دفع الرئيس الإيراني حسن روحاني باتجاه طمأنة مواطنيه بأن العقوبات الأميركية «تلفظ أنفاسها الأخيرة»، وأعرب عن ثقته بـ«الانتصار»، عازياً المشكلات المعيشية إلى تراجع مبيعات النفط. وتعهد أن تعمل الحكومة على رفع العقوبات «في إطار أصول النظام».
وعاد روحاني مرة أخرى إلى توجيه انتقادات للسياسة الخارجية الأميركية اعتماداً على الموقف الأوروبي المؤيد للاتفاق النووي، والمواجهة الأخيرة بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين حول أهمية تمديد حظر السلاح الأممي على طهران.
وقال روحاني: «ترون ما لديهم من مشكلات في المناظرات الانتخابية، وليس لديهم ما يقولونه في السياسة الخارجية، يواجهون مشكلات حتى مع حلفائهم وأصدقائهم». وقال أيضاً: «عندما ننتصر في السياسة الخارجية، أميركا تغضب وتفرض عقوبات على وزير خارجيتنا، وعندما ننجح في بيع النفط ومشتقاته، يفرضون عقوبات على وزير النفط، كل هذا سببه فشل السياسة الأميركية».
جاء خطاب روحاني، بعد يومين من فرض الخزانة الأميركية عقوبات على وزير النفط بيجن زنغنه وكبار المسؤولين في وزارة النفط الإيرانية، بتهمة تمويل أنشطة «فيلق القدس»، المكلف بتنفيذ العمليات الاستخباراتية والعسكرية لـ«الحرس الثوري».
وتفاقمت الأزمة الاقتصادية الإيرانية بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، في مايو (أيار) 2018. قبل أن تشدد واشنطن ضغوطها الاقتصادية على مراحل مختلفة خلال العامين الماضين، شملت قطع مبيعات النفط الإيراني وعزل شبكة البنوك الإيرانية.
وقبل الانسحاب الأميركي بـ5 أشهر، نزل الإيرانيون للشارع في أول احتجاجات نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي، في أعقاب إعادة انتخاب حسن روحاني لولاية ثانية.
وتجددت الاحتجاجات الاقتصادية العام الماضي، بعد قرار مفاجئ للحكومة برفع أسعار البنزين إلى 300 في المائة في محاولة لزيادة موارد الحكومة في مواجهة العقوبات الأميركية.
وحاول روحاني، أمس، طمأنة الإيرانيين، عندما قال: «نحن نعلم ونرى بوضوح أن الناس يواجهون مشكلات، من الواضح أنه عندما لا يكون لدينا 50 مليار دولار من مبيعات النفط أن يواجه الناس الضغوط». وأضاف: «نحن في حرب اقتصادية، ومن الواضح أن فيها جرحى، وأن معيشة الناس تواجه مشكلات، لكننا نبذل جهودنا لتقليل مشكلات الناس».
وأعرب روحاني عن ثقته «بأننا سنتخطى هذه الطريق بفخر وانتصار، ولا يمكن للأميركيين أن يستمروا بهذا الوضع». وقال: «العقوبات الأميركية تلفظ أنفاسها الأخيرة، لقد طالت كل الأشخاص والأشياء. بطبيعة الحال نحن مضطرون للتوقف عن مواصلة هذا المسار الخاطئ»، غير أنه لمح إلى إمكانية التفاوض عندما وعد بأن تواصل حكومته رفع العقوبات، «في إطار أصول النظام».
في السياق نفسه، أشار روحاني إلى خطة أعلنتها وزارة النفط والبنك المركزي خلال الأيام القليلة الماضية، لتبادل السلع بالنفط. وأعلن عن التوصل إلى إجماع حول الخطة في اجتماع اقتصادي ترأسه أول من أمس.
وقال روحاني إن «البنك المركزي سيكون مسؤولاً عن توفير الموارد الأساسية للنفط ومشتقاته والبتروكيماويات والفولاذ، ووزارة الصناعة ستعمل على إعادة موارد الصادرات إلى الداخل، عبر التبادل وربط الصادرات بالواردات إذا اقتضت الحاجة». وتنفس روحاني الصعداء هذا الأسبوع بعدما بادر «المرشد» الإيراني علي خامنئي بتجديد دعمه، وأصرّ على التمييز بين «الإساءات» و«الانتقادات»، معتبراً أن ما واجه الرئيس الإيراني من انتقادات خلال الأسابيع الماضية «خطأ» و«إساءة».
وهذا الأسبوع، أعلن أكثر من مسؤول حكومي أن طهران تجري مفاوضات مع عدة دول، منها كوريا الجنوبية، لإعادة أصول مجمدة عبر تبادل السلع أو ما تسميه الحكومة بـ«تهاتر»، وهي طريقة تعتمد عليها إيران للالتفاف على العقوبات.
ومنذ السبت الماضي، واصلت الحكومة الإشادة بخطاب خامنئي. واقتبس روحاني أمس عدة مرات عبارات خامنئي، لتوجيه اللوم إلى منتقديه. وقال روحاني: «مثلما قال المرشد، فإن تبادل التفاهات والإساءات لا صلة لها بالنقد»، واعتبر الإساءات «محاربة لله».
وقال روحاني: «لسنا في أوضاع عادية، حتى لو كنا في أوضاع عادية، ولم تكن عقوبات أو كورونا، ولم يكن لدى الناس أي مشكلة، فسنكون بحاجة للأخوة من أجل التنمية والتقدم».
وقال روحاني إن جميع الفاعلين في الحكومة والقضاء والبرلمان «لا يوجد أحد يدعي العصمة من الأخطاء ولا يمكن انتقاده»، غير أنه رفض الانتقادات «التي لا تأخذ نقاط القوة بعين الاعتبار وتركز على نقاط الضعف». وقال: «خطوة المرشد تثقل كاهلنا في ظل هذه الأوضاع الصعبة».
وكان البرلمان الإيراني قد سحب الأسبوع الماضي مشروعاً لاستجواب روحاني، بدعوى عدم اكتمال النصاب، وهي المرة الثانية التي حاول فيها النواب مساءلة الرئيس الإيراني بعد محاولة في الصيف الماضي، انتهت بتدخل مباشر من خامنئي.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، دعا رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، نواب البرلمان إلى كتمان انتقاداتهم للحكومة. مقابل ذلك، قال رئيس القضاء، إبراهيم رئيسي، أول من أمس، إن على نواب البرلمان أن يقدموا مطالبهم للمسؤولين «دون تلعثم» و«في إطار الشرع والقانون ومبادئ الثورة».
وكان رئيس لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان، مجتبى ذو النوري قد دعا إلى «إعدام روحاني ألف مرة بسبب منطقه من صلح الحسن بن علي مع معاوية بن أبي سفيان» في تلميح إلى إمكانية تجدد التفاوض بين طهران والولايات المتحدة.
روحاني: العقوبات الأميركية تلفظ أنفاسها الأخيرة
قال إن استمرار بيع النفط دفع واشنطن لإدراج زنغنه على القائمة السوداء
روحاني: العقوبات الأميركية تلفظ أنفاسها الأخيرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة