الملف الإيراني.. الحل على حافة الانهيار

أكثر من 11 جولة مفاوضات لم تفضي إلا لمزيد من التأجيل

وزراء خارجية دول مجموعة (5+1) المعنية بمفاوضات البرنامج النووي الإيراني أثناء اجتماعهم مع نظيرهم الإيراني وممثلة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي في فيينا في 24 نوفمبر 2014 (أ.ف.ب)
وزراء خارجية دول مجموعة (5+1) المعنية بمفاوضات البرنامج النووي الإيراني أثناء اجتماعهم مع نظيرهم الإيراني وممثلة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي في فيينا في 24 نوفمبر 2014 (أ.ف.ب)
TT

الملف الإيراني.. الحل على حافة الانهيار

وزراء خارجية دول مجموعة (5+1) المعنية بمفاوضات البرنامج النووي الإيراني أثناء اجتماعهم مع نظيرهم الإيراني وممثلة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي في فيينا في 24 نوفمبر 2014 (أ.ف.ب)
وزراء خارجية دول مجموعة (5+1) المعنية بمفاوضات البرنامج النووي الإيراني أثناء اجتماعهم مع نظيرهم الإيراني وممثلة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي في فيينا في 24 نوفمبر 2014 (أ.ف.ب)

ما بين تفاؤل حذر وتصريحات علنية بهوة عميقة ثم اتفاق على تمديد البرنامج الزمني لإتاحة الفرصة لمزيد من التفاوض، انقضى عام 2014 دون حل لقضية الملف النووي الإيراني.
معلوم أن إيران والمجموعة الدولية 5 + 1 (الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن زائد ألمانيا) كانت قد وقعت بتاريخ 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2013 اتفاقا اعتبر اختراقا دبلوماسيا تاريخيا ينص على أن تقلل إيران من نشاطها النووي مقابل رفع محدود للعقوبات المفروضة عليها بتهم عدم الالتزام باتفاقات الضمان النووي. وشهدت قضية الملف النووي الإيراني خلال عام 2014 في مطلعها حراكا نوعيا ملحوظا لكن شابه البطء في المفاوضات وسط خلافات وعقبات أدت إلى تمديد عمر المفاوضات.
يمكن تقسيم العام لـ3 حقب.. الأولى من 20 يناير (كانون الثاني) وحتى يوليو (تموز) والثانية من أغسطس (آب) حتى نوفمبر والثالثة من 17 ديسمبر (كانون الأول) ولا تزال مستمرة حتى 30 يونيو (حزيران) القادم. أكثر من 11 جولة آخرها جلسة بتاريخ 18 ديسمبر بجنيف لم تستمر غير ساعات ووصفت بأنها تقنية فنية على مستوى المدراء السياسيين. ومن ثم أعقبتها تعليقات من دبلوماسيين غربيين اتهموا إيران بعدم إبداء أي مرونة تنهي الجمود رغم تأكيدهم أن إيران دون شك تسعى للتوصل إلى اتفاق طويل المدى. ووصف عباس عراقجي نائب رئيس الوفد الإيراني تلك الجلسة بأنها كانت مفيدة للغاية ومجدية للغاية. هذا التباين ليس جديدا أو غريبا على المفاوضات النووية إذ وضح ومنذ أول وهلة في تفسير كل منهم لاتفاق جنيف 2013 إذ وصفته رئيسة المجموعة الدولية كاثرين آشتون بأنه اتفاق على خريطة عمل، بينما وصفه رئيس الوفد الإيراني محمد جواد ظريف بأنه اتفاق وخطة عمل.
من جانبه كان وزير الخارجية جون كيري قد بادر في أول مؤتمر صحافي عقد ساعة بعد الاتفاق حضرته «الشرق الأوسط» للقول إن الاتفاق لا يعطي إيران حق التخصيب بينما قال ظريف في مؤتمر عقده مباشرة بعد كيري: إن «الاتفاق اعترف بحق إيران في التخصيب». رغم هذا التباين، شرع الطرفان بتاريخ 20 يناير 2014 في تنفيذ بنود الاتفاق أو خطة العمل التزاما بما تعهدا به فأقدمت إيران على تعليق أعمال تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة بحضور مفتشين دوليين من وكالة الطاقة الذرية كما بدأت عمليات تحويل 196 كغم مما خصبته بهذه النسبة إلى أكسيد (وكانت إيران قد بدأت التخصيب بهذه النسبة العالية منذ عام 2010).
بالمقابل أطلق الرئيس الأميركي باراك أوباما بتاريخ 29 يناير تصريحا تحدى فيه الكونغرس، مؤكدا أنه سيعطل أي قانون يفرض عقوبات جديدة على إيران. وفي يوم 4 فبراير (شباط) تسلمت إيران مبلغ 550 مليون دولار كدفعة أولى من أصل 4.2 مليار دولار من أموالها المجمدة كما استمر فك الحظر شهريا على دفعات موزعة بالتساوي على فترات.
بعد ذلك استمرت المفاوضات على مستوى الخبراء أو المدراء السياسيين منذ 18 فبراير مصحوبة بتصريحات هادئة من العواصم تؤكد أن المباحثات تسير بصورة إيجابية.
إلا أن هذه التصريحات الإيجابية لم تستمر طويلا إذ بانت الاختلافات من جديد، جولة إثر جولة، وبدأت نبرات الضيق تعلو كلما توغلوا في مزيد من التفاصيل.
وكثر الحديث حول رفض إيراني بشأن عدد ونوعية أجهزة الطرد المركزي في مواجهة إصرار من قبل المجموعة الدولية خاصة الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة على ضرورة خفض عدد أجهزة الطرد الإيرانية التي تقدرها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بنحو 19 ألف جهاز إلى 1500 ولا تزيد على 2000 ألف فيما تقول تسريبات، إن «المساومة وصلت إلى 4000، والغرض تجريد إيران مما يمكنها من الإسراع بعملية التخصيب إن شاءت، وفي ذات الوقت البقاء على ما يكفي حاجتها لتخصيب من أجل طاقة لصناعة مدنية كما تتحجج».
من جانب آخر ظلت البحوث والتجارب التي يقوم بها علماء إيرانيون مصدر خلاف إذ تتمسك إيران بها اعتمادا على حقها في الحصول على التقنية النووية، مؤكدة سلمية أنشطتها مواصلة لعمليات تخصيب اليورانيوم بنسبة 5 في المائة ونسبة 3.5 في المائة. ويعتبر إصرار إيران على الاستمرار في هذا الاتجاه معضلة حقيقية، خاصة وأن الطرفين لم يتفقا حتى الآن بشأن مستقبل المخزون الذي يتراكم مع مواصلة التخصيب رغم عرض أن تشحن إيران ما خصبته إلى روسيا التي تربطها بها علاقات نووية وتعاون على أن تمولها روسيا بما تحتاجه من وقود نووي تماما كما هو الحال بينها وإيران بالنسبة لمفاعل بوشهر.
وتلتزم روسيا بإمداد محطة بوشهر للطاقة النووية بما تحتاجه من وقود لـ10 سنوات وبلغت بوشهر طاقتها الإنتاجية العام الماضي. وكانت قد افتتحت 12 سبتمبر (أيلول) 2011.
هذه الاختلافات وأخرى أكبر بشأن مسائل أساسية في مقدمتها رفض إيران التطرق لقضية صواريخها الباليستية التي نجحت في تطويرها ويتشكك الغرب في أنها تسعى لتزويدها برؤوس نووية فيما تقول إيران إنها لتقوية قدراتها الدفاعية وإنها أي هذه الصواريخ لن تكون محل تفاوض على ضوء المباحثات النووية. أهم من ذلك بالإضافة إلى إصرار إيران على رفع العقوبات كاملة وبمختلف جنسياتها دولية وأميركية وأوروبية مما أدى لعدم وصول الطرفين لتوقيع في الـ6 أشهر الأولى لاتفاق جنيف والتي انتهت يوليو الماضي فاتفقا على تمديد مدة التفاوض والاستمرار لـ6 أشهر أخرى.
وبالفعل واصل الطرفان تفاوضهما. ومن جانبها كانت رئيسة الوفد الأميركي ويندي شيرمان تنبه مرارا أنهم لن يوقعوا اتفاقا ما لم يتفقوا على كل النقاط الخلافية نقطة نقطة، ممتنعة في التنويرات الصحافية التي أخذت تقدمها عن الحديث في تفصيل عما هي تلك الخلافات، مكتفية بالتكرار أن كل شيء يمكن أن ينهار بسبب الخلاف حول 2 في المائة مع أنهم متفقون 98 في المائة، مؤكدة أن التفاصيل حاسمة.
اتسمت مفاوضات التمديد الثاني بكثرة التصريحات الصادرة من العواصم عن تقدم بطيء وعن وصعوبة عملية التفاوض بسبب هوة عميقة تفصل بين الطرفين في تشاؤم واضح يشوبه تفاؤل من حيث التأكيد على رغبتهما في الوصول لاتفاق يؤدي لحل سلمي شامل لقضية الملف النووي التي ظهرت للوجود منذ عام 2002 عندما تكشف أن لإيران نشاطا نوويا غير معلن وأنها تعمل على الحصول على سلاح نووي، فيما ظلت إيران تؤكد أن نشاطها سلمي لأغراض مدنية لتوليد مزيد من الطاقة التي تحتاجها لتغطية التوسع في عمرانها الاقتصادي.
وفيما الطرفان يتفاوضان بالطبع لم تتوقف الأحداث العالمية الأخرى فكثرت الإشارات لتطرق المفاوضين الغربيين لمواضيع أخرى ومنها تلك التي تصر عليها الدول المتأثرة بقضية الملف النووي الإيراني كالدول الخليجية وإسرائيل، كما ظهرت تعليقات عن مساومات بسبب ما يمكن أن يكون لإيران من تأثير في قضايا بالغة الأهمية تشغل المجتمع الدولي منها الأحداث في سوريا وظهور «داعش» على كل، وما بين انتقال مواقع التفاوض ما بين فيينا وجنيف ونيويورك ومسقط ثم فيينا مرة أخرى استمرت جلسات التفاوض بدءا من أغسطس حتى 24 نوفمبر.
وما بين جولة وأخرى كانت الهوة تزداد اتساعا، ورغم قلة التصريحات الرسمية الصادرة من داخل قاعات المباحثات نفسها إلا أن الفرقة كانت بادية بصورة واضحة.
من جانبه كان المتحدث باسم كاثرين آشتون قد أشار عقب اجتماع ثنائي عقد بين ظريف وآشتون بفيينا 16 أكتوبر (تشرين الأول) لحرج المرحلة التي تمر بها المفاوضات
أما ظريف فقد كان مؤملا الوصول لاتفاق قبل انقضاء المهلة، وحتى وأيام المهلة تتناقص ظل يستبعد فكرة التمديد، مشددا أن الحل ممكن إذا ما استوعب الطرف الآخر أن العقوبات رمز للعلاقات السابقة، وأن هكذا رمز يجب تدميره، ولهذا السبب فإنهم يشددون على رفع العقوبات، مشيرا إلى أن التمديد ليس مخرجا يفكرون فيه.
هذا فيما قلل الرئيس أوباما في لقاء تلفزيوني بتاريخ 10 نوفمبر من إمكانية الوصول لحل.
وتشير مصادر إلى أن واشنطن تمسكت ولا تزال بفترة اختبار وتحقق عن صدق إيران والتزامها قد تصل إلى 20 عاما بعد توقيع اتفاق ومن ثم تزيح العقوبات كاملة فيما تمسكت طهران بضرورة رفع العقوبات كاملة وبالتزامن حالما وقعا اتفاقا.
ليس ذلك فحسب بل تتشكك إيران في قدرة هذه الإدارة الديمقراطية في كبح جماح كونغرس جمهوري لا يفرض عليها عقوبات جديدة.
بالإضافة لذلك أكدت مصادر أن قضية التخصيب ظلت عقبة أساسية في المباعدة بين الطرفين رغم إذعان الجانب الغربي لحق إيران في التخصيب بنسبة 5 في المائة، وأن يصروا على تقييدها بتحديد عدد الأجهزة العاملة في هذا المجال الحساس ونوعيتها، متمسكين بنوعية قديمة رافضين أن يتم استخدام الأجهزة الحديثة التي تسرع من نسبة التخصيب في حال قررت إيران صنع قنابل نووية. ووفق ذات المصادر فإن متوسط إنتاج جهاز الطرد الحديث من إنتاج اليورانيوم المخصب يبلغ 10 كيلوغرامات وأن صنع قنبلة نووية يحتاج لـ25 كغم.
هذا ورغم أن التسريبات لم تتحدث عن عقبة الصواريخ البالستية بصورة مباشرة إلا أن الحديث عن البرتوكول الإضافي وضرورة أن توقع عليه إيران عاد للأضواء مرة أخرى.
ومعلوم أن البرتوكول الإضافي يمنح مفتشي الوكالة الدولية حقا مطلقا في تفتيش فجائي لأي موقع بما في ذلك المواقع العسكرية وهو ما ترفضه إيران جملة وتفصيلا أو على الأقل رفضته ولا تزال طالما لم تحصل على تطمينات برفع العقوبات.
