بن الخطاب، فيما تم كشف كمائن نصبها الجنود في منازل مهجورة بهدف اعتقال الشبان دون تسجيل أي اعتقالات.
كما خرجت مسيرات أخرى في مخيم جنين للاجئين، حيث أصيب ثلاثة فتية بجروح متفاوتة، برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي. وفي قرية بيت دجن شرق نابلس، اقتحمت قوات الاحتلال عدداً من الأحياء بشكل استفزازي بعدد كبير من الآليات العسكرية ترافقها جرافة، وراحت تطلق صليات كثيفة من قنابل صوت، والغاز المسيل للدموع. وقد تبين أن الاقتحام جاء لعرقلة مسيرة دعت إليها اللجنة الشعبية للدفاع عن الأراضي المهددة بالاستيلاء، وفصائل العمل الوطني، التي ستقام على الأراضي التي يهددها الاستيطان شرق القرية.
وفي قرية الساوية جنوب نابلس، قطع مستوطنون متطرفون، صباح أمس (الجمعة)، أعمدة الكهرباء. وقال شهود عيان إن «عدداً من المستوطنين من مستوطنة رحاليم القريبة من القرية قاموا بقطع أعمدة الكهرباء بالمناشير الكهربائية وتدمير شبكة المياه الخاصة بالمواطنين في المنطقة الغربية لقرية الساوية، ما أدى إلى تعطل الخدمات الرئيسية لمئات المواطنين الفلسطينيين في المنطقة».
وفي القدس الشرقية، أكدت سلطات الاحتلال نيتها مواصلة سياسة هدم البيوت الفلسطينية، بحجة أنها لا تحصل على رخصة. وبحسب معطيات جمعية «عير عميم» الإسرائيلية المناهضة للاحتلال، برز أن عمليات الهدم عموماً والعمليات التي يجبر المواطنون فيها على هدم بيوتهم بأيديهم، تضاعفت عدة مرات في الآونة الأخيرة.
وأوضحت المعطيات أن بلدية الاحتلال في القدس أقدمت على هدم 129 وحدة سكنيّة بين شهري يناير (كانون الثاني) وأكتوبر (تشرين الأول) من العام الجاري، وأن عمليات هدم المنازل في القدس، وصلت حتى قبل شهرين من انتهاء عام 2020 إلى حصيلة قياسية، ولفتت إلى أن عمليات الهدم «تجاوزت الرقم السابق المسجّل في عام 2016، حيث تم خلال هذا العام كلّه هدم 123 وحدة سكنيّة».
وقالت الجمعية إن سلطات الاحتلال تمضي قدماً في مشروعها الاستيطاني واسع النطاق في مدينة الخليل، حيث تدفع نحو تنفيذ مخططين استيطانيين في قلب المدينة، يقومان على بناء مزيد من الوحدات الاستيطانية ومضاعفة عدد المستوطنين. وأوضحت الجمعية أن التعديل رقم 116 الذي دخل حيّز التنفيذ سنة 2019 شدد قبضة السلطات في تنفيذ العقوبات ضدّ البناء من دون تصريح، وفرض قيود على قدرة المحاكم على التدخل في مثل هذا النوع القضايا. وطرأ في عام 2019 ارتفاع حاد في منسوب الهدم الذاتي لـ40 وحدة سكنيّة، وذلك مقارنةً بالمعدّل الذي يتراوح بين 10 و15 وحدة سكنيّة تم هدمها في السّنوات السّابقة. ومنذ 20 يناير (كانون الثاني) من العام الجاري، ارتفع عدد مرات الهدم الذاتيّ إلى 84 وحدة سكنيّة و30 مبنى إضافياً. وشددت الجمعية على أن «السلطات الإسرائيليّة لا تتيح لسكان القدس الشرقية من جهة بناء منازلها بحسب القانون، وهي تضاعف من جهة أخرى وتيرة عمليات هدم المنازل».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».