تعليق البحث عن حطام «إير آسيا».. والجليد سبب محتمل للحادث

مسؤولون: كثير من جثث الضحايا لا تزال داخل الطائرة

تعليق البحث عن حطام «إير آسيا».. والجليد سبب محتمل للحادث
TT

تعليق البحث عن حطام «إير آسيا».. والجليد سبب محتمل للحادث

تعليق البحث عن حطام «إير آسيا».. والجليد سبب محتمل للحادث

أعلن رئيس الوكالة الإندونيسية للبحث والإنقاذ، بامبانغ سوليستيو، اليوم، أن انعدام الرؤية حال دون وصول غواصي البحرية الإندونيسية إلى أجسام ضخمة يعتقد أنها من أجزاء طائرة شركة «إير آسيا» التي تحطمت وعلى متنها 162 شخصا الأسبوع الماضي.
وقال مسؤولو الإنقاذ أمس إن سفنا مزودة بتكنولوجيا السونار قد رصدت 4 أجسام ضخمة، وإنهم يأملون أن تكون أجزاء من الطائرة المنكوبة وهي من طراز «إيرباص إيه 300 - 200».
وصرح بامبانغ اليوم قائلا: «أرسلنا اليوم اثنين من الغواصين بهدف الوصول إلى أكبر هذه الأجسام، ولكن الرؤية في قاع البحر منعدمة، كما أن الجسم مغطى بالطين.. ومن ثم علقت الجهود». وأضاف أنه بدلا من عملية الغطس، سوف يتم إرسال مركبة تعمل بالتحكم عن بعد تحت سطح الماء.
وكانت الأمواج العالية والرياح القوية في الأيام القليلة الماضية قد منعت الغواصين المجهزين بالكاميرات وأجهزة الموجات الصوتية (سونار) من تمشيط قاع البحر للعثور على مزيد من الحطام وجثث الضحايا.
وذكر بامبانغ أن فرق البحث رصدت شيئا آخر في قاع البحر قرب الأجسام الأربعة التي رصدت قبل ذلك.
وأشار المسؤولون إلى أنهم يعتقدون أن كثيرا من جثث الضحايا لا تزال مثبتة بمقاعدهم في جسم الطائرة.
من جانبها، أعلنت الوكالة الوطنية للأرصاد الجوية أن الطقس الرديء كان «العامل المسبب» لحادث تحطم الطائرة. وقالت الوكالة الإندونيسية للأرصاد الجوية على موقعها الإلكتروني اليوم: «استنادا إلى المعلومات المتوافرة عن مكان الاتصال الأخير بالطائرة، فإن الظروف المناخية كانت العامل المسبب للحادث».
وأضافت أن «الظاهرة المناخية المرجحة هي التجلد الذي يمكن أن يلحق ضررا بالمحركات بسبب عملية التبريد»، موضحة أنه «ببساطة أحد الاحتمالات، استنادا إلى تحليل المعطيات المناخية المتوافرة».
وكان الطيار طلب التحليق على علو أكبر لتجنب عاصفة، لكنه لم يتلق الضوء الأخضر على الفور من برج المراقبة الجوية بسبب حركة ملاحة كبيرة في هذا الممر الجوي. واختفت الطائرة من على شاشات الرادار بعيد ذلك.
وقد عثر على 5 أجزاء كبيرة من الطائرة قبالة جزيرة بورنيو.
وحتى الآن تم انتشال جثث 30 شخصا. ومع انقشاع الغيوم صباح اليوم، نزل الغواصون إلى عمق نحو 30 مترا في البحر وتمكنوا من انتشال جثة أحد الضحايا.



غزة تحرق الكتب للخبز والدفء

الكاتب الغزي محمود عساف الذي اضطر إلى بيع مكتبته لأحد الأفران (حسابه على «فيسبوك»)
الكاتب الغزي محمود عساف الذي اضطر إلى بيع مكتبته لأحد الأفران (حسابه على «فيسبوك»)
TT

غزة تحرق الكتب للخبز والدفء

الكاتب الغزي محمود عساف الذي اضطر إلى بيع مكتبته لأحد الأفران (حسابه على «فيسبوك»)
الكاتب الغزي محمود عساف الذي اضطر إلى بيع مكتبته لأحد الأفران (حسابه على «فيسبوك»)

لم يتخيل الكاتب الغزي محمود عساف، للحظة واحدة، أن يخسر مكتبته الثرية بآلاف الكتب العلمية والدينية وغيرها من محتويات قيمة، ولم يتخيل في أسوأ كوابيسه أن مكتبته «العزيزة» على قلبه ستتحول إلى وقود للنار التي يبحث عنها كل الغزيين في ظل افتقارهم لوسائل التدفئة المعروفة.

شعر عساف، الذي نزح مضطراً من مدينة غزة إلى دير البلح بفعل الحرب الإسرائيلية، بغصة في قلبه، بعد أن عرض عليه صاحب أحد الأفران شراء ما تبقى من مكتبته، لاستخدام الكتب في إشعال النار في فرنه القديم، بغرض إعداد الخبز للسكان.

لم يوافق فوراً لكنه لاحقاً اضطر لبيع كتبه تحت ضغط الوضع المعقد.

