تعثر تفكيك ميليشيات طرابلس رغم تهديد أممي بمعاقبة معرقلي «اتفاق جنيف»

هدد كل من الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بمعاقبة معرقلي «اتفاق جنيف»، الذي أبرمه وفدا «الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، وحكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، خلال اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» لوقف «إطلاق النار الدائم» في ليبيا، لكن رغم هذا التهديد فقد أكدت مصادر مطلعة في العاصمة طرابلس تعثر «المساعي الرامية لتفكيك الميليشيات المسلحة الموالية للحكومة المعترف بها دوليا».
وأوضحت المصادر، التي طلبت عدم تعريفها، أن خطة فتحي باشاغا، وزير الداخلية بحكومة «الوفاق»، لتفكيك الميليشيات والكتائب المسلحة التابعة للحكومة، تواجه برفض قيادات هذه الميليشيات، مشيرة إلى أنهم يرفضون تصنيف باشاغا مؤخرا لهذه الكتائب، رغم أنه يحظى بدعم من الإدارة الأميركية وبعثة الأمم المتحدة في البلاد.
وتوقعت المصادر تصاعد المواجهات خلال الفترة القليلة المقبلة بين هذه الميليشيات وحكومة «الوفاق» «إذا ما حاول باشاغا فرض تصنيفه على أرض الواقع، أو إعادة هيكلتها عبر دمجها في بعض الوحدات الأمنية»، موضحة أن «ولاء الميليشيات موزع أيضا ما بين باشاغا، وزميله في الحكومة صلاح النمروش»، الذي يتولى منصب وزير الدفاع. كلاهما من الداعمين لتعزيز العلاقات العسكرية والأمنية مع تركيا.
ودعماً لجهود ليبيا في تفكيك «الشبكات الإجرامية» المتورطة في الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، قال بيان لمكتب مكافحة المخدرات والجرائم بالأمم المتحدة إنه نظم أمس ورشة عمل مع مؤسسات الطب الشرعي في طرابلس، تمهيدا لإطلاق خريطة طريق كجزء من مشروع إقليمي، ممول من قبل الاتحاد الأوروبي.
وكان باشاغا قد توقع أمس انهيار «اتفاق جنيف»، ووصفه بأنه «هش، ولن يستمر إلا إذا توقفت الدول الداعمة للمشير حفتر عن التدخل في الشأن الليبي».
في المقابل، دعت الدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي الأطراف الليبية إلى تنفيذ اتفاق جنيف بشكل كامل، وطالبت بالبناء على هذه الهدنة للوصول إلى حل من خلال الحوار السياسي، وحثت جميع الدول على الامتثال لحظر الأسلحة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لليبيا.
وكانت المبعوثة الأممية لدى ليبيا بالإنابة، ستيفاني ويليامز، قد قالت إن اتفاق وقف إطلاق النار الدائم في جميع أنحاء ليبيا الموقع بجنيف «سيُصادق عليه مجلس الأمن»، مشيرة إلى فرض عقوبات على معرقلي اتفاق وقف إطلاق النار من قِبل مجلس الأمن.
بدوره، طالب ينس ستولتنبرغ، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، الأطراف الليبية أول من أمس، باحترام اتفاق جنيف وتطبيقه، ورحب به باعتباره «خطوة مهمة نحو السلام».
في سياق ذلك، اجتمع المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، مساء أول من أمس، بوفد الجيش المُشارك في محادثات اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» للاطلاع على كل ما تم خلال جلسات الحوار. كما استقبل وفدا من مشايخ وأعيان قبيلة الطوارق، وشدد خلال اللقاء على أهمية دور القبائل الليبية في الحرب القائمة، التي يخوضها الجيش لتخليص البلاد وحمايتها من «شر الجماعات الإرهابية والمتطرفة».
وقال مكتب حفتر إن وفد القبيلة أثنى على جهود قوات الجيش المبذولة في تأمين كافة مدن الجنوب، وسعيها المتواصل للحد من العمليات الإجرامية وعمليات التهريب عبر الحدود.
في غضون ذلك، تفقدت إدارتا التوجيه المعنوي والخدمات الطبية بـ«الجيش الوطني»، وحداته المتمركزة على تخوم مدينة سرت، وعلى طول خط النار الذي وصفته بـ«خط الموت»، الذي رسمته قيادة الجيش على امتداد سرت الجفرة للاطمئنان على أوضاعها الصحية، والرفع للروح المعنوية للأفراد.
من جهة ثانية، استنكرت لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، أمس، رفض المجلس الأعلى للدولة، الموالي لحكومة «الوفاق» «اتفاق جنيف»، ونددت بما وصفته بخرق الحكومة لهذا الاتفاق إثر توقيعها اتفاقية أمنية أول من أمس، مع قطر.
وأعلنت اللجنة في بيان لها رفض الجلوس على مائدة المفاوضات مع خالد المشري، رئيس المجلس وجماعته المصنفة «إرهابيا» من مجلس النواب، في إشارة إلى تنظيم الإخوان. داعية «الجيش الوطني» إلى «الضرب بيد من حديد على ميليشيات الإرهاب، وإخراجها بقوة السلاح لتخليص البلاد من هيمنتهم على مفاصل الدولة، في حالة تقاعس المجتمع الدولي عن فعل ذلك».
وكانت ويليامز قد أطلعت أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي في أول اجتماع لهم، مساء أول من أمس، على ما تم إنجازه مؤخراً في المسارات العسكرية والاقتصادية، ومسار حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بالإضافة إلى التوصيات والمقترحات القيمة، التي قدمها ممثلو اللقاءات التشاورية، التي عقدتها البعثة مع فئات النساء والشباب ومع عمداء البلديات وغيرهم.
ودعت ويليامز المجتمعين إلى أن يكونوا «في مستوى المسؤولية التاريخية، ومستوى ما يطلبه الشعب الليبي»، واعتبرت «أن ما يهم الشعب الليبي هو (ماذا) وليس (من). بمعنى ماذا سينتج عن الحوار وليس من سيشارك فيه».
في السياق ذاته، واستباقا لنتائج هذا الحوار، رشح بيان وقعه 50 من أعيان ومشايخ القبائل والنشطاء في المنطقة الشرقية، محمد حسن البرغثي العقوري، سفير ليبيا لدى الأردن، لتولي منصب رئيس الحكومة الجديدة في السلطة، التي ستنتج لاحقا عن «الحوار الوطني»، الذي من المقرر أن تعقد البعثة الأممية اجتماعاته المباشرة اعتبارا من التاسع من الشهر المقبل في تونس.