غداة سحب البرلمان مشروع استجوابه الرئيس الإيراني لعدم اكتمال النصاب، جدد الرئيس حسن روحاني تحذيره بأن «الخلافات والانقسامات لن تؤدي إلى نتيجة»، ودافع عن الانسحاب «المدروس» من تعهدات الاتفاق النووي، قبل أن يمد يده إلى البرلمان والقضاء لتخطي المشكلات الحالية في بلاده.
وواصل روحاني تبريد التوتر الذي نشب مؤخراً مع منافسيه المحافظين، وخاطب مواطنيه ووسائل الإعلام بطلب تجاهل قضايا وصفها بـ«الهامشية». وقال في الدفاع عن أداء حكومته: «ليس لدينا أكثر من يدين؛ بيد واحدة نحارب العقوبات، وبالأخرى نحارب (كورونا)، لهذا يجب ألا نهتم بالفوضى والقضايا الهامشية. يعرف الناس الوضع جيداً».
وحذر روحاني، للمرة الثانية خلال هذا الأسبوع، من كثرة الخلافات، وقال: «لن نصل إلى أي شيء في ظل الخلافات. يجب أن نمضي قدماً بالوحدة والتضامن والوئام والتآزر. لا يمكن للحكومة أن تعمل من دون البرلمان والقضاء والقوات المسلحة والإذاعة والتلفزيون والقطاع الخاص والناس». وأضاف: «نحتاج إلى قيادة المرشد ودعم الناس والوحدة».
وأعلن البرلمان الإيراني، أول من أمس، بصورة مفاجئة توقف مشروع لاستجواب روحاني في البرلمان، رغم سيطرة المحافظين على البرلمان، وانتقادات حادة وردت على لسان رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف لـ«سوء الإدارة» و«عدم الاعتقاد بالشعب» في حل المشكلات.
وهذه المرة الثانية التي تحرك فيها النواب لاستجواب روحاني بعد تفشي جائحة «كورونا». في يوليو (تموز) الماضي، تعطل مشروع لاستجواب الرئيس الإيراني بسبب الاتفاق النووي، بعد خطاب لـ«المرشد» علي خامنئي دعا فيه النواب إلى «ترتيب الأولويات، وتجنب القضايا الهامشية». ودعا حينذاك إلى «الوحدة وتماسك الصفوف… أمام الأعداء».
وكان لافتاً أن روحاني حرص على تكرار مفردات استخدمها خامنئي في الخطاب الذي عطل مشروع استجوابه حينذاك، وهو أسلوب أظهر خلال السنوات الماضية إتقانه في قطع الطريق على منافسيه في المؤسسة الحاكمة.
وقال روحاني: «يجب علينا أن نوفر الريال والعملة والسلع والخدمات ونقول إن الحكومة في الساحة، ويجب أن تدعمنا القوى الأخرى ويزداد التعاون».
وبعد انتهاء خطاب روحاني، نشر موقع «دولت بهار» التابع لمكتب الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد، تسجيل فيديو من لجوء روحاني لجائحة «كورونا»، لافتاً إلى ثاني احتجاجات معيشية شهدتها البلاد خلال الولاية الثانية لروحاني على أثر تدهور الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار، والتي سبقت تفشي الجائحة بشهرين ونصف.
في جزء آخر من خطابه، حاول روحاني تعديل خطابه الأسبوع الماضي حول رفع حظر الأسلحة، ليكون متسقاً مع حملة تشنها الحكومة ووزارة الخارجية، منذ الأحد.
وأعلنت القوات المسلحة الإيرانية، أمس، أن وحدات الدفاع الجوي التابعة للجيش و«الحرس الثوري»، بدأت تدريباً عسكرياً، أمس، على مشروع للدفاع عن أحد المراكز الحساسة في البلاد، دون تحديده. وأفاد التلفزيون الإيراني بأن مقاتلات «من قاعدة بابائي الجوية في أصفهان (وسط)» شاركت في المناورات.
ومن المراكز الحساسة الواقعة قرب منطقة عمليات «قاعدة بابائي»، منشأة «نطنز» التي تعرضت لانفجار في نهاية يوليو الماضي.
ونقلت وكالة «مهر» عن متحدث باسم القوات المسلحة أن المشاركين في المناورات تدربوا على محاكات الدفاع في «معركة حقيقية»، محذراً بأن قواته على استعداد «لمباغتة الأعداء».
وشاركت الوحدة الجوية لقوات الجيش في محاكاة ضربة جوية على المنطقة التي شهدت المناورات، للتدريب على رصد الطائرات. وجرى خلال المناورات استخدام أنظمة دفاع صاروخي ورادارات وطلعات لطائرات مقاتلة وأخرى من دون طيار، واستخدام منظومات للقيادة والسيطرة.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن التلفزيون الإيراني أنه جرى اختبار أنظمة محلية الصنع من طرازي «3 خرداد» و«15 خرداد»، خلال المناورات التي تحمل اسم «المدافعون عن سماء الولاية 99» وتمتد على «أكثر من نصف مساحة البلاد»، بحسب وسائل الإعلام الإيرانية. وقال قائد المناورات، العميد قادر رحيم زاده، في تصريحات بثتها قنوات التلفزة: «بفضل التشكيل والمناورات المختصة التي أجريت سابقاً، حققت قواتنا كل الأهداف المحددة».
وقال روحاني إن «انتهاء رفع حظر الأسلحة، الأحد الماضي، لا يعني أننا بمقدورنا بيع وشراء الأسلحة فحسب؛