محاولات أوروبية «يائسة» لتحاشي الإغلاق التام

مركز مكافحة الأوبئة يتوقع معركة طويلة ضد «كورونا» قد لا تنتهي بالقضاء عليه

عمال يتظاهرون ضد إجراءات «كورونا» في برلين أمس (أ.ف.ب)
عمال يتظاهرون ضد إجراءات «كورونا» في برلين أمس (أ.ف.ب)
TT

محاولات أوروبية «يائسة» لتحاشي الإغلاق التام

عمال يتظاهرون ضد إجراءات «كورونا» في برلين أمس (أ.ف.ب)
عمال يتظاهرون ضد إجراءات «كورونا» في برلين أمس (أ.ف.ب)

بدّد مدير الوكالة الأوروبية للأدوية غيدو رازي أمس (الأربعاء)، الآمال المعلّقة على ظهور قريب للسلاح اللقاحي ضد «كوفيد - 19»، مؤكداً في تصريحات أن «الحديث عن وصول اللقاح بحلول نهاية العام الجاري هو محض سراب، وتحصين الجميع ضد الفيروس يستغرق فترة لا تقلّ عن عام في أحسن الأحوال».
جاءت هذه التصريحات على لسان مدير الهيئة المخوّلة إعطاء الموافقة النهائية على استخدام اللقاح، بينما كانت أوروبا تستفيق على يوم آخر تحطمّت فيه أرقام قياسية جديدة في عدد الإصابات اليومية وارتفعت فيه أعداد الوفيّات الناجمة عن فيروس «كورونا المستجدّ» إلى مستويات بدأت تقترب من تلك التي شهدتها موجة الوباء الأولى في الربيع الفائت. وفيما تضع حكومات أوروبية عدة اللمسات الأخيرة على خطة جديدة لإعلان الإقفال التام بعدما تبيّن أن التدابير الأخيرة بفرض حظر التجول الليلي والإغلاق المبكر للمقاهي والمطاعم والعزل الجزئي لبعض الأحياء أو المناطق، لم تنفع لكبح جماح الفيروس الذي ينتشر بمعدلات غير مسبوقة منذ ظهوره في أوروبا مطلع هذه السنة.
وحذّر رازي من أنه «إذا لم تسرع الحكومات في وضع خطط لتلقيح المواطنين، فقد تطول حملات التحصين خمسة أو ستة أشهر إضافية وندفع ثمناً باهظاً لهذا التأخير كما يحصل الآن بسبب عدم الاستعداد في حينه للموجة الثانية».
وعن توقعاته بشأن موعد نزول اللقاحات الأولى إلى الأسواق، قال رازي: «حتى اليوم لم نتبلغ من شركات الأدوية البيانات السريرية عن المرحلة الأخيرة من التجارب، وإذا لم تحصل مفاجآت نتوقع أن تصدر الموافقة على اللقاحات الأولى مطالع فبراير (شباط) المقبل. لكنّ ذلك يتوقف على إنجاز الشركات التي تطوّر اللقاح كل بياناتها وفقاً للقواعد والشروط المرعيّة بحلول نهاية الشهر المقبل». وأوضح أن «تلقيح جميع مواطني الاتحاد الأوروبي يقتضي ما لا يقلّ عن 500 مليون جرعة من اللقاح، وأن إنتاج هذه الكمية مستحيل بحلول نهاية السنة المقبلة». وأضاف: «لا شك عندي في أننا سنتمكّن من القضاء على الفيروس، لكننا لا نعرف اليوم متى يمكن أن نصل إلى المناعة الجماعية التي تتوقّف على فاعلية اللقاحات وعلى نجاعة الخطط التي تضعها الحكومات لتلقيح المواطنين ونجاحها في إقناعهم بتناول اللقاح».
واستبعد مدير الوكالة الأوروبية للأدوية نزول اللقاحات التي يجري تطويرها في الصين وروسيا إلى الأسواق الأوروبية قبل تلك التي يجري تطويرها في الدول الغربية. وقال: «لا بد لتسويق هذه اللقاحات في البلدان الأوروبية من موافقة الوكالة، وأشكّ أن يتمكنوا من استيفاء شروطنا قبل اللقاحات التي يجري تطويرها وإنتاجها في أوروبا».
وفي موازاة ذلك، أعلن المركز الأوروبي لمكافحة الأوبئة والوقاية منها عن قلقه من عدم وجود خطط وطنية لتوزيع اللقاح في البلدان الأوروبية، مشدّداً على أهميتها في تحديد الإجابات السريعة والحاسمة على تساؤلات عديدة مثل قدرة اللقاحات على وقف سريان الفيروس ومدى فاعليتها التي تحتاج إلى فترة لا تقلّ عن ستة أشهر لمعرفتها.
اتساع الاحتجاجات
