الاقتصاد الألماني يحتاج إلى 3 سنوات لاستعادة عافيته

وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير في مؤتمر صحافي  ببرلين أمس للإعلان عن توقعات النمو (أ.ف.ب)
وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير في مؤتمر صحافي ببرلين أمس للإعلان عن توقعات النمو (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد الألماني يحتاج إلى 3 سنوات لاستعادة عافيته

وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير في مؤتمر صحافي  ببرلين أمس للإعلان عن توقعات النمو (أ.ف.ب)
وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير في مؤتمر صحافي ببرلين أمس للإعلان عن توقعات النمو (أ.ف.ب)

تبدو التوقعات شديدة التضارب بالنسبة لتعافي الاقتصاد الألماني عقب الانهيار المرتبط بجائحة كورونا في الربيع الماضي. ففي حين تشير الأرقام الرسمية إلى تحسن وتفاؤل، فإن تقديرات أخرى تتوقع أن يستغرق الأمر نحو 3 سنوات للعودة إلى مستويات ما قبل الجائحة.
وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني، الجمعة، استناداً إلى بيانات مؤقتة، أن الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا ارتفع في الربع الثالث من هذا العام بنسبة 8.2 في المائة، في مقابل الربع الثاني.
وبحسب البيانات، فإن الناتج المحلي الإجمالي لأكبر اقتصاد في أوروبا تراجع في الربع الثالث من هذا العام، في مقابل الربع الأخير من عام 2019، وهو الربع السابق لأزمة كورونا العالمية، بنسبة 4.2 في المائة. وأوضح المكتب أن النمو في الربع الثالث من هذا العام كان مدفوعاً بزيادة نفقات الاستهلاك الخاصة، وارتفاع الصادرات على نحو قوي، بالإضافة إلى استثمار الشركات على نحو أكبر في الآلات والتجهيزات. ومن جانبها، قالت وزارة الاقتصاد الألمانية، الجمعة، إن أكبر اقتصاد في أوروبا سينكمش 5.5 في المائة، على الأرجح، في العام الحالي، لتعدل توقعات سابقة بانكماش 5.8 في المائة، على أن ينمو 4.4 في المائة في 2021.
وتلقى الاقتصاد الألماني ضربة قوية من جائحة فيروس كورونا هذا العام. ومن المقرر سريان إجراءات عزل عام في أنحاء البلاد يوم الاثنين، في مسعى لكبح زيادة في الإصابات. وما زالت التوقعات الجديدة للوزارة لعام 2020 تعني أن ألمانيا في إحدى أسوأ حالات الركود في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية هذا العام، لكنها تعني أن أداء البلاد ليس بالسوء الذي شهدته خلال الأزمة المالية العالمية في 2009. وعلى جانب آخر، يتوقع خبراء اقتصاد أن يتسبب تفاقم أزمة الجائحة في إعادة الاقتصاد الألماني سنوات إلى الوراء. وذكر خبراء شركة «بروغنوز» الألمانية للبحوث الاقتصادية والاستشارات، في سيناريو عن الأزمة نُشر الجمعة في برلين: «الوضع الوبائي الحالي يدعو إلى حد كبير إلى القلق من أن العواقب الاقتصادية الحادة الدائمة أيضاً سيكون وقعها أكثر خطورة بكثير مما كان متوقعاً خلال الأشهر الماضية». وقال ميشائيل بومر، كبير الاقتصاديين في «بروغنوز»: «بوجه عام، سيغيب عنا النمو الاقتصادي لمدة تتراوح بين 3 و4 سنوات»، موضحاً أنه كلما كان من الممكن الحد من العدد المتزايد من الإصابات بشكل أسرع، انخفض الضرر الاقتصادي. وفي سيناريو الأزمة، افترض خبراء الاقتصاد في «بروغنوز» أن التعافي الاقتصادي المتوقع حتى الآن سيتأخر بمقدار ربعين سنويين. ويفترض الباحثون أن الاقتصاد سينهار مرة أخرى، وإن كان بدرجة أقل مما كان عليه في الربيع، حيث من المرجح أن يتردد المستهلكون والشركات في الإنفاق والاستثمار بسبب عدم اليقين المتزايد، في حين أن زيادة أعداد الإصابات في البلدان الأخرى ستؤدي إلى تباطؤ اقتصاد التصدير.
وفي هذا السيناريو، يتوقع الباحثون أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا هذا العام بنسبة 8.1 في المائة، على أن يعود الاقتصاد للنمو مجدداً العام المقبل بنسبة 2.5 في المائة، وهي نسبة أضعف بكثير مما تم توقعه من قبل.
وفي مقابل عام ما قبل الأزمة 2019، سينخفض الناتج المحلي الإجمالي لأكبر اقتصاد في أوروبا بنحو 190 مليار يورو في عام 2021. ووفقاً للتقديرات، ستكون هذه خسارة قدرها 2200 يورو لكل فرد.
وكتب الخبراء: «في نهاية عام 2021، سيكون الناتج الاقتصادي أقل بنسبة 3.5 في المائة من المستوى في نهاية عام 2019... ولن نصل إلى مستوى ما قبل الأزمة إلا بحلول عام 2023». ومن بين البيانات التي تعضد تأخر التعافي، أظهرت بيانات، الجمعة، أن مبيعات التجزئة الألمانية انخفضت بأكثر من المتوقع في سبتمبر (أيلول)، مما يثبط آمالاً في أن إنفاق الأسر سيساهم في قيادة تعافٍ قوي في أكبر اقتصاد بأوروبا في الربع الثالث بعد الموجة الأولى من جائحة «كوفيد-19». وقال مكتب الإحصاءات الاتحادي إن مبيعات التجزئة انخفضت 2.2 في المائة على أساس شهري بالقيمة الحقيقية، بعد تعديل بالخفض لزيادة 1.8 في المائة في أغسطس (آب). ويأتي هذا في مقابل توقعات لـ«رويترز» بانخفاض 0.8 في المائة.
وتسببت التحذيرات من السفر كذلك جراء الجائحة، والإلغاءات، وحالة عدم اليقين لدى العملاء، في إحداث فجوة عميقة في ميزانيات مكاتب السفر ومنظمي الرحلات في ألمانيا. وجاء في تقييم لشركة «ترافل داتا + أناليستيكس» لخدمات شركات السياحة والسفر أن مبيعات الموسم الصيفي هذا العام، حتى وضع الحجز في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، تراجعت بنسبة 78 في المائة، في مقابل الفترة الزمنية نفسها عام 2019. وبحسب التقديرات، بلغت نسبة التراجع في نهاية أغسطس (آب) الماضي 74 في المائة، وتراجعت مبيعات الموسم الشتوي (2020-2021) بنسبة 66 في المائة.


مقالات ذات صلة

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.