البرلمان التونسي يسائل 12 وزيراً من حكومة المشيشي

جانب من جلسات البرلمان التونسي
جانب من جلسات البرلمان التونسي
TT

البرلمان التونسي يسائل 12 وزيراً من حكومة المشيشي

جانب من جلسات البرلمان التونسي
جانب من جلسات البرلمان التونسي

خصص البرلمان التونسي جلسته العامة ليوم أمس للحوار مع الحكومة، واستدعى لهذا الغرض 12 وزيراً من حكومة هشام المشيشي، أي نحو نصف أعضاء الحكومة التي لم تكمل بعد شهرها الثاني، وهي المرة الأولى التي يحضر فيها كل هذا العدد من الوزراء للمساءلة في يوم واحد، وهو ما أعطى انطباعاً لدى ممثلي بعض الأحزاب السياسية بأن راشد الغنوشي، رئيس البرلمان، هو الذي يقف وراء هذه «المساءلة الوزارية الجماعية» من أجل الضغط أكثر على حكومة المشيشي.
وخلال الجلسة البرلمانية وجه النواب انتقادات عدة للحكومة، المدعومة من التحالف البرلماني؛ الذي تتزعمه «حركة النهضة» بمعية حزب «قلب تونس» و«ائتلاف الكرامة». وفي هذا الشأن، قال بشر الشابي، النائب عن «حركة النهضة»، إن لوبيات القطاع السياحي «ضغطت على الحكومة، وحصلت على تعويضات ضخمة بسبب الأضرار التي لحقت بها بسبب جائحة (كورونا). أما صغار المستثمرين وعمال مختلف الأنشطة الاقتصادية فقد تركوا لوحدهم في مواجهة الأزمات الاقتصادية»؛ على حد قوله.
في السياق ذاته، اتهم النائب المستقل مبروك كرشيد أحد الأحزاب السياسية (لم يسمه) بـ«السيطرة على قطاع الأعلاف عن طريق الاتحاد التونسي للفلاحة (نقابة الفلاحين)»، مؤكداً أن هذا التصرف أثّر على القطاع الفلاحي، وأنهك المستثمرين في هذا النشاط الاقتصادي الاستراتيجي.
أما فيصل التبيني، النائب عن حزب «صوت الفلاحين»، فقد انتقد استشراء الفساد في قطاع الأعلاف المدعمة من قبل الدولة، داعياً إلى مراجعة شروط منح التراخيص ومراقبة كيفية استغلالها.
من ناحيته، قال النائب المستقل زهير مخلوف مخاطباً وزير المالية: «الاقتصاد التونسي على كف عفريت، وما يؤكد ذلك أن نسبة الدين العمومي بلغت 109 في المائة، وهي مرشحة للزيادة في حال لم تضع الحكومة استراتيجية ناجعة لاسترجاع المبادرة الاقتصادية من أجل إقلاع اقتصادي واجتماعي حقيقي».
على صعيد غير متصل، كشف محمد الغرياني، آخر أمين عام لـ«حزب التجمع الدستوري الديمقراطي» المنحل (حزب بن علي)، عن تلقيه عرضاً من الغنوشي، رئيس «حركة النهضة» رئيس البرلمان، لتولي منصب مستشار بديوان الغنوشي، مكلف ملف المصالحة الوطنية. لكن لم يتم تعيينه رسمياً مستشاراً بديوان رئيس البرلمان.
وتربط الغرياني علاقة جيدة مع قيادات «حركة النهضة»، وقد دعي للمشاركة في فعاليات مؤتمرها العاشر سنة 2016، ودعا آنذاك إلى المصالحة الشاملة والتعايش بين مختلف الأطراف، بعيداً عن منطق الإقصاء المتبادل.
ولم يعترض الغرياني على مقترح الغنوشي، وأعرب عن ترحيبه بالعرض، مؤكداً أنه يرى في شخصه القدرة على إدارة هذا الملف، وتحقيق المصالحة؛ على حد تعبيره. كما أكد أن المرحلة السياسية الحالية تقتضي إجراء مصالحة وطنية شاملة لكل الملفات السياسية والاقتصادية.
وكان الغنوشي قد دعا لإجراء مصالحة شاملة بين التيار الإسلامي، الذي تتزعمه «حركة النهضة»، والتيار الليبرالي ممثلاً في رموز النظام السابق، وهو يلتقي في هذه الدعوة مع حزب «قلب تونس».
غير أن هذه الدعوة لم تجد صدى كافياً بين مختلف الأطراف السياسية الممثلة لهذين التيارين. فيما يرى مراقبون أن الظروف السياسية غير مهيأة لتحقيق هذه المصالحة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.