عادت أزمات التنمر داخل المدارس المصرية إلى الواجهة مرة أخرى، مع انطلاق العام الدراسي الجديد، واستحوذت قضية إجبار طالبة بالمرحلة الإعدادية بإحدى مدارس مدينة بلبيس، بمحافظة الشرقية (دلتا مصر) على ارتداء الحجاب، على اهتمام وسائل الإعلام المصرية، ما دفع بعض المؤسسات الرسمية إلى إعلان تضامنها مع الطالبة ريم صلاح، على غرار خط نجدة الطفل بالمجلس القومي للطفولة والأمومة، والمجلس القومي للمرأة، الذي أعلن عن «تقدمه بشكوى رسمية للدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني تتضمن استغاثة من والدة طفلة بالمرحلة الإعدادية بإحدى المدارس ببلبيس، تتضررت فيها من تهديد عدد من المعلمات بالمدرسة لابنتها وإجبارها على ارتداء الحجاب بزعم أنه جزء من الزي المدرسي».
وأكدت رئيسة المجلس الدكتورة مايا مرسي، في بيان صحافي مساء أول من أمس أن «المجلس تابع على مدار يومين هذه الواقعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتواصل مع الأم التي أفادت بإجبار ابنتها على لبس الحجاب في مدرستها من بعض المعلمات، وتهديدها وإرهابها وإرغامها على فعل ذلك».
وناشدت الدكتورة مايا مرسي وزير التربية والتعليم بسرعة التدخل والتحقيق فيما حدث، مؤكدة أنها «على يقين بأن الوزير سيتخذ جميع الإجراءات اللازمة حيال تلك الواقعة بما يضمن الحفاظ على حقوق جميع فتيات مصر».
وعلق الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم المصري، على الواقعة قائلا إن «الوزارة تحركت بشكل فوري في أزمة إجبار طالبة على ارتداء الحجاب»، وأضاف في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس، أن «الأمر مجرد حالة فردية وتم التعامل معه»، مشيرا إلى أن «التحقيقات ستوضح مدى صحة الوقائع المنتشرة من عدمها».
بدوره، شكل الدكتور ممدوح غراب محافظ الشرقية، لجنة للتقصي والتحقيق وأخذ أقوال زميلات الطالبة والمعلمات، وقال في تصريحات تلفزيونية إنه «سوف يتم معاقبة معلمات مدرسة بلبيس بعقوبات صارمة إذا أدانتهن لجنة التحقيق... لأننا لا نسمح لأي أحد بأن يقوم بإجراء متشدد في مدارس المحافظة». على حد تعبيره.
ورغم تعرض ابنتها الكبرى «ندى» لواقعة تنمر مشابهة بسبب عدم ارتدائها الحجاب في عام 2016 تسببت في حدوث ضجة إعلامية كبيرة، دفعت وزارة التربية والتعليم للإعلان عن عدم وجود قانون يلزم الفتيات بارتداء الحجاب داخل المدارس، فإن لمياء لطفي، الناشطة الحقوقية بمؤسسة «المرأة الجديدة»، لم تسلم من تكرار الأمر ذاته مع ابنتها الصغرى «ريم». وتقول لطفي لـ«الشرق الأوسط»: «أخبرتني ابنتي بتهديد وكيلة المدرسة، والاختصاصية الاجتماعية يوم الثلاثاء الماضي بعدم السماح لها بدخول المدرسة مجددا إذا لم ترتد الحجاب، وقمت بالاتصال بمدير المدرسة فورا، وطلب مني الانتظار حتى تأكد من الواقعة بنفسه واعتذر لي ووعد بعدم تكرار الأمر، لكن الاختصاصية الاجتماعية أرسلت رسالة هاتفية لي بأن ابنتي ستُمنع من دخول المدرسة إن لم ترتد الحجاب».
وتنفي لطفي اتهامها بتعمد إحداث «شو إعلامي» كما يتهمها البعض في هذه الواقعة، وفي واقعة عام 2016 قائلة: «هذه اتهامات مكررة، وجزء من عدم الاعتراف بحجم المشكلة».
وبحسب لطفي التي تعمل في مجال حقوق الإنسان منذ 20 عاما، فإنها تلقت دعما عاجلا خلال هذه الأزمة من أجهزة حكومية على غرار خط نجدة الطفل، الذي أرسل مندوبين للمدرسة لبحث مساعدة ابنتي نفسيا، والمجلس القومي للمرأة الذي يتابع نتائج التحقيق، وكذلك محافظة الشرقية التي شكلت لجنة تقصي، مشيرة إلى «رضاها عن القرارات العاجلة التي اتخذها مدير الإدارة التعليمية بمدينة بلبيس، والتي من بينها إبعاد المعلمتين أصحاب الأزمة من المبنى الذي توجد فيه ابنتها خلال فترة التحقيق».
وبدأت الدراسة في المدارس الدولية بمصر في 15 سبتمبر (أيلول) الماضي، فيما بدأ العام الدراسي في المدارس الحكومية والخاصة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
وفي محافظة الدقهلية المجاورة للشرقية (دلتا مصر)، أثيرت ضجة كبيرة بداية الأسبوع الدراسي الأول أيضا على خلفية الانتقادات التي وجهها محافظ الدقهلية الدكتور أيمن مختار، لمديرة مدرسة عمر مكرم الابتدائية بدكرنس، كريمة محمود، خلال جولته التفقدية للمدرسة، ووُصفت تصريحات المحافظ بأنها «إهانة واضحة لمديرة المدرسة تستوجب الاعتذار»، وبعد موجة من الانتقادات الحادة التي تعرض لها المحافظ قال في تصريحات تلفزيونية إنه «لاحظ عدم استعداد المدرسة للعام الدراسي الجديد، وإنه لم يتنمر، أو تعمد إهانة مديرة المدرسة كما أشيع قبل عزلها من منصبها، ولفت إلى استعداده لمقابلة مديرة المدرسة في مكتبه بديوان المحافظة، مع عدم تراجعه عن قرار عزلها».
لكن مديرة المدرسة أعلنت رفضها لقاء المحافظ بمكتبه لترضيتها، وقالت، في تصريحات صحافية: «أنا لا أريد أن يعتذر لي المحافظ أريد فقط العودة إلى مدرستي... أنا مربية أجيال وأُهنت بمدرستي، وأقل رد اعتبار لي هو عودتي لمدرستي، خصوصا أن المحافظ ما زال معتقدا أنني أخطأت وهو لم يسمع حتى الآن أسبابي».
ويبلغ عدد تلاميذ مرحلة التعليم قبل الجامعي في مصر أكثر من 23 مليون تلميذ وتلميذة، وفق إحصائية رسمية لوزارة التربية والتعليم المصرية صدرت في فبراير (شباط) الماضي، التي أشارت كذلك إلى ارتفاع عدد المدارس الحكومية والخاصة في العام الدراسي الماضي لتصل إلى أكثر من 56 ألف مدرسة.
تضامن رسمي مع طالبة تعرضت للتنمر بسبب «الحجاب» في مصر
تضامن رسمي مع طالبة تعرضت للتنمر بسبب «الحجاب» في مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة