الجزائر: جاب الله يتهم الجيش بالانقلاب على إرادة الشعب

القيادي الإسلامي لـ «الشرق الأوسط»: الدستور الحالي يحقق لبوتفليقة الانفراد بالحكم

عبد الله جاب الله
عبد الله جاب الله
TT

الجزائر: جاب الله يتهم الجيش بالانقلاب على إرادة الشعب

عبد الله جاب الله
عبد الله جاب الله

حمل عبد الله جاب الله، القيادي الإسلامي الجزائري، الجيش مسؤولية «الانقلاب على إرادة الشعب منذ الاستقلال»، وشكك في صدقية مسعى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى إحداث «دستور توافقي»، يجري الحديث عنه حاليا، لكن لا أحد يعرف متى سيتم ذلك بالضبط.
وفي هذا الصدد قال جاب الله لـ«الشرق الأوسط»، إن الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعيشها الجزائر «سببها النخبة المتنفذة ذات الفكر الواحد، والتي تتحكم في مصير البلاد، وأبرز عناصر هذه النخبة يوجدون في المؤسسة العسكرية»، موضحا أن بوتفليقة «ليس رئيسا شرعيا لأنه جاء عن طريق انتخابات مزورة»، في إشارة إلى انتخابات الرئاسة التي جرت في ربيع العام الماضي، والتي انتهت نتائجها بحصول بوتفليقة على ولاية رابعة من دون أن يشارك في الحملة الانتخابية لأنه مقعد ويعاني من تبعات الإصابة بجلطة دماغية.
وأعاب جاب الله على المسؤولين في الدولة رفضهم الحديث عن وجود أزمة سياسية في البلاد، بحجة أن الجزائريين انتخبوا رئيسهم بكل شفافية وديمقراطية، وبهذا الخصوص قال رئيس حزب جبهة التنمية والعدالة «إن جوهر الأزمة سياسي أحب النظام أم كره، وعندما يزعمون العكس فهذا قول إما جاهلين أو قول مسؤولين أصبحوا يرون الأوضاع عادية من شدة فسادهم».
وأفاد جاب الله أنه من بين أكثر رجال السياسة الذين «تعرضوا للحصار والحرمان من الحقوق السياسية، وأنا أكثر من تعرض لحملات التكسير والتشويه، غير أنهم لم ينجحوا في محاولاتهم».
وكان جاب الله قد قاد «حركة النهضة الإسلامية» مطلع تسعينات القرن الماضي، وخرج منها مكرها في انقلاب قياديين عليه. كما أسس «حركة الإصلاح الوطني» في 1999 وغادرها مجبرا أيضا بعد 5 سنوات، وفي ظروف مشابهة. وفي كلتا الحالتين اتهم النظام بـ«تدبير الانقلاب ضدي».
وخاض جاب الله انتخابات الرئاسة مرتين، واحدة في 1999 والثانية في 2004. وفي كلتا التجربتين يؤكد أن النظام حرمه من الفوز، إذ قال «لقد صوت علينا الشعب لكن النظام مارس التزوير على نطاق واسع، لأنه يريد ديمقراطية مظهرية وليست حقيقية». وقد انسحب 7 مرشحين، من بينهم جاب الله، عشية فتح مكاتب الانتخاب في 1999، تاركين عبد العزيز بوتفليقة وحده في السباق، واتهموا الجيش آنذاك بدعم بوتفليقة، ومع ذلك أعطى قطاع من الناخبين أصواتهم لبعض المنسحبين.
وطالب جاب الله السلطة بفتح حوار مع «تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي»، التي ينتمي إليها، والتي تضم أهم أحزاب المعارضة، مشيرا إلى أن «التغيير سيأتي عن طريق الشارع وبعنف، إذا أصرت السلطة على صم آذانها أمام دعوات المعارضة للتغيير الهادئ. فقد حذرناها من مخاطر انخفاض أسعار النفط، وقلنا إننا نعيش عالة على الريع منذ الاستقلال (عام 1962)، وطالبناها بوقف تبذير المال العام، والقضاء على الفساد الذي نخر الدولة، ولكنها لم تصغ لتحذيراتنا، وها هي اليوم تتخذ إجراءات استعجالية، خوفا من مستقبل مجهول بسبب انهيار أسعار النفط».
وقال جاب الله إن «التنسيقية» لن تتنازل عن مطلبها إنشاء هيئة مستقلة عن السلطات، تشرف على تنظيم الانتخابات من بدايتها حتى نهايتها، مضيفا أن وزارة الداخلية، التي يعود لها تنظيم كل العمليات الانتخابية، «مارست التزوير لمصلحة مرشحي الجيش في كل الانتخابات السابقة.. لكن تزوير الانتخابات باستمرار يثني المواطنين عن التصويت، وهذا ما حدث في الاقتراع الرئاسي الماضي».
وبخصوص تعهد رئيس الجمهورية بتعديل الدستور خلال العام الجديد، قال جاب الله: «لا ثقة لنا في رجال السلطة بخصوص تعديل الدستور، فقد أخذوا رأينا حول الدستور في عدة مناسبات، وفي النهاية يقررون التعديلات التي تخدمهم وتضمن لهم الاستمرار في الحكم، والرئيس يعلم أن الدستور الحالي هو أفضل الدساتير بالنسبة إليه، لأنه يضمن له مواصلة الانفراد بالسلطة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.