وقال عساف الذي يملك في مكتبته الكبيرة نحو 30 ألف عنوان بينها كتب ألَّفها بنفسه: «منذ تلك اللحظة كأني أُقيم كل المآتم في قلبي، لكن ما اضطرني إلى القبول هو ضيق الحال الذي وصلنا إليه في غزة، وأنا أنظر إلى أطفالي وأطفال بلادي وهم يتمنون لقمة العيش أو ارتداء حذاء في أقدامهم يساعدهم على السير في الرمال بين الخيام التي تحتوينا منذ عام».

كتب عساف عبر صفحته في «فيسبوك» التي يتابعها الآلاف: «ليتني مِتُّ قبل هذا»، خصوصاً أن مكتبته يعود عمرها إلى 35 عاماً مضت، وكان من حين إلى آخر يُثريها بالكتب القيمة التي قرأها جميعها بتمعّن، وكانت بمثابة مرجع علمي لكثيرين من الطلبة الجامعيين وحتى لأصدقائه من الكتاب والأكاديميين وغيرهم.

وعساف ليس الوحيد الذي اضطر إلى استخدام الكتب للحصول على نار، ومع تضاعف أزمة عدم توفر الحطب في القطاع، اضطر الكثيرون إلى استخدام كتبهم بغضّ النظر عن نوعها، حتى المدرسية، لإشعال النار من أجل تجهيز الطعام لعوائلهم، أو الحصول على تدفئة، حتى إن بعض المواطنين اضطروا إلى دخول مكتبات عامة وخاصة واستولوا على ما بها من كتب لاستخدامها في إيقاد النيران.

مكتبة الكاتب عساف التي تحولت إلى وقود للنار في قطاع غزة (فيسبوك)

وقال عماد محيسن، وهو موظف في القطاع الخاص ويمتلك مكتبة خاصة به، إن أبناءه حين قُصف منزلهم أخرجوا المئات من الكتب من تحت ركام المنزل، واحتفظ بها في خيمة مجاورة لخيمته التي نزح إليها في دير البلح وسط القطاع، لكنه فوجئ بأن جيرانه أحرقوها كلها لإشعال أفران الطينة من دون علمه واستئذانه.

لم يعاتبهم محيسن، كما قال لـ«الشرق الأوسط»، حتى حين رآهم أيضاً يحرقون شهادات التقدير التي حصل عليه، لأنه يشعر بأن الحرب أخذت منه كل شيء ولم يتبقَّ لأي شيء قيمة تُذكَر؛ «ماذا تنفع الشهادات مع انعدام الحياة؟».

الصديق وقت الضيق!

ووجد محيسن نفسه مضطراً إلى استخدام ما تبقى لديه لإشعال الوقود لزوجته من أجل إعداد الطعام، أو حتى لتدفئة المياه للاغتسال، وأحياناً من أجل التدفئة. ولم يُخفِ محيسن حسرته الكبيرة على فقدانه مكتبته التي كانت بمثابة الصديق وقت الضيق، يلجأ إليها كلما شعر بأنه بحاجة إلى تغيير مزاجه اليومي، قائلاً: «قراءة الكتب والاستفادة منها، هي أفضل ما يمكن أن يعينك على مواجهة مشكلات الحياة».

ويعاني سكان قطاع غزة، خصوصاً في شماله، من انعدام تام لغاز الطهي، الذي يُسمح لكميات محدودة منه فقط بدخول مناطق جنوب القطاع، ويوزع عبر جهات حكومية ضمن معايير محددة وبكميات بسيطة جداً لا تكاد تكفي لأسبوع واحد لعائلة مكونة من 6 أفراد على سبيل المثال. كما أنه منذ العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، فقد سكان قطاع غزة كل مصادر الكهرباء المتوفرة من خطوط إسرائيلية ومن محطة الكهرباء الوحيدة، الأمر الذي أسهم في مضاعفة الأزمات بالنسبة لهم، مع اعتمادهم على ما تبقى من طاقة شمسية لدى بعض المقتدرين التي تقتصر فقط على شحن البطاريات والهواتف النقالة.

طلب مرتفع

ومنذ بداية الحرب، يستخدم سمير الحوراني من سكان منطقة الزوايدة وسط قطاع غزة، الأخشاب والحطب بشكل أساسي لإيقاد النار لعائلته لإعداد الطعام والخبز، ومنذ فترة لجأ إلى الكتب والأوراق والدفاتر، التي تساعده على ايقاد النيران وتخفف من كميات الخشب الشحيحة. وقال: «الكتب تساعد على إيقاد النيران، وتخفف من استخدام الخشب».

ومع حاجة الناس إلى الكتب، تحولت إلى مادة للبيع. واستغل محمد المدهون، من سكان حي الشيخ رضوان، شمال مدينة غزة، الأوضاع الحالية، وأخرج من منزله الذي لم يتعرض لأي قصف أو ضرر، كل ما فيه من كتب ودفاتر وأوراق، وعرضها للبيع، في خيمة نصبها إلى جوار المنزل، وكان يقدم فيها مشروبات ساخنة، مقابل أجر مادي بسيط لا يتعدى 5 شواقل (دولار ونصف تقريباً). وقال المدهون: «جمعت كل ما لديَّ: كتب قراءة وكتب مدارس ودفاتر وأوراق كرتون... كل شيء، وعرضته للبيع». وأضاف: «فوجئت بالطلب المرتفع. البعض اشتراها من أجل المساعدة في إشعال النار، والبعض اشترى كتاباً أو اثنين للقراءة». وتابع: «لم يكن مشهداً محبباً لي. لكنّ الناس يحتاجون إلى الكتب من أجل القراءة والنار. وأنا أحتاج إلى المال».