الفيروس يتفشى في غرب ليبيا... ومخاوف من إعادة فتح الحدود

بعد تسجيل 52 ألف إصابة في عموم البلاد

غرف للعزل الصحي تم تصميمها إيذاناً بفتح معبر رأس جدير الحدودي بين ليبيا وتونس (المركز الوطني لمكافحة الأمراض)
غرف للعزل الصحي تم تصميمها إيذاناً بفتح معبر رأس جدير الحدودي بين ليبيا وتونس (المركز الوطني لمكافحة الأمراض)
TT

الفيروس يتفشى في غرب ليبيا... ومخاوف من إعادة فتح الحدود

غرف للعزل الصحي تم تصميمها إيذاناً بفتح معبر رأس جدير الحدودي بين ليبيا وتونس (المركز الوطني لمكافحة الأمراض)
غرف للعزل الصحي تم تصميمها إيذاناً بفتح معبر رأس جدير الحدودي بين ليبيا وتونس (المركز الوطني لمكافحة الأمراض)

وسط مخاوف من تأثير إعادة فتح المنافذ الحدودية على الوضع الوبائي في البلاد، ارتفعت حصيلة الإصابات بفيروس «كوفيد- 19» أمس، في غالبية مدن الغرب الليبي، مسجلة أرقاماً إضافية، في وقت بدأت فيه سلطات العاصمة تستعد لفتح معبر رأس جدير مع تونس، بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة.
وبحسب اللجنة العليا لإدارة الأزمة والاستجابة لمجابهة جائحة «كورونا» في مصراتة، فإن حصيلة الإصابات بالفيروس وصلت إلى 4296 حالة بالمدينة، كما تزداد في بقية مدن الغرب بوتيرة سريعة أيضاً في ظل الحملات التوعوية وإجراءات الرعاية التي توفرها حكومة «الوفاق» للمصابين. وتحدث المركز الوطني لمكافحة الأمراض في نشرته عن الوضع الوبائي أمس، وقال إنه بعد فحص العينات بتقنية «بي سي آر» المباشرة، تبين إيجابية 995 عينة، من بينها 442 حالة في طرابلس فقط.
وأرجع مسؤول بالمركز الوطني أسباب التخوف من إعادة فتح المنافذ الحدودية إلى ما سمَّاه «عدم التزام كثير من المواطنين؛ وخصوصاً المخالطين للمصابين، بإجراءات التباعد الاجتماعي»، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» رافضاً ذكر اسمه؛ لأنه غير مخول له الحديث للإعلام، إن «هذه الفئة تواصل التنقل بين المدن الليبية، مما يزيد من معدلات انتشار الفيروس»، وبالتالي ستصعب السيطرة عليه.
ودلل المسؤول على حديثه بـ«ازدياد نسبة المخالطين، إذ إنهم يمثلون 371 حالة من جملة الـ995 إصابة التي كشف عنها المركز أمس»، مستدركاً: «لكننا اتخذنا إجراءات وقائية صارمة من أجل الاستعداد والجهوزية لفتح معبر رأس جدير مع دولة تونس الشقيقة، بجانب تجهيز 8 غرف للعزل الصحي، في إطار التعاون بين المركز الوطني لمكافحة الأمراض والمنظمة الدولية للهجرة». وكشف المركز الوطني أمس، أن العدد التراكمي للمصابين في البلاد بلغ 52620 حالة، تعافى منها 29057؛ بينما توفي 768، لافتاً إلى ضرورة تعاون المواطنين مع الفرق الطبية لتجاوز هذه المحنة.
يأتي ذلك في وقت واصلت فيه اللجنة الطبية الاستشارية التابعة لحكومة شرق ليبيا، برامج التدريب للأطقم الطبية والطبية المساعدة العاملة بغرف الفلترة وأقسام العزل، بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة. وقالت في بيان مساء أول من أمس، إنه يتم تدريب فرق «الجيش الأبيض» على آلية تطبيق إجراءات مكافحة العدوى في التعامل مع الحالات المشتبه بها والمصابة بفيروس «كورونا»، بجانب طريقة التعامل مع معدات الوقاية الشخصية، وطريقة الارتداء والخلع للملابس الوقائية، وكيفية تقييم المخاطر.
وأعلنت إدارة مستشفى «الهواري العام» في بنغازي، شرق البلاد، إصابة الدكتور إسماعيل العيضة، مدير إدارة المستشفيات بوزارة الصحة بالحكومة المؤقتة بفيروس «كورونا».
في السياق ذاته، أثنى مركز مصراتة الطبي على جهود الأطقم الطبية والفرق المساعدة، في التصدي لفيروس «كوفيد- 19»، وقال في بيان أمس: «يمضي جنود (الجيش الأبيض) في رعاية المرضى والمصابين بـ(كورونا) داخل قسم العزل التابع للمركز»؛ متابعاً: «حتى في ساعات الليل الطويل تتواصل العناية بالمصابين، في مواجهة فيروس لا تزال البشرية تخوض معركة القضاء عليه».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».