موظفو «إف بي آي» من أصول شرق أوسطية مراقبون أمنيا

بهدف منع تسلل جواسيس أجانب.. يتعرضون للتمييز مع التعرض لاختبارات {كشف الكذب}

عنصر من «إف بي آي» و جمال عبد الحافظ.. مصري المولد والتحق بالعمل في «إف بي آي» عام 1994  (نيويورك تايمز)
عنصر من «إف بي آي» و جمال عبد الحافظ.. مصري المولد والتحق بالعمل في «إف بي آي» عام 1994 (نيويورك تايمز)
TT

موظفو «إف بي آي» من أصول شرق أوسطية مراقبون أمنيا

عنصر من «إف بي آي» و جمال عبد الحافظ.. مصري المولد والتحق بالعمل في «إف بي آي» عام 1994  (نيويورك تايمز)
عنصر من «إف بي آي» و جمال عبد الحافظ.. مصري المولد والتحق بالعمل في «إف بي آي» عام 1994 (نيويورك تايمز)

يخضع مئات الموظفين العاملين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي)، ممن ولدوا خارج الولايات المتحدة أو لهم أقارب أو أصدقاء في الخارج، حاليا لبرنامج مراقبة داخلي مشدد، كان قد بدأ بعد وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، وتوسع بشكل كبير منذ ذلك الحين، وذلك بهدف منع تسلل جواسيس أجانب واستقطابهم الباحثين اللغويين الذين جرى تعيينهم أخيرا في المكتب.
تعرض البرنامج لانتقادات كبيرة من موظفي المكتب، الذين يعملون فيه باحثين لغويين ويتمتعون بمهارات ثقافية ولهم علاقات بالخارج. ويشكو هؤلاء من أنهم يتعرضون للتمييز بسبب خطة سرية لإدارة المخاطر يستخدمها المكتب للحماية من التجسس. ولكن هذه الخطة من شأنها أن تحد من المهام المكلفين بها وقد تتسبب في تقييد عملهم، بحسب كثير من الموظفين ومحاميهم.
يخضع الموظفون بموجب هذا البرنامج، الذي يطلق عليه اسم «خطة إدارة مخاطر ما بعد التحكيم»، لمزيد من المقابلات الأمنية المتكررة والتعرض لاختبارات كشف الكذب والمعاينة في السفر الشخصي بالإضافة - على وجه الخصوص - إلى مراجعة الاتصالات الإلكترونية والملفات التي يتم تنزيلها من قاعدة البيانات الخاصة بـ«إف بي آي».
يخضع لهذا البرنامج موظفون من منطقة الشرق الأوسط وآسيا، جرى تعيينهم لسد احتياجات استخباراتية مهمة ومن أجل مكافحة الإرهاب، ويقول هؤلاء الموظفون إنهم يتعرضون للعقاب، بسبب امتلاكهم مهارات وخلفيات كانت سببا رئيسيا وراء تعيينهم. ويقولون إنه جرى إخطارهم بإدراجهم في البرنامج وبالمتطلبات الأمنية الإضافية، ولم يعرفوا على وجه التحديد سبب إدراجهم فيه، وأنه يبدو أن الحل للخروج من هذا البرنامج هو قطع كل العلاقات بالأقارب والأصدقاء في الخارج.
من جانبها، تقول السلطات إن مثل هذه العلاقات قد تشكل خطرا على الأمن القومي للبلاد، ولكنها تشدد على أن إدراج الموظفين في البرنامج لا يضر بمسيرة عمل الموظفين. وكان المكتب قد وضع هذا البرنامج بعد فترة قصيرة من وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر بهدف مراقبة الباحثين اللغويين الذين جرى تعيينهم أخيرا ولهم حق الوصول للمعلومات السرية، خشية وقوعهم فريسة لوكالات الاستخبارات الأجنبية أو الإرهابيين. ومنذ ذلك الحين، زاد حجم البرنامج بمقدار الضعف، ويضم الآن نحو ألف من موظفي «إف بي آي» ممن لهم حق الاطلاع على معلومات سرية.