من جهتها، أعربت المفوضيّة الأوروبية أمس، عن قلقها من اتساع دائرة الاحتجاجات الشعبية ضد التدابير التي تعتمدها الحكومات لوقف الانتشار السريع والكثيف للوباء واحتوائه، وانحراف العديد من هذه الاحتجاجات نحو أعمال الشغب والعنف واستغلالها من الجماعات المتطرفة.
وقال ناطق بلسان المفوضيّة أمس (الأربعاء)، إن اجتماعاً لمجلس وزراء الداخلية في الاتحاد الأوروبي سيُعقد الأسبوع المقبل لمناقشة هذه التطورات وتنسيق الجهود بين الدول الأعضاء لمواجهتها.
تجدر الإشارة إلى أن مصادر أمنية أوروبية تعبر منذ فترة عن مخاوفها من تصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد تدابير احتواء الفيروس وجنوحها بشكل متزايد نحو العنف والشغب، وتحذّر بشكل خاص من تغلغل الجماعات المتطرفة في صفوف المتظاهرين الذين يتحركون بعفوية احتجاجاً على الظروف المعيشية والاقتصادية الناجمة عن الأزمة الصحية ويستغلّونها للتخريب وتحقيق مآرب سياسية.
وكانت المفوضيّة الأوروبية قد عقدت أمس اجتماعاً طارئاً مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال وإدارة المركز الأوروبي لمكافحة الأوبئة تركّز على تنسيق جهود الدول الأعضاء في الاتحاد لمواجهة موجة الوباء الثانية ووضع استراتيجية مشتركة للفحوصات السريعة والتعقّب والحجر الصحي والتلقيح. ومن المنتظر أن تبدأ مناقشة مشروع الاستراتيجية في قمّة أوروبية تُخصَّص لهذا الغرض أواخر الأسبوع المقبل.
وفي تصريحات لوسائل إعلام أوروبية، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال: «إن الفاتورة السياسية للفشل في مواجهة هذه الجائحة ستكون باهظة جداً، فضلاً عن المأساة الإنسانية التي ستنجم عن وقوع عشرات الآلاف من الضحايا والتداعيات الاقتصادية المدمّرة». وأضاف: «الوضع خطير وسيئ جداً، وعلينا التحرّك بأقصى سرعة وفاعلية لاستعادة ثقة الرأي العام وتحاشي الاضطرار لفرض تدابير جذرية، لأن القيود التي تفرضها تباعاً الدول الأعضاء على حركة المواطنين له كلفة ضخمة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً ونفسيّاً، وربما ديمقراطياً».
وتابع رئيس المجلس الأوروبي الذي تتصدّر بلاده بلجيكا قائمة البلدان الأوروبية حيث يسجّل الوباء أعلى معدلات الانتشار: «الوقت ضيّق وليس أمامنا سوى أيام معدودة للتوافق حول استراتيجية مشتركة لمواجهة الموجة الثانية. نحتاج إلى إشارة واضحة من رؤساء الدول والحكومات في القمة المقبلة لتوحيد التدابير، لأن لكل دولة ظروفها الخاصة وآلياتها وخبراءها وقواعدها التشاورية ومستوياتها الصلاحية المركزية والإقليمية، ما يجعل من الصعب التوصّل إلى جدول زمني موحّد واستراتيجية مشتركة. والإشارة السياسية من القمة الأوروبية هي وحدها الكفيلة بتجاوز هذه العقبات لوضع استراتيجية واحدة أكثر فاعلية في مواجهة الوباء».
وكان المركز الأوروبي لمكافحة الأوبئة قد عمّم توجيهاً على الدول الأعضاء يدعوها فيه إلى تكثيف جهودها الإرشادية لتفنيد الأنباء المزيّفة التي تروّج لها جماعات من داخل أوروبا وخارجها عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول الوباء، ودحض الآراء التي تقلّل من خطورة الفيروس والنظريّات التي تروّج لوجود مؤامرة مزعومة باستخدام الوباء لتقييد الحرّيات.
ويطلب المركز من الحكومات مصارحة المواطنين بشكل منتظم حول تطورات الوباء وأهمية تدابير الوقاية ومخاطر عدم التقيّد بها، ومدّهم بالمعلومات الواضحة والقرائن العلمية لإقناعهم بالامتثال لها ضماناً لفاعليتها. وينبّه المركز في تقريره الدوري الأخير إلى أن «المعركة ضد (كوفيد – 19) ما زالت أمامها أشهر عديدة، وقد لا تنتهى بالقضاء على الفيروس بل بالتعايش معه».



الأمم المتحدة: وقف إطلاق النار في لبنان فرصة ضرورية للتهدئة لكنه لا يزال «هشاً»

تعرّضت عشرات الآلاف من المباني للتدمير الجزئي أو الكلي في لبنان (رويترز)
تعرّضت عشرات الآلاف من المباني للتدمير الجزئي أو الكلي في لبنان (رويترز)
TT

الأمم المتحدة: وقف إطلاق النار في لبنان فرصة ضرورية للتهدئة لكنه لا يزال «هشاً»

تعرّضت عشرات الآلاف من المباني للتدمير الجزئي أو الكلي في لبنان (رويترز)
تعرّضت عشرات الآلاف من المباني للتدمير الجزئي أو الكلي في لبنان (رويترز)

قال عمران ريزا، نائب المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان ومنسق الشؤون الإنسانية، اليوم الأربعاء، إن وقف إطلاق النار فرصة ضرورية للتهدئة في لبنان إلا أنه لا يزال «هشاً».

وقال ريزا، في بيان، نشرته الأمم المتحدة في أعقاب زيارة ميدانية إلى النبطية: «لدينا مخاوف جدية بشأن الانتهاكات في مناطق معينة والتوترات المستمرة على طول الحدود في لبنان».

وعدّ المسؤول الأممي أن المشاركة الدولية المستمرة والمراقبة الصارمة ستلعبان دوراً ضرورياً في إرساء الاستقرار خلال فترة وقف إطلاق النار التي تمتد إلى 60 يوماً.

وأضاف أن التقديرات الحالية تشير إلى بدء عودة النازحين البالغ عددهم نحو 600 ألف إلى ديارهم، مشيراً إلى أنّ وجهة نحو الثلثين منهم هي محافظات الجنوب والنبطية، غير أنه قال: «لا شك أنّ رحلة عودتهم إلى ديارهم ستشوبها تحديات ملحوظة».

وأوضح قائلاً: «لقد دُمّرت العديد من المنازل، وتضرّرت البنية التحتية بشدة، خاصة أن مستوى التدمير في مناطق الجنوب والنبطية كان مهولاً، حيث تعرّضت عشرات الآلاف من المباني للتدمير الجزئي أو الكلي».

وذكر ريزا أن الاستجابة الإنسانية تتطوّر بشكل مستمر لتواكب الاحتياجات المتغيرة على الأرض، غير أنه أكد ضرورة توفير القدرة على وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق وضمان التمويل المستدام ودعم المانحين.

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ يوم الأربعاء الماضي، لينهي أحدث صراع بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» بعد نحو عام من تبادل إطلاق النار بين الجانبين.