سنوات السينما

غاري كوبر في «رجل الغرب»
غاري كوبر في «رجل الغرب»
TT

سنوات السينما

غاري كوبر في «رجل الغرب»
غاري كوبر في «رجل الغرب»

Man of the West
(1958)
(ممتاز)
شكسبير يزور الغرب الأميركي
كان المخرج الفرنسي جان - لوك غودار ما زال ناقداً فقط سنة 1958 عندما شاهد «رجل الغرب» وكتب عنه مقالاً نقدياً وصف الفيلم فيه بأنه «أفضل أفلام السنة». وحسب رواية البعض فإن العديد من النقاد في ذلك الحين عاودوا النظر إلى الفيلم بعين التقدير بعدما اعتبره البعض منهم أنه مجرد فيلم وسترن آخر.
هو ليس فيلم وسترن آخر، بل هو من أفضلها. وليس فيلم وسترن آخر لأنه يمتلك من العمق في كتابة وتقديم الشخصيات، مما يجعل العمل بأكمله يبدو كما لو كان اقتباساً شكسبيرياً، أو على الأقل لعب على خيوط التراجيديا اليونانية.
لينك (غاري كوبر) يتوجه في قطار صوب بلدة بعيدة ليجلب أستاذة مدرسة ويعود بها إلى بلدته. في حوزته المال الذي دفعه أهل بلدته له لهذه الغاية. في القطار هناك شخص ليس أهل ثقة اسمه سام (آرثر أو كونيل) ومغنية حانات اسمها بيلي (جولي لندن). تسطو عصابة على القطار وتسرق حقيبة لينك التي تحتوي على ماله. هو وبيلي وسام سيتوجهون إلى منزل قديم كان ترعرع فيه ليكتشف أن المكان هو مأوى للعصابة. أكثر من ذلك، هي العصابة ذاتها التي كان لينك منضماً إليها، وهو شاب قبل أن يستقيم وينفصل.
الآن هو في مواجهة ماضيه فرئيس العصابة هو دوك توبين (لي ج. كوب) هو بمثابة الأب الروحي للينك آنذاك. أما أفرادها فاثنان منهما (جاك لورد وجون دَنر) من أقارب لينك أيضاً.
الأمر معقد منذ البداية بسبب أن على لينك أن يدّعي إنه عاد للانضمام إلى العصابة، وذلك ليحمي سام الضعيف وبيلي التي يرغب في ها دوك وابنه (لورد). وحبس الأنفاس يبدأ من عمق هذا الصراع بين العاطفة والغريزة الجنسية. بين لينك ومحاولته درء الخطر عن المرأة المُهانة وبين رجال دفنوا أخلاقياتهم منذ زمن بعيد ومكان أبعد.
«رجل الغرب» كان آخر وسترن للمخرج أنطوني مان وكل وسترن حققه أنطوني مان مختلف عن السائد ورائع التنفيذ (من بينها Naked Spur وBend of the River Winchester ‪’‬73). لكن واحداً من مميزات المخرج البحث في العلاقة العائلية وتناقضاتها. هذا سبق له وأن ساد علاقة جيمس ستيوارت بنصف شقيقه ستيفن مكنالي في «ونشستر 73» ويسود كل شيء هنا. الأب - الابن (حتى وإن لم يكن من سلالته) والنزاع على المرأة بينهما كما على كل شيء آخر. في الأساس اسم بطل الفيلم Link، اسم رمزي للعلاقة بين حاضر البطل وماضيه.
لا يمكن تقديم هذه الصورة على نحو صادق إلا بمعالجة صادقة لمفارقاتها بما في ذلك عنف مشاهد النزاع بين لينك وبعض أفراد العائلة، ثم النزاع بين لينك ونفسه عندما يجد أنه ما زال يستطيع القتل إذا أراد وهو الذي كان نأى بنفسه عن ذلك منذ مغادرته العصابة.
فيلم للتفكير وللمتعة الذهنية أكثر بكثير من مجرد فيلم صراع في الغرب المتوحش. وهو لقاء بين نموذجيين من سينمائيي الوسترن: المخرج مان (الذي عادة ما أسند بطولة أفلامه هذه إلى جيمس ستيوارت) والممثل كوبر الذي كنا عرضت له قبل أقل من سنة فيلماً آخر مميزاً له هو High Noon [للمخرج فرد زنمان، 1952].


