لبنان مغلق بداعي الانتخابات الأميركية

ترمب وبايدن في المناظرة الأخيرة بينهما (أ.ف.ب)
ترمب وبايدن في المناظرة الأخيرة بينهما (أ.ف.ب)
TT

لبنان مغلق بداعي الانتخابات الأميركية

ترمب وبايدن في المناظرة الأخيرة بينهما (أ.ف.ب)
ترمب وبايدن في المناظرة الأخيرة بينهما (أ.ف.ب)

لا يعني لبنان شيئاً في الحملة الانتخابية الأميركية. فهو لم يكن موضع اهتمام السياسة الخارجية الأميركية سوى في لحظات معدودة أثناء الحرب الباردة في 1958 و1983 ولأسباب تتعلق بالصراع العربي - الإسرائيلي. هذا قبل أن يضمحل تأثير السياسات الخارجية على الشأن الداخلي والانتخابي في الولايات المتحدة، فكيف اليوم حيث تتراكم قضايا الوباء والاقتصاد والتأزم بين الإثنيات، بحيث لا تدع مجالاً للعلاقات الخارجية سوى النزر اليسير من اهتمام الناخبين وبمستوى لا يتجاوز العناوين العريضة.
في المقابل، يبدو كل شيء في لبنان معلقاً إلى ما بعد نتائج السباق بين دونالد ترمب وجو بايدن، وسط اعتقاد أن الساكن المقبل في البيت الأبيض ستكون له مواقف من الشرق الأوسط تنعكس على الشأن اللبناني الداخلي بل على تفاصيله الأصغر.
وبعد تكليف سعد الحريري تشكيل الحكومة المقبلة، ساد مناخ أن باب الاحتمالات الذي فتحته انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 قد أقفل نهائياً، وأن المحاولات الإصلاحية التي طالب بها مئات آلاف اللبنانيين في الشوارع قد ذهبت أدراج الرياح.
فاقم من وطأة المناخ هذا، الفشل الذريع في التوصل إلى نتائج في التحقيق المتعلق بانفجار 4 أغسطس (آب)، وأن عمل القضاء اللبناني لم يسفر عن «أي نتائج موثوق بها، بعد أكثر من شهرين» بحسب بيان لمنظمة «هيومان رايتس ووتش» التي أضافت أن «التدخّلات السياسية المترافقة بالتقصير المتجذّر في النظام القضائي جعلت على ما يبدو من المستحيل إجراء تحقيق محلي موثوق به ومحايد».
«تجذر التقصير» المشار إليه هو الاسم الآخر لتمكن الفساد من كل مكونات الدولة اللبنانية التي تتمنع حتى اليوم عن الاستجابة للمطالب الإصلاحية التي ترافقت مع إقرار حزمة المساعدات والقروض التي نص عليها مؤتمر «سيدر» في 2018، والتي أفشلت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي قبل شهور، بعد افتعال خلاف حول مسائل تقنية على إثر تمسك الصندوق بضرورة إجراء إصلاحات واتباع الشفافية في التعاملات المالية والإدارية. تجدر الإشارة إلى أن صندوق النقد قد أصدر قبل أيام تقييماً كالح السواد للوضع الاقتصادي اللبناني أشار فيه إلى انكماش الاقتصاد الكلي 25 في المائة ليعود بذلك إلى مستوى سنة 2002 وتدهور الدخل الفردي إلى معدل سنة 1994. وفي سياق متصل، رفض المصرف المركزي تسليم الوثاق المتعلقة بالتحقيق الجنائي المالي الذي تجريه شركة «ألفاريز أند مارسال» بذريعة السرية المصرفية...
على هذه الخلفية من انعدام أي رغبة في السعي إلى إصلاح حقيقي يخفف عبء المعاناة التي تقتل اللبنانيين، بالمعنى الحرفي للكملة، جراء فقدان كثير من الأدوية وارتفاع أسعار السلع الأساسية وانهيار التعليم وانفلات وباء (كوفيد 19) من كل سيطرة (بلغ العدد الرسمي للمصابين بالمرض 73 ألف إصابة فيما تفتقر المستشفيات إلى المعدات الطبية والأمكنة اللازمة لاستقبال هذا العدد الضخم) تدور المفاوضات الرامية إلى تشكيل حكومة تستعاد فيها الوجوه والأساليب والممارسات التي أوصلت لبنان إلى الكارثة الحالية. في المقابل، لا تُظهر الجماعة المسيطرة على السلطة أقل اهتمام بما يمر به اللبنانيون، وتتركز أنظارها على ما قد تسفر عنه الانتخابات الأميركية التي يعتقد كُثُر أن نتائجها ستعيد رسم خريطة القوى في المنطقة.
وإذا كان الأثر الخارجي على السياسات اللبنانية، تقليدياً كبير الأهمية، ليس لأهمية لبنان للقوى الدولية، بل لعجز الأطراف المحلية عن حيازة القوة اللازمة لفرض هيمنتها من دون الالتحاق بدولة أو جهة خارجية - وهي عادة متجذرة منذ بدايات القرن التاسع عشر، وتسببت بويلات لا تحصى للبنانيين - فإن تفسير الترقب الحالي ينبثق من قناعة بين السياسيين النافذين، مفادها أن موازين القوى لن تتغير جراء أي فعل محلي. وأن التغيير مناط بما ستشهده المنطقة من مفاوضات أو صراعات، خصوصاً بين الولايات المتحدة وإيران.
وتنحصر أهمية تشكيل حكومة سعد الحريري المقبلة في إدارة الأزمة ومنع الانهيار الشامل والحفاظ على حد أدنى من الاستقرار الشكلي، ولو على حساب تفاقم الأزمات المعيشية التي تصيب الأكثرية الكبرى من المواطنين.
المشكلة أن موقفاً انتظارياً كهذا لا يحوز أي هامش حركة أو مناورة، ولا ينطوي على بدائل في حال فشلت المفاوضات الأميركية - الإيرانية المأمولة، أو في حال صرفت الإدارة الأميركية – أيا كان توجهها - النظر عن التعامل مع الوضع في الشرق الأوسط، سواء بسبب المشاغل الداخلية أو لأي علة أخرى. غني عن البيان أن في لبنان من أفشل مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي أعلنها أثناء زيارته إلى بيروت بعد التفجير الإجرامي فيها، على أمل أن يحصل على سعر أفضل في المفاوضات مع الأميركيين.
في غضون ذلك، لا يفضي تعليق كل إصلاح أو علاج إلى أجل غير مسمى، إلا إلى تعفن البلد بأسره، وهجرة مزيد من شبانه وإفقار من نجا حتى اليوم من سيف الفاقة المسلط.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.