لفصل الخريف ونسماته الباردة أطباقه

تحارب الكآبة بمتعة المذاق وروعة الألوان

كيك الجزر لذيذ وخفيف
كيك الجزر لذيذ وخفيف
TT

لفصل الخريف ونسماته الباردة أطباقه

كيك الجزر لذيذ وخفيف
كيك الجزر لذيذ وخفيف

تشوب الهواء نسمات باردة، وتتلون الشوارع بأوراق الشجر المتساقطة إيذاناً بالخريف، ومع هذا المشهد نتذكر أكلات وأنواعاً معينة من الحساء والحلوى، ربما كانت غائبة عن المائدة طيلة الصيف.
جرت العادة أن يضفي الطقس بظلاله على المطبخ، فتتحدد الأطباق الموسمية حسب ما تنبته الأرض في كل موسم، وفي الخريف تحديداً نميل إلى الأطباق الدافئة التي تكسر كآبة الأجواء الداعية إلى البقاء في المنزل، بفضل ألوانها النارية ومذاقها الغني.
يقول الطاهي الأردني المقيم بدولة الكويت، محمد الكلحة، لـ«الشرق الأوسط»: «نسمات الخريف تذكرني باليقطين (القرع) والجزر والبهارات والمكسرات عموماً، يمكن لأنه مرتبط بذهني باللونين البرتقالي والبني والألوان الترابية التي تعكس شكل الطبيعة في هذا الوقت من العام».
طقس الخريف رغم روعته، فإنه يصيب بعض الأشخاص بالحزن، وربما الاكتئاب، ولأن الطاهي محمد الكلحة حاصل على بكالوريوس الصيدلة، كان من المنطقي أن نعرف منه علاقة أكلات الخريف بالحد من الشعور بالحزن. يقول: «الأكل متعة ونعمة كبيرة الحمد لله، وتقدير النعم وحده يقي من الحزن». ويستطرد: «بلادنا العربية تتمتع بوافر من أشعة الشمس التي تجدد النشاط وتعطي حيوية وتفاؤلاً، فخريف الشرق الأوسط له وقع مختلف على الروح».
يعي «كلحة» تأثير الطعام على حالة الشخص، لذا يعتمد على مهاراته في تقديم الأطباق الشهية للحد من تقلب المزاج. ويقول: «القرع والجزر والمكسرات هم أسياد وصفات الخريف، واللون البرتقالي يعطي انطباعاً عن هذه المكونات بأنها غنية بالبيتا كاروتين وفيتامين (سي)، ونحن في أمس الحاجة إلى هذه العناصر لرفع المناعة أمام نسمات الخريف الباردة والمتقلبة».
طلبنا من الطاهي الأردني أن يشاركنا وصفة خريفية تدخل الدفء على القلب، فكان حائراً بين كيكة الجزر وتارت التفاح وفطيرة الكمثرى. يقول: «جميعها وصفات يميل إليها الناس في فصل الخريف، لأنها تمد الجسم بالطاقة، لكن بشكل شخصي لا يمر خريفي بدون كيك الجزر بمذاقها الطيب ولونها المستوحى من الطبيعة».
مقادير كيك الجزر، هي 3 أكواب من الجزر المبشور، وكوب واحد من الزيت، و4 بيضات مفصولة الصفار عن البياض، وكوب واحد من السكر، وكوبان من الطحين، وملعقتان صغيرتان من الباكينغ باودر، ونصف ملعقة صغيرة صودا الخبز، وملعقة صغيرة من القرفة، وربع ملعقة صغيرة من جوزة الطيب، وربع ملعقة صغيرة بهار حلو، وربع ملعقة صغيرة ملح، وملعقة صغيرة من الفانيلا.
وحول طريقة صنعها، يقول؛ يُخفق بياض البيض أولاً ويترك جانباً، ثم يُخفق صفار البيض مع الكمية المذكورة أعلاه من السكر حتى يصبح المزيج ذا قوام كريمي. تُضاف ملعقة صغيرة من الفانيلا، ثم يُضاف الزيت والجزر مع الخفق جيداً. يضاف البياض المخفوق ونخلط مجدداً لمدة دقيقة. حان وقت إضافة المواد الجافة، ونخلط باليد «الطحين والملح وباكينغ باودر وصودا الخبز والبهارات». يُصب الخليط بالقالب المدهون بالزبدة. ثم تدخل الكيك الفرن على درجة حرارة 180 لمدة لا تقل عن 45 دقيقة إذا كان قالباً مفتوحاً من الوسط، أما الصواني المسطحة فتستغرق فيها الكيك 25 دقيقة تقريباً. اختيارياً، يمكن أن تُزين الكيك مع حبات الجوز المجروش.
أما خريف بيروت فتشاركنا نسماته الشيف اللبنانية ليلى فتح الله، وتقول عنه لـ«الشرق الأوسط»: «أعشق الخريف، لكن البعض ربما يشعر ببعض الإحباط بسبب تسلل البرد، لذلك نركز على أن تكون أطباق الخريف غنية بالألوان والسكر والمكسرات، مكونات من شأنها تحسين المزاج». وتضيف: «البهارات لها أهمية خاصة خلال فصل الخريف، لأنها تجلب الدفء وتعزز المناعة، مثل الكركم والزنجبيل، من ثم ستكون الأبرز هذا الموسم، ولا سيما أن العالم يعيش حالة ترقب خوفاً من تهديدات موجة شرسة لفيروس كورونا».
وعن الأكلات المفضلة في الخريف، تقول الطاهية اللبنانية: «تتميز الطبيعة بألوان وخيرات خاصة بفصل الخريف عن باقي العام، بالطبع أستوحي منها الوصفات، مثلاً تأتي البطاطا الحلوة واليقطين على رأس قائمة المفضلات هذا الموسم». وتردف: «ما تنبته الأرض في موسم معين هو ما يتوق إليه الجسم والعقل».
وتقول ليلى فتح الله عن الطبق الأبرز في الخريف: «أميل في الغالب إلى جميع الوصفات التي تعتمد على اليقطين كمكون أساسي، بداية من الحساء وصولاً إلى الأطباق الحلوة المزينة باللون البرتقالي». وتشاركنا ليلى فتح الله، عشقها لهذه الخضار بوصفة مافن اليقطين بكريمة الجبن، والمكونات هي ملعقة كبيرة بهارات اليقطين (قرفة ناعمة، جوزة الطيب، قرنفل، زنجبيل) ملعقة صغيرة صودا الخبز، و1 - 2 ملعقة صغيرة ملح، وعلبة يقطين (425 غراماً) وكوب واحد سكر، وكوب واحد سكر أسمر، وبيضتان، و3 -4 كوب طحين، ونصف كوب زيت نباتي، وملعقة صغيرة فانيليا.
الطريقة بحسب الشيف ليلى؛ يُخلط الطحين مع الصودا والملح والبهار. أما اليقطين فيخلط مع البيض، والزيت، والسكر الأسمر، والأبيض، والفانيلا. ثم تُخلط المكونات الجافة والسائلة بعضها مع بعض جيداً. يصب الخليط في أكواب المافن حتى تصبح 3 - 4 ممتلئة.
ولتحضير خليط الجبن، نحضر 12 حبة كيري، وصفار حبة بيض، و1 – 4 أكواب سكر، وملعقة صغيرة فانيلا، ثم تخلط المكونات بعضها مع بعض في الخلاط الكهربائي، ثم يوزع الخليط على حبات المافن، بواسطة عود أسنان، وتخلط بخفة. أخيراً، تخبز المافن في فرن ذي حرارة مرتفعة لمدة 20 دقيقة.



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.