مقالات ذات صلة

«الهنا اللي أنا فيه»... فيلم كوميدي يُراهن على صراع الزوجات

يوميات الشرق صناع الفيلم خلال العرض الخاص بالقاهرة (حساب ياسمين رئيس على «فيسبوك»)

«الهنا اللي أنا فيه»... فيلم كوميدي يُراهن على صراع الزوجات

بخلطة تجمع بين الكوميديا والمشكلات الزوجية يراهن فيلم «الهنا اللي أنا فيه» على شباك التذاكر في الصالات السينمائية مع طرحه اعتباراً من الأربعاء 18 ديسمبر.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق لعبت بطولة فيلم «ذنوب مخفية» للمخرج سيرج الهليّل (تمارا حاوي)

تمارا حاوي تشارك في «ذنوب مخفية» ضمن «مهرجان بيروت للأفلام القصيرة»

تجد تمارا الأفلام القصيرة ترجمة لصُنّاع السينما الجريئة. وتؤكد أن عرض فيلم «ذنوب مخفية» في بيروت، شكّل محطة مهمة، بعد تنقُّله في مهرجانات عالمية.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)

«وين صرنا؟»... التجربة الإخراجية الأولى للتونسية درة تلفت الأنظار

الممثلة التونسية درة وعلى يمينها حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي مع أبطال فيلم «وين صرنا؟» خلال عرضه الأول في المهرجان أمس (إكس)
الممثلة التونسية درة وعلى يمينها حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي مع أبطال فيلم «وين صرنا؟» خلال عرضه الأول في المهرجان أمس (إكس)
TT

«وين صرنا؟»... التجربة الإخراجية الأولى للتونسية درة تلفت الأنظار

الممثلة التونسية درة وعلى يمينها حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي مع أبطال فيلم «وين صرنا؟» خلال عرضه الأول في المهرجان أمس (إكس)
الممثلة التونسية درة وعلى يمينها حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي مع أبطال فيلم «وين صرنا؟» خلال عرضه الأول في المهرجان أمس (إكس)

لم تكن الحياة في غزة سهلة أو حتى طبيعية قبل حرب السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، لكن حتى هذه الأيام يحن لها الآن الناجون من القطاع ويتمنون استعادتها، ومنهم نادين وعائلتها أبطال الفيلم الوثائقي «وين صرنا؟» الذي يمثل التجربة الإخراجية والإنتاجية الأولى للممثلة التونسية درة زروق، والذي لفت الأنظار خلال العرض في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

يستعرض الفيلم على مدى 79 دقيقة رحلة نزوح نادين وطفلتيها التوأمتين وإخوتها وأمها من حي تل الهوى بمدينة غزة يوم 13 أكتوبر 2023 وصولاً إلى مصر بعد ثلاثة أشهر من بدء الحرب.

ويعتمد في مجمله على سرد أفراد العائلة في القاهرة لذكريات حياتهم في غزة قبل الحرب ومغادرتهم منزلهم قسراً بناء على أمر إخلاء من القوات الإسرائيلية، حاملين معهم أبسط المتعلقات الشخصية على أمل العودة قريباً وانتقالهم إلى مخيم النصيرات، ثم رفح.

وفي مقابل ارتياح مؤقت بالنجاة من قصف مكثف حصد آلاف الأرواح من بينهم جيرانها وأصدقاؤها، يعتصر الخوف قلب نادين بسبب زوجها عبود الذي لم يستطع الخروج مع العائلة وظل عالقاً في غزة.

ويظهر عبود في لقطات من غزة معظمها ملتقط بكاميرا الهاتف الجوال وهو يحاول تدبير حياته بعيداً عن الأسرة، محاولاً إيجاد سبيل للحاق بهم في القاهرة حتى يكلل مسعاه بالنجاح.

وفي رحلة العودة يمر عبود بشواطئ غزة التي اكتظت بالخيام بعدما كانت متنفساً له ولأسرته، والأحياء والشوارع التي دُمرت تماماً بعدما كان يتسوق فيها ويعمل ويعيل عائلته رغم الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات، ويتساءل قائلاً: «يا الله... وين كنا ووين صرنا؟!».

وقالت الممثلة درة زروق مخرجة الفيلم قبل عرضه العالمي الأول، أمس (الجمعة)، في دار الأوبرا المصرية ضمن الدورة الخامسة والأربعين للمهرجان: «أبطال الفيلم ناس حقيقية من فلسطين... كلنا عملنا الفيلم بحب وإيمان شديد بالقضية الإنسانية اللي بنتكلم عنها».

وأضافت حسبما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء: «حبيت أقرب منهم من الجانب الإنساني، المشاعر؛ لأنهم عمرهم ما هيبقوا أرقام، هما ناس تستحق كل تقدير، وشعب عظيم».

وينافس الفيلم ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية» في المهرجان الذي يختتم عروضه يوم 22 نوفمبر (تشرين الثاني).