بدأ ظهور تفاصيل الخطة الأمنية غير المعروفة عن طريق بعض موظفي المكتب الحانقين أثناء قيام وكالات الاستخبارات الداخلية بوضع برامج ومعايير جديدة للمساعدة في الكشف عما يعرف بـ«تهديدات العناصر الداخلية». وجاءت هذه الجهود بعد حادث إطلاق النار في «نافي يارد» في واشنطن عام 2013 على يد جندي احتياط سابق في البحرية، الذي أسفر عن مقتل منفذ الهجوم و12 شخصا آخرين، وتسريب معلومات سرية للغاية عن طريق إدوارد سنودن، وهو متعهد سابق لدى وكالة الأمن القومي.
يخضع جميع موظفي المكتب الذين يمكنهم الوصول لمعلومات سرية لاختبارات دورية للكشف عن الكذب وإجراءات أمنية داخلية أخرى، ولكن بعض الخاضعين لبرنامج «خطة إدارة مخاطر ما بعد التحكيم» يقولون إنهم يتعرضون لعملية فحص غير عادلة.
من جانبه، قال جمال عبد الحافظ، وهو مصري المولد والتحق بالعمل في المكتب عام 1994 باحثا لغويا، ويخضع لبرنامج المراقبة منذ عام 2012 دون أن يتلقى تحذيرا مسبقا: «كان هذا البرنامج مهمّا للموظفين الجدد الذين تم تعيينهم بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، ولكن استخدامه ضد الموظفين الحاليين الذين يتمتع بعضهم بخبرة تصل إلى 10 أعوام و15 عاما وأثبتوا أنفسهم داخل العمل، يعتبر أمرا غير مقبول»، وأشار عبد الحافظ إلى أنه لم يعد يتلقى المعلومات السرية العليا التي يحتاجها من أجل أداء عمله. وقال آخرون من الخاضعين للبرنامج إنه أصبح من الصعب الحصول على تكليفات سرية أو خارجية منتقاة.
من ناحيته، قال بوبى دافادوس، وهو محام من دالاس يمثل عبد الحافظ وبعض موظفي المكتب في «ويست كوت» الذين يخضعون للبرنامج: «إذا تم إدراجك في هذا البرنامج، فإنه سيحد من حركتك.. فقد تكون عميلا متميزا للغاية، ولكن دخولك في هذا الصندوق يبقيك داخله».
يقول المعارضون لهذا البرنامج إن الإدراج فيه لا يستند إلى الأداء أو السلوك، بل إلى تقييمات متغيرة للمخاطر الأمنية المبهمة، وقالوا إنهم ليسوا على دراية بالطرق القانونية نظرا لأن الطعون القليلة التي تم رفعها ضد البرنامج أمام المحكمة الفيدرالية رفضت لاعتبارات خاصة بالأمن الوطني.
قال جوناثان مور، وهو محام من نيويورك مثل من قبل موظفا بالمكتب بشأن البرنامج: «يبدو أن الموظفين لا يعرفون ما الذي اقترفوه لإخضاعهم للبرنامج، وما الذي ينبغي عليهم القيام به أثناء خضوعهم له، وما الذي ينبغي عليهم القيام به للخروج منه. يبدو أن الإدراج في البرنامج يخضع لرؤية تقديرية بشكل كامل، وهو ما يعني أنه قد يكون بسبب أهواء المشرف الذي لا يعجبه موظف ما لسبب ما».
وكان المكتب قد بدأ البرنامج عام 2002 للمساعدة في فحص عشرات الباحثين اللغويين الذين تم التعاقد معهم من أجل حصولهم على تصاريح أمنية. كانت السلطات تخشى استقطاب أو إجبار الموظفين الجدد على مساعدة وكالة استخبارات أجنبية أو جماعة إرهابية، من خلال، مثلا، التهديد بإلحاق الضرر بصديق أو قريب في الخارج ما لم يقدم الموظف معلومات سرية أو التعاون بأي صورة أخرى مع جواسيس أو إرهابيين.
اعتبارا من شهر أبريل (نيسان) 2008، كان يخضع 314 باحثا لغويا متعاقدا للبرنامج، وفقا لتقرير مكتب المفتش العام بوزارة العدل في أكتوبر (تشرين الأول) 2009، وهو الرقم الوحيد المتاح للجمهور. ومن العام المالي 2005 إلى العام المالي 2008، قال المكتب إن 6 باحثين لغويين متعاقدين إما جرى إيقافهم عن العمل، أو خسروا تصريح الاطلاع على المعلومات السرية للغاية نتيجة خضوعهم للبرنامج، وذلك حسب التقرير.
* خدمة «نيويورك تايمز»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.