تمديد مهلة «المصروفات» يخفض التوتر بين أولياء الأمور والمدارس الخاصة في مصر

انتقادات للمدارس الخاصة في مصر بسبب رفع المصروفات (إ.ب.أ)
انتقادات للمدارس الخاصة في مصر بسبب رفع المصروفات (إ.ب.أ)
TT

تمديد مهلة «المصروفات» يخفض التوتر بين أولياء الأمور والمدارس الخاصة في مصر

انتقادات للمدارس الخاصة في مصر بسبب رفع المصروفات (إ.ب.أ)
انتقادات للمدارس الخاصة في مصر بسبب رفع المصروفات (إ.ب.أ)

ما إن انتظمت الدراسة في مصر قبل أسبوعين، حتى تلاحقت الوقائع المرتبطة بالمصروفات الدراسية التي أحدثت موجات من الانتقادات في مصر، بسبب غرابة العقوبات التي نفذتها بعض المدارس الخاصة في مصر، ما دفع وزارة التربية والتعليم المصرية لفض الاشتباك، وخفض التوتر، عبر قرار جديد بمد مهلة دفع القسط الأول للعام الدراسي الجاري.
تفجرت أزمة المصروفات خلال الأسبوع الماضي، بعد تداول وسائل إعلام مصرية خبر عقاب إحدى المدارس الخاصة لطالبة تدعى سلمى عمرو بنطاق محافظة القاهرة، بـ«تذنيبها» لساعات خلال فترة اليوم الدراسي، ومنعها من دخول الحصص الدراسية، بسبب عدم قيام والديها بسداد المصروفات الدراسية. ثم زادت حدة غضب أولياء الأمور مرة أخرى عقب نشر إحدى المدارس الخاصة بمدينة العاشر من رمضان (شرق القاهرة) تحذيراً موجهاً لأولياء الأمور ممن لم يسددوا المصروفات الدراسية، أشارت فيه إلى أنها بصدد نشر أسماء أبنائهم على صفحة المدرسة على «فيسبوك» كنوع من الضغط عليهم، وهو ما دعا أولياء الأمور لتقديم شكوى لوزارة التربية والتعليم، باعتباره تهديداً من المدرسة بما وصفوه بـ«فضح» أبنائهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأمام موجة من الانتقادات الحادة، اضطرت وزارة التربية والتعليم للرد، مؤكدة على لسان وزيرها الدكتور طارق شوقي أن واقعة «تذنيب» الطالبة «خطأ فادح» يجري التحقيق فيها، مشيراً إلى أنه تم توجيه تحذير للمدارس بمنع ارتباط حضور الطلاب للحصص الدراسية، وتسليم الكتب، بدفع وسداد المصروفات الدراسية، وأوضح في مداخلة تلفزيونية أن الدولة ستنهي هذا الأمر بوضع ضوابط يلتزم بها الطرفان، المدرسة والأهالي.
وقررت وزارة التربية والتعليم، أول من أمس الخميس، مد مهلة سداد القسط الأول المستحق للمدارس الخاصة والدولية، لصالح أولياء أمور الطلاب عن المبالغ المستحقة عليهم عن العام الدراسي الحالي 2020- 2021 إلى نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الجاري؛ ما ساهم في تقليل حدة التوتر بين الجانبين مؤقتاً.
وكانت نور الشافعي - وهي موظفة في إحدى الشركات، وولية أمر طالب بالمرحلة الابتدائية في إحدى المدارس الخاصة بمنطقة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة، (غرب القاهرة) - قد فوجئت بأن ابنها لم يتسلم الكتب في اليوم الأول للدراسة مثل بقية زملائه في الفصل. وتقول لـ«الشرق الأوسط» إنها فوجئت في اليوم الأول للدراسة، بأن زملاء ابنها بدأوا في أداء واجباتهم المدرسية، وأن ابنها لم يتسلم الكتب، وعندما توجهت للمدرسة في اليوم التالي أبلغوها أن ذلك أمر متعمد لتأخرها في دفع المصروفات، بالإضافة إلى زيادة المصروفات من دون التيقن من استكمال الدراسة أم لا في ظل الجائحة.
ووفقاً لإحصائية رسمية لوزارة التربية والتعليم المصرية صدرت في فبراير (شباط) الماضي، فإن عدد تلاميذ مرحلة التعليم قبل الجامعي في مصر يبلغ أكثر من 23 مليون تلميذ وتلميذة.
أزمات التعليم لم تقتصر على المصروفات المدرسية هذا العام؛ بل امتدت أيضاً إلى مصروفات الحافلة المدرسية، التي بدأت قصتها من الفصل الثاني للعام الدراسي الماضي، بعد أن تسببت ظروف جائحة «كورونا» في إنهاء العام الدراسي مُبكراً، ما جعل الطلاب لم تستفد من خدمة الحافلة المدفوعة، ما دعا جهاز حماية المستهلك في مصر في أغسطس (آب) الماضي، إلى إلزام المدارس برد 25 في المائة من إجمالي مصروفات الحافلة المدرسية عن العام الدراسي الذي لم يتم استكماله، إلا أن الجهاز لا يزال يتلقى شكاوى من عديد من الأهالي بسبب رفض بعض المدارس رد تلك القيمة أو حتى خصمها من مصروفات الحافلة المدرسية للعام الجديد.
وتقول الدكتورة سعاد الديب، رئيسة الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك، لـ«الشرق الأوسط»، إن موضوع مصروفات الحافلة المدرسية تمت دراسته في جهاز حماية المستهلك بتمعن، وبعد تلك الدراسة تم اتخاذ قرار رد 25 في المائة من قيمة اشتراكات الحافلات للأهالي، ورغم ذلك فإننا نتسلم شكاوى عدة.
وتؤكد الديب أن ثمة عشوائية عامة ترتبط بالنظام المدرسي في مصر؛ مشيرة إلى أن العقد الذي يجمع ولي الأمر بالمدرسة هو الذي يتم الاستناد إليه في مسائل مثل نسب الزيادة السنوية، وإجمالي عدد الأقساط، وتعتبر أن هذا العام الدراسي تحديداً له ظروف خاصة صعبة على الجميع؛ لا سيما الأطفال، بسبب «كورونا».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».