ليبيا: استقالة جماعية لـ«إخوان» مصراتة... وظهور بارجة تركية في ميناء الخمس

«الوفاق» تعلن عن «اتفاق مبدئي» مع تونس على استئناف الرحلات الجوية

محادثات جنيف العسكرية بين وفدي «الجيش الوطني» و«الوفاق» برعاية بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا (إ.ب.أ)
محادثات جنيف العسكرية بين وفدي «الجيش الوطني» و«الوفاق» برعاية بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا (إ.ب.أ)
TT

ليبيا: استقالة جماعية لـ«إخوان» مصراتة... وظهور بارجة تركية في ميناء الخمس

محادثات جنيف العسكرية بين وفدي «الجيش الوطني» و«الوفاق» برعاية بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا (إ.ب.أ)
محادثات جنيف العسكرية بين وفدي «الجيش الوطني» و«الوفاق» برعاية بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا (إ.ب.أ)

بينما استمر الترحيب الدولي والغربي، أمس، بالنتائج التي أعلنت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا التوصل إليها في محادثات جنيف العسكرية، بين وفدي «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، وقوات حكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، شهدت مدينة مصراتة (غرب) إعلاناً مفاجئاً لفرع تنظيم «الإخوان» بحله، وتقديم استقالة جماعية منه، وسط استمرار التوتر على خلفية اعتقال محمد بعيو، رئيس مؤسسة الإعلام الحكومية، بين ميليشيات بالعاصمة طرابلس ومدينة مصراتة.
وتزامنت هذه التطورات مع ظهور مفاجئ لبارجة حربية تركية في ميناء الخمس، الواقع على بعد 120 كيلومتراً شرق العاصمة طرابلس، في مؤشر جديد على استمرار تركيا في دعم قوات «الوفاق»، وذلك بعد ساعات فقط من مناقشة رئيس أركانها، الفريق محمد الحداد، مع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، ورئيس الأركان التركي يشار غولر، أول من أمس، مواصلة أنشطة التدريب والاستشارة في المجالين العسكري والأمني، وذلك في إطار الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين.
في غضون ذلك، رحبت ألمانيا في بيان للمتحدثة باسم خارجيتها أمس، بتوافق الأطراف الليبية المعلن عنه أول من أمس بشأن ما وصفته «الانطلاقة الناجحة» لمحادثات اللجنة العسكرية (5 + 5) في جنيف، مشيرة إلى أنه بعد يومين من المحادثات ظهرت بالفعل النتائج الأولية، والتي من شأنها أن تؤدي إلى تخفيف العبء عن السكان الليبيين بشكل مباشر. معتبرة أن هذه «خطوة أخرى في الاتجاه الصحيح، تبين أنه إذا اجتمعت الجهات الليبية بشكل مباشر، من خلال جهود وساطة الأمم المتحدة، فإن هذا يمكن أن يؤدي إلى حل سياسي داخلي حقيقي».
وبدوره، اعتبر خوسيه أنطونيو، رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا، أن توافقات جنيف «أخبار سارة»، وأعرب عن أمله في استمرار المحادثات بشكل إيجابي، مبرزاً أن الاتحاد الأوروبي يقدم كل الدعم للمحادثات.
في سياق ذلك، طالب وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، بخروج القوات الأجنبية من ليبيا، تمهيداً لحل النزاع، وترك الشعب الليبي يقرر مصيره، مشيداً بإعادة تأكيد الليبيين لسيادتهم من خلال محادثات جنيف.
في شأن آخر، نددت بعثة الأمم المتحدة بما وصفته بـ«الاعتقال خارج إطار القانون» لمحمد بعيو، رئيس مؤسسة الإعلام بحكومة «الوفاق»، مشيرة في بيان لها أمس إلى أنه تم الإفراج عن نجليه بعد فترة وجيزة من اعتقالهما، بينما تم الإفراج عن هند عمار رئيسة البرامج المعينة حديثاً في قناة «ليبيا الوطنية» الليلة الماضية.
وبعدما اعتبرت أن الجولة الأخيرة من الاعتقالات التعسفية تسلط الضوء على المخاطر الشخصية، التي يتعرض لها الصحافيون خلال دفاعهم عن الحق في حرية التعبير في ليبيا، دعت البعثة إلى ضرورة احترام سيادة القانون، وأكدت مجدداً أن الحرية الإعلامية أمر بالغ الأهمية للانتقال الديمقراطي في ليبيا، كما شددت على وجوب ضمان الحق في حرية التعبير وحماية الصحافيين والإعلاميين.
من جهة أخرى، وفي تطور مفاجئ، أعلن الفرع الرسمي لتنظيم «الإخوان» في مصراتة عن حل نفسه، وتقديم أعضائه استقالة جماعية.
وقال أعضاء «الإخوان» بالمدنية إنه تقرر حلّ التنظيم، وأكدوا في بيان أمس أنهم «لن يكونوا شماعة لمصادرة حرية الشعب الليبي وإخماد ثورته». وعزوا استقالتهم إلى «تسويف قيادة التنظيم، وتعطيلها لتنفيذ المراجعات والتصويب، الذي توصل إليه أعضاؤه في مؤتمره العاشر عام 2015». لافتين إلى أن «السياق الزمني الذي نشأت فيه الجماعة، وتطورها الزمني؛ يحتم إعادة قراءة المشهد والمراجعة والتصويب، وهو ما لم يتأتّ لهم في ليبيا».
لكن البيان تعهد في المقابل، بـ«مواصلة العمل والإصلاح من خلال المؤسسات المجتمعية الكثيرة، كل حسب مجاله ورغبته».
وهذه أحدث استقالة من نوعها يقدم عليها أعضاء في تنظيم «الإخوان» في ليبيا، بعد مرور نحو شهرين على استقالة مماثلة أعلنها أعضاء التنظيم بمدينة الزاوية، علماً بأن خالد المشري، الرئيس الحالي للمجلس الأعلى للدولة، كان قد أعلن مؤخراً استقالته من الجماعة، التي يعتبر أحد قيادييها البارزين.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الخارجية بحكومة «الوفاق» عن التوصل إلى ما وصفته بـ«اتفاق مبدئي» بين اللجنة الليبية التونسية المشتركة على إعادة فتح المعابر الحدودية، واستئناف الرحلات الجوية بين البلدين.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.