إلى ذلك ومع اقتراب نهاية المهلة ولمدة 6 أيام وصل فيينا وزراء خارجية الطرفين بنسب تتفاوت فهناك من وصل آخر يوم كالوزير الصيني وهناك من سبقه بليلة كالوزير الروسي وسبقه الألماني وهناك من جاء وعاد كالفرنسي والبريطاني.
وكان ظريف بالطبع أول الواصلين ثم جاء جون كيري لاعبا لدور الجوكر في عقد الجلسات بمختلف الأشكال ثنائية وثلاثية إلى أن وصلت سباعية ثم عادت رباعية وثلاثية وثنائية جمعته وظريف منفردين حتى من دون حضور كاثرين آشتون.
وما بين وصول هذا الوزير ومغادرته كانت المفاجأة وصول وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل للعاصمة النمساوية، ظهر يوم 23 نوفمبر ولمدة ساعات فقط عقد أثناءها اجتماعا بطائرته مع رصيفه الأميركي جون كيري. رغم أن كيري كان قد التقى بالأمير في العاصمة الفرنسية باريس وذلك قبل أن يصل كيري إلى فيينا ويحط رحاله لمدة 6 أيام.
رغم محاولات ومساع قوية للخروج باتفاق قبل نهائية المهلة فشل الطرفان في توقيع اتفاق ليعلن كيري في مؤتمر صحافي عقده مساء يوم 24 اتفاقهما على تمديد المفاوضات لفترة 6 أشهر جديدة على أن تخصص الـ3 أشهر الأولى للوصول لاتفاق سياسي تبدأ صياغته ومراجعته ومن ثم الاتفاق عليه خلال الـ3 أشهر الأخيرة التي تنتهي بالتوقيع 30 يونيو على أن يعاودا لقاءاتهما قبل نهاية ديسمبر على مستوى المدراء السياسيين.
كذلك قرر الطرفان أن تمنح إيران طيلة فترة التفاوض مبلغ 700 مليون دولار شهريا قالت مصادر إنها قيمة السماح لإيران ببيع 300 ألف برميل من النفط يوميا وحتى 30 يونيو القادم مما يقود للتساؤل، إن كان جمع المبلغ ممكنا في ظل انخفاض مريع لأسعار النفط التي أوشكت أن تصل إلى 50 دولارا للبرميل.
لم يصف كيري عدم التوقيع بالفشل وإنما ركز في مؤتمره الصحافي الذي عقده أمام حشد هائل من الصحافيين أن تغييرات جوهرية مست المسيرة الإيرانية النووية معددا التضييق في مفاعل فوردو والوصول لاتفاق بخصوص قضية البحث والتطوير التقني، وتحديدا في فعالية مفاعل أراك، وتجميد التخصيب بنسبة 20 في المائة، مكيلا المديح والثناء على محمد جواد ظريف وقدراته الصعبة في التفاوض.
من جانبها سخرت صحف إيرانية معارضة للتفاوض من فشل الفريق النووي الإيراني في توقيع اتفاق، مشيرة إلى أن تمديد المفاوضات يمنح الدبلوماسية الإيرانية 7 أشهر من التنفس الاصطناعي، موضحة أن التمديد جاء في قالب جديد مؤقت مما يعكس خطة أميركية تعمل تدريجيا لتفكيك البرنامج النووي الإيراني باستهداف بنيته التحتية مما سيقود للقضاء على «الحلم» النووي الإيراني بينما تبقى قبضة العقوبات خانقة.
هذا فيما سارع الرئيس الإيراني حسن روحاني في كلمة متلفزة للتأكيد أن التفاوض سوف يؤدي إلى اتفاق نهائي خاصة وقد تم ردم معظم الفجوات، كما قال.
وأكد ألا طريق آخر غير التفاوض حتى لا تتخلى إيران عن برنامجها النووي وحتى ترفع العقوبات.
هذا فيما تتساءل مصادر عما يمكن أن يستجد ويحل من عقدة العقبات ويؤدي لا لتمديد جديد بل توقيع اتفاق شامل كامل أو إعلان الفشل.
من جانبهما عاود طرفا التفاوض يوم 18 ديسمبر اجتماعاتهما بجنيف على مستوى المدراء السياسيين حيث عقدا اجتماعا وصف بأنه تقني فني، تقول وكالات الإعلام أنه كان قصيرا لم يستمر غير 3 ساعات.
إلى ذلك شهدت مفاوضات عام 2014 جهدا ومشاركات وجوه جديدة منها وزيرا خارجية بريطانيا وألمانيا الحاليين كما انتهت فترة عمل كاثرين آشتون التي تم الحفاظ عليها بتعيينها مستشارة للمفوضة الجديدة للشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي لشؤون المباحثات.



إسرائيل تصنّف الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
TT

إسرائيل تصنّف الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

وسعت إسرائيل عمليتها في الضفة الغربية بعدما صنّفتها «ساحة رئيسية» في خريطة التهديدات. وبينما قتلت الغارات الإسرائيلية 3 فلسطينيين بينهم طفلان في قصف جوي، واصلت عمليتها البرية في شمال غزة وقالت إنها تقترب من «هزيمة (حماس)» هناك.

وقتل الجيش الإسرائيلي 3 فلسطينيين في قصف جوي في بلدة «طمون» شمال الضفة، بينهم آدم بشارات (24 عاماً)، الذي يعتقد أنه الهدف الرئيسي، والطفلان رضا بشارات (8 سنوات) وحمزة بشارات (10 سنوات) ما يرفع عدد من قتلهم الجيش منذ بدأ عملية واسعة في شمال الضفة إلى 6 فلسطينيين، وكان ذلك بعد مقتل 3 إسرائيليين في هجوم فلسطيني قرب قلقيلية يوم الاثنين الماضي. وقتلت إسرائيل 3 فلسطينيين آخرين، يوم الثلاثاء، في طمون وقرب نابلس.

مشيعون يحملون جثمان جعفر دبابسة (40 عاماً) خلال جنازته في قرية طلوزة بالقرب من مدينة نابلس الثلاثاء (إ.ب.أ)

وزعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أن طائرة تابعة لسلاح الجو هاجمت «خلية إرهابية» شمال الضفة، لكن بعد اكتشاف مقتل طفلين في القصف، قال الجيش إنه فتح تحقيقاً حول الأمر.

وقال الجيش في بيانه إن «الغارة جاءت بعد رصد إرهابي يقوم بزرع عبوات ناسفة في منطقة تنشط فيها قوات الأمن».

وبحسب مصادر عسكرية فإن التحقيق «يشمل إعادة النظر في تحديد أهداف الغارة، والتأكد من عدم وجود أخطاء في عملية الاستهداف».

ساحة رئيسية

التصعيد في الضفة جاء بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه صادق على زيادة العمليات الدفاعية والهجومية في الضفة الغربية، رداً على عملية قلقيلية.

وقال وزير الدفاع يسرائيل كاتس إن الضفة الغربية أصبحت «ساحة رئيسية» في خريطة التهديدات الإسرائيلية.

ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن كاتس قوله في لقاء جمعه مع قادة ورؤساء المستوطنين ومجالسهم في الضفة، إن «يهودا والسامرة (الضفة الغربية) أصبحت ساحة مركزية في خريطة التهديدات لإسرائيل ونحن نستعد للرد وفقاً لذلك».

وأضاف: «إننا نرى تهديدات متزايدة للمستوطنين في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، ونحن نستعد مع الجيش الإسرائيلي لتقديم الرد القوي اللازم لمنع وقوع أحداث مثل 7 أكتوبر (تشرين الأول) هنا».

قوة إسرائيلية خلال غارة على مخيم الفرا للاجئين قرب مدينة طوباس بالضفة الغربية الثلاثاء (د.ب.أ)

وذكر مكتب كاتس أنه أبلغ رؤساء السلطات بالخطوات الفورية التي وجه الجيش الإسرائيلي باتخاذها لتعزيز الأمن في المنطقة، بما في ذلك زيادة النشاط العسكري، وتنفيذ إجراءات مضادة واسعة النطاق في البلدات وتعزيز إنفاذ القانون على طول طرق المرور، والتزام الجهاز الأمني بتوسيع العمليات العملياتية في كل ساحة يتم فيها تنفيذ هذه العمليات.

ضغط بموازاة المفاوضات

وبينما قرر الجيش التصعيد في الضفة الغربية، وأنه حولها إلى ساحة تهديد رئيسية، واصلت القوات الإسرائيلية عمليتها البرية في قطاع غزة، في الشمال والوسط والجنوب.

وتعهد رئيس الأركان هيرتسي هاليفي بمواصلة القتال في غزة، حتى تصل حماس إلى «نقطة تفهم فيها أن عليها إعادة جميع المختطفين».

وقالت «القناة 12» الإسرائيلية إن الجيش يواصل عمليته في شمال قطاع غزة بالتوازي مع المفاوضات الجارية للتوصل إلى اتفاق، وقام بتعميق نشاطه في مناطق مختلفة في الأيام الأخيرة بينها بيت حانون، وهي المنطقة التي تدور فيها المعارك الأعنف في قطاع غزة خلال هذه الفترة.

وقالت القناة إن «القوات في المراحل النهائية لتطهير شمال قطاع غزة من الإرهابيين».

ونقلت القناة العبرية أن «الشعور السائد لدى الجنود أن (حماس) قد تنازلت عن شمال القطاع». وزعموا أن انخفاضاً كبيراً في الاحتكاك حدث في جباليا وبيت لاهيا وأن «العديد من المسلحين يفرون إلى الجنوب بأعداد غير مسبوقة».

لكن الجيش الإسرائيلي أعلن مراراً خلال حربه على غزة سيطرته على شمال القطاع، قبل أن يعود المسلحون الفلسطينيون لمفاجأته بعمليات وإطلاق صواريخ تجاه المستوطنات.

صاروخ اعترضه الدفاع الجوي الإسرائيلي يوم الأربعاء فوق بيت حانون بقطاع غزة (رويترز)

وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن «المعارك مستمرة، وما يجري (من تحريك للمسلحين) هو تكتيك». وأضافت أن طبيعة المعارك تفرض «قاعدة الكر والفر» في العمل الميداني.

ويواجه الجيش الإسرائيلي معارك عنيفة في شمال غزة، إذ أعلن، الثلاثاء، عن مقتل المزيد من جنوده في المعارك الدائرة هناك. وإلى جانب المعركة في الشمال، واصلت إسرائيل قصف مناطق في القطاع في مدينة غزة، وخان يونس، وقتلت 15 فلسطينياً على الأقل، الأربعاء.

وقالت وزارة الصحة، إن حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ارتفع إلى 45.936 و 109.274 مصاباً منذ السابع من أكتوبر 2023.