الرئيس التونسي يقترح مصالحة مالية مع رجال أعمال استفادوا من النظام السابق

الرئيس التونسي قيس سعيّد (إ.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيّد (إ.ب.أ)
TT

الرئيس التونسي يقترح مصالحة مالية مع رجال أعمال استفادوا من النظام السابق

الرئيس التونسي قيس سعيّد (إ.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيّد (إ.ب.أ)

تستعد رئاسة الجمهورية التونسية خلال نهاية هذا الأسبوع لتقديم مشروع قانون أساسي إلى البرلمان يحمل عنوان «الصلح لاسترجاع المال العام وخدمة التنمية»، مؤكدة أنها تسعى من خلاله بالأساس إلى توظيف الأموال المسترجعة بموجب الصلح المالي مع رجال أعمال من النظام السابق في مشاريع للتنمية وتشغيل الشباب التونسي.
ولا يستثني هذا القانون أقارب الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي وأصهاره وشركاءهم، وهو ما قد يثير جدلاً واسعاً بين الأطراف السياسية حول جدوى مبادرات المصالحة مع رموز النظام السابق دون التوصل إلى مصالحة نهائية شاملة، أو النجاح في استرجاع كامل الأموال المنهوبة.
وكان الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي قد قاد بدروه مصالحة مع كبار موظفي الإدارة التونسية ورجال الأعمال، غير أن مبادرته اصطدمت بعراقيل عدة من بينها عدم التمكن من التفرقة بين من استولى على المال العام عن قصد، ومن مورست عليه ضغوط من قبل الأطراف المتنفذة لتنفيذ مخططات الإثراء الفاحش باستغلال السلطة والنفوذ. وكان لطفي زيتون، القيادي في حركة النهضة (حزب إسلامي)، قد دعا بدوره رئاسة الجمهورية إلى استعادة أبناء وأقارب وأصهار بن علي وضمان محاكمة عادلة لهم، وعدم تركهم نهباً لأطراف سياسية مناوئة للثورة التونسية، وهو ما اعتبر محاولة لطي صفحة الماضي.
وتهدف المبادرة الرئاسية الجديدة بالأساس إلى مصالحة رجال الأعمال مع الدولة، وبدرجة أقل الإطارات العليا في الإدارة التونسية مع الدولة، وهي ستقوم على آليات تشجع الاستثمار والنهوض بالاقتصاد التونسي من خلال إقرار إجراءات استثنائية لاسترجاع المال العام أو التعويض عن الضرر الذي لحق الإدارة التونسية بأي وجه من الوجوه.
وتشمل قائمة المنتفعين بهذا القانون، كل من صدر بحقه حكم قضائي، أو كان محل تتبع قضائي، من أجل ممارسات غير قانونية تتعلق بالاعتداء على المال العام أو الإضرار بالإدارة. ويستثنى من هذا القانون من ثبت أنه استعمل القوة أو السلاح أو كان ضمن تنظيم إجرامي يمس الأمن العام.
ويرى مراقبون أن هذا القانون يأتي بعد نحو سنة من مباشرة الرئيس التونسي قيس سعيد مهام رئاسة الجمهورية، وهو يمثل «فرصة للانطلاق في تنزيل تصوره لمفهوم الحكم ومشاركة الشعب في تحديد خياراته على أرض الواقع». ويسعى قيس سعيّد إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي في تونس من خلال الاعتماد على «الشعب»، بحسب ما قال في حملته الانتخابية، أي الانطلاق من مستوى الحكم المحلي في اتجاه التمثيل الجهوي في اتجاه الحكم المركزي. وما يؤكد وجهة النظر هذه أن اللجان الجهوية والمحلية التي ستنسق وتتابع وتختار مشاريع التنمية المزمع تنفيذها في إطار قانون الصلح مع رجال الأعمال، ستضم بالإضافة إلى ممثلي الدولة والسلطات المحلية، ممثلين عن السكان حدد عددهم بين 5 و10 أشخاص، مع تمثيل أيضاً للجمعيات المعنية بالشأن المحلي في تلك اللجان التي ستختار المشاريع وتحدد أولويات التنمية في كل جهة على حدة.
ويربط قانون المصالحة الجديد بين «ثراء المستفيدين من النظام السابق وتفقير الشعب خاصة في الجهات»، وهذا بمثابة تنزيل لتوجهات الرئيس سعيّد القائمة على أن «الدولة التونسية غنية لكن ثرواتها منهوبة على أرض الواقع». في غضون ذلك، اعتبرت منظمة «أنا يقظ»، وهي منظمة حقوقية مستقلة، أن الرئيس التونسي لم يحقق سوى نسبة 9 في المائة من الوعود الانتخابية التي قطعها على نفسه وذلك بعد سنة من توليه رئاسة البلاد. واعتبرت أن نحو 33 في المائة من الوعود الانتخابية التي قدمها كانت «فضفاضة وغير قابلة للتنفيذ في معظمها».
وفي هذا الشأن، قالت رانيا بودقة، المستشارة القانونية بهذه المنظمة، إن أربعة وعود انتخابية مهمة لم تتحقق وهي تشمل جمع كل الفرقاء السياسيين، والتقدم بمبادرة تشريعية تتعلق ببعث المجلس الأعلى للتربية والتعليم، علاوة على استرجاع الدور الاجتماعي للدولة، وتكريس حياد المرفق العام. ومن الناحية السياسية، لم يتمكن قيس سعيد من تنفيذ وعده بتغيير القانون الانتخابي على مستوى البلديات، وتغيير تركيبة النظام السياسي، على حد قولها.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.