منع الاختلاط بين الجنسين في مدارس حكومية أميركية.. قضية تعود إلى الجدل

تربويون: أنجلينا تتعلم بشكل مختلف عن أنغلو.. ومنتقدون للقرار: يمكن أن يرسخ لـ«الإقصاء»

أحد الفصول الابتدائية المخصصة للأولاد فقط في مدرسة فورت لودرديل بولاية فيلادلفيا الأميركية (نيويورك تايمز)
أحد الفصول الابتدائية المخصصة للأولاد فقط في مدرسة فورت لودرديل بولاية فيلادلفيا الأميركية (نيويورك تايمز)
TT

منع الاختلاط بين الجنسين في مدارس حكومية أميركية.. قضية تعود إلى الجدل

أحد الفصول الابتدائية المخصصة للأولاد فقط في مدرسة فورت لودرديل بولاية فيلادلفيا الأميركية (نيويورك تايمز)
أحد الفصول الابتدائية المخصصة للأولاد فقط في مدرسة فورت لودرديل بولاية فيلادلفيا الأميركية (نيويورك تايمز)

في حجرة دراسية للصف الثالث الابتدائي كانت الجدران مزينة بأشكال فهود وحمير مخططة، وتجد أقلاما وأصابع صمغ في علب زهرية اللون وملصقا يحمل عبارة «تصرف بشكل جميل طوال الوقت». أما في الحجرة المجاورة فتجد صورا مقصوصة لسيارات سباق ولاعبي كرة قدم تزين الجدران، ولافتة خلف مكتب المعلم عليها عبارة «ركن المدربين».
في الحجرة الأولى طالبات في الصف الأول الابتدائي، بينما في الحجرة الثانية طلبة من الذكور في الصف نفسه. كان عدم الاختلاط بين الجنسين في التعليم شائعا حتى القرن الـ19 عندما تراجعت شعبيته باستثناء بعض المدارس الخاصة أو التابعة للأبرشيات، لكنه يعود مجددا في المدارس الحكومية الأميركية حيث يسعى التربويون إلى التوصل لوسائل لتحسين المستوى الدراسي خاصة بين الفقراء. وفي مدرسة «تشارلز درو» الابتدائية على أطراف فورت لودرديل، هناك فصل بين الجنسين في نحو ربع الصفوف الدراسية استنادا إلى نظرية تقول باحتمال تأثير الاختلافات بين الفتيان والفتيات على كيفية تعلمهم وتصرفهم. ويقر معلمون «بأهمية فهم أن أنجلينا تتعلم بشكل مختلف عن أنغلو»، كما توضح أنجلين فلاورز، ناظرة مدرسة «تشارلز درو»، وهي واحدة من عدة مدارس حكومية في مقاطعة بروورد التي بها بعض الصفوف غير المختلطة.
بوجه عام لا تتمتع تلك النظرية بثقل عند علماء الاجتماع، لكن تلاحظ فلاورز أنه بعد فتح تلك الصفوف الدراسية بالمدرسة، يحق لكافة الطلاب بها تقريبا الحصول على وجبات غداء مجانية أو بسعر منخفض منذ عامين، بدأ المستوى الدراسي لطلبتها في التقدم. كذلك شهدت أماكن أخرى أوجها مماثلة من التقدم، مما أدى إلى انتشار الصفوف غير المختلطة في مدارس حكومية بمناطق تعليمية أخرى من بينها شيكاغو ونيويورك وفيلادلفيا.
وصرحت وزارة التعليم في الحكومة الفيدرالية بأن هناك صفا واحدا غير مختلط على الأقل في نحو 750 مدرسة حكومية في مختلف أنحاء البلاد، وهناك 850 مدرسة حكومية كل صفوفها غير مختلطة. ورغم عدم توافر إحصاءات حكومية في السنوات القليلة الماضية، بلغ عدد المدارس الحكومية التي كان بها صف واحد غير مختلط على الأقل خلال العام الدراسي 2004-2005 122 مدرسة، بينما بلغ عدد المدارس التي لا يوجد بها سوى صفوف غير مختلطة خلال العام نفسه 34 مدرسة، بحسب تقديرات الهيئة القومية للتعليم الحكومي غير المختلط.
ويقول منتقدون إنه لا يوجد دليل دامغ على وجود اختلافات جوهرية في تطور المخ عند البنين والبنات وإن الفصل بين الأطفال على أساس النوع يمكن أن يكرّس للتنميط الراسخ. وقالت ريبيكا بيغلر، الاختصاصية النفسية في جامعة تكساس، إن الفصل على أساس النوع أو أي تصنيف اجتماعي آخر يزيد من التنميط والقولبة الناجم عن التحامل. وتوضح بيغلر قائلة: «إنك تقول إن هناك مشكلة في الاعتقاد بضرورة التمييز بين الجنسين. وبدلا من التعامل مع هذا الأمر، تقصي أحد الجنسين». ويثير هذا قلق الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، الذي قدم خلال العام الحالي شكاوى بالتعاون مع وزارة التعليم ضد 4 مناطق تعليمية في ولاية فلوريدا بتهمة انتهاك قانون الحقوق المدنية الفيدرالي وتبرير الفصل بين الجنسين في الصفوف الدراسية على أساس «قوالب عامة».
كذلك قدم الاتحاد شكوى في أوستين بولاية تكساس ضد مدرستين جديدتين بها صفوف غير مختلطة وهناك شكاوى معلقة في إداهو وويسكونسن وشكوى أخرى مقدمة منذ عقدين من الزمن في نيويورك.
وأسفرت الدعاوى القضائية في ولاية لويزيانا وويست فيرجينيا عن إعادة الصفوف الدراسية غير المختلطة إلى عهدها السابق. وكثيرا ما يشير المدافعون عن الصفوف غير المختلطة إلى الشجار بين الفتيان الذين يتأخرون دراسيا عن الفتيات في اختبارات القراءة التي تقيس درجة الفهم ويواجهون مشاكل أكثر من الفتيات في الانضباط ويتسربون من التعليم. كذلك يرى التربويون أن مستوى الفتيات الدراسي في العلوم أقل من الفتيان وأنهم سيستفيدون أكثر إذا كانوا مع الفتيات فقط. ويقول مسؤولون في مدارس إن وجود الجنس الآخر في الصف الدراسي يؤدي إلى تشتيت انتباه الأطفال.
ومن المقرر أن تصدر إدارة أوباما خلال الأسبوع الحالي تعليمات للمناطق التعليمية استجابة للشكاوى المقدمة من الاتحاد وزيادة عدد الصفوف غير المختلطة. وربما تستطيع تلك المدارس إقامة تلك الصفوف غير المختلطة إذا تمكنت من تقديم دليل على أن هذا يحسن المستوى الدراسي أو الالتزام على نحو يعجز عنه التعليم المختلط. يجب أن يكون لدى الطلبة بديل للتعليم المختلط، وعلى الأسر التطوع بإرسال أطفالهم إلى صفوف غير مختلطة. مع ذلك تنص التعليمات على أن الدليل على وجود اختلافات بيولوجية عامة بين الجنسين لا يكفي للسماح للمعلمين باختيار طرق أو وسائل تعليم تختلف باختلاف النوع.
وأوضحت كاثرين لامون، وكيل الوزارة لشؤون الحقوق المدنية، في رسالة بالبريد الإلكتروني: «ما يقلقني هو قدرة المدارس على بناء العملية التعليمية على أساس من القوالب. لا ينبغي لمدرسة أن تعلم الأطفال النظر بدونية لأنفسهم». قد يكون الطلب من المدارس تقديم أدلة على تحسن المستوى الدراسي طلبا صعب المنال. وإجمالا لا يرى الباحثون أي فوائد دراسية للتعليم غير المختلط، وليس له أيضا أي تأثير سلبي. وقالت جانيت هايد، الاختصاصية النفسية في جامعة ويسكونسن في ماديسون التي حللت 184 دراسة تغطي 1.6 مليون طفل على مستوى العالم، إن الدراسات التي توضح تقدم المستوى الدراسي تضمنت في أحوال كثيرة عوامل أخرى لا تمت بصلة إلى تأثير عدم الاختلاط.
ويقول المؤيدون إن الفتيات يتشاركن الاهتمامات، وكذلك يفعل الفتيان مع بعضهم البعض، أكثر مما يفعل كل منهم مع الآخر في العمر نفسه. وقال ليونارد ساكس، طبيب أطفال ومؤلف عدد من الكتب التي تتناول الفروق بين الجنسين ومنها «لماذا النوع مهم»: «مع ذلك نحن نقوم بالفصل على أساس العمر وهو أمر لا يدعمه أي دليل».
بحسب الشكوى المقدمة من الاتحاد في مقاطعة بروورد، اعتمدت المنطقة التعليمية على بيانات من ساكس وكذا من «غوريان إنستيتيوت» التي أسسها مايكل غوريان مؤلف عدة كتب منها «طرق تعلم الفتيان والفتيات مختلفة» في كولورادو.
وتوضح الشكوى أن مواد التدريب أشارت إلى أن «الدروس التي يكون فيها تنافس لطيف قد تكون أكثر تأثيرا على الصبية» وأن «الدروس التي تتضمن مفردات عاطفية قد تكون أكثر تأثيرا على الفتيات». وتم توجيه المعلمين إلى أن يكونوا «أكثر تسامحا مع حاجة الصبية إلى التململ وحاجة الفتيات إلى الحديث أثناء الصف».
عانت الكثير من المدارس، التي بها صفوف دراسية غير مختلطة، من أداء الطلبة الدراسي، وهيمنت عليها الأقليات المتعصبة في الأحياء الفقيرة. وقالت غالين شيروين، المحامية لدى مشروع حقوق المرأة التابع للاتحاد الأميركي للحريات المدنية: «يتطلع الآباء إلى خيارات أفضل. وتعمل المناطق التعليمية على الترويج لتلك الخيارات باعتبارها حلا على أساس من الأدلة المدلسة وغير المدعومة».
وفي صباح أحد الأيام في مدرسة «ديلارد» الابتدائية في فورت لودرديل، التي يمثل عدد الطلبة السود فيها 98 في المائة من الطلبة وينتمون إلى أسر محدودة الدخل، تحدثت مليسا دينغل ماسون، معلمة الرياضيات للصف الثالث الابتدائي، عن بعض التدريبات. وقالت عن الصبية الذين كانت تدرس لهم قبل أن تأتي معلمة القراءة والعلوم الاجتماعية لتحل محلها وتدرس هي للفتيات: «أنا قادرة على إخراج أفضل ما لديهم وتضمين ألعاب رياضية وأشياء أخرى». وأضافت أنها أحبت تحويل دروس الرياضيات إلى ألعاب لأن الصبية يحبون «المنافسة».
وبدا الصبية في صفها منشغلين ومتحمسين للعمل. وقال جهيم جونز البالغ من العمر 8 سنوات إنه يفضل مكانا خاليا من الفتيات في المدرسة لأنهن «مسيطرات». وفي الردهة في حصة القراءة والدراسات الاجتماعية في الصف الثالث الابتدائي، أظهرت روث لويسينت، التي كانت تشرف على كل الفتيات في ذلك الوقت، صندوقا كانت تحتفظ به في حجرة تخزين سترات زرقاء، وقالت إن الفتيات يشعرن بالبرد أكثر من الفتيان. وفي حصص الهجاء والمفردات التي تتضمن نشاطا رياضيا، أحضرت لويسينت حلقات الهولا هوب وكرات مطاطية صغيرة للفتيات، بينما يحصل الصبية على اليويو والعصي ومضارب الريشة. وقالت إنها تدرس المنهج نفسه لكلا الجنسين، لكن مع تغيير بعض التفاصيل؛ فعلى سبيل المثال عندما تشغل موسيقى في الحجرة الدراسية، تفضل أغاني مايكل جاكسون عند وجود الصبية، بينما تفضل الموسيقى الهادئة لفرق مثل «إنيغما» عند وجود الفتيات.
وقالت إنغيلا براون، ناظرة «ديلارد»، إن الصبية في الصفوف غير المختلطة يحضرون بشكل أكثر انتظاما عن الصفوف المختلطة، كذلك ترتفع علاماتهم الدراسية في اختبارات القراءة والرياضيات. مع ذلك تمثل أكبر تحسن في انخفاض معدل مخالفة النظام والشجار. وقالت براون: «يحاول الفتيان إثارة إعجاب الفتيات، بينما تحاول الفتيات إثارة إعجاب الفتيان وقد أزلنا هذا العائق من الطريق».
في أنحاء مقاطعة بروورد، خلص تقييم خارجي قامت به شركة أبحاث «ميتيس أسوسيتيس» إلى أنه بعد عامين من فتح صفوف غير مختلطة في 5 مدارس، تراجع معدل مخالفات نصف عدد الطلبة تقريبا وتراجع معها معدل معاقبتهم مقارنة بالعام السابق.
وأشار التحليل الأولي لنتائج الاختبارات في الولاية إلى تحسن المستوى الدراسي لنحو 75 في المائة من الطلبة المسجلين بمادة القراءة في الصفوف غير المختلطة، في حين اقتربت نسبة ارتفاع درجات طلبة المرحلة الابتدائية في الصفوف غير المختلطة بمادة الرياضيات من الـ70 في المائة.
وقال مسؤولون في مقاطعة بروورد إنه رغم فتح الإدارة التعليمية صفين غير مختلطين في المدرسة الإعدادية خلال العام الحالي، لم يخطط الإداريون للتوسع السريع. وقالت ليونا ميراكولا، مديرة البرامج المبتكرة للمدارس الحكومية في مقاطعة بروورد، إن المنطقة التعليمية تلتزم بالقانون الفيدرالي «جيدا». وترى شينيلا جونسون، الطالبة في الصف الثالث الابتدائي في مدرسة «تشارلز درو» وتبلغ من العمر 9 سنوات أن صف به فتيات فقط «نعمة»، حيث تقول إن الصبية «مزعجون». وأضافت أنه في غياب الصبية «نتعلم أشياء جديدة».
* خدمة «نيويورك تايمز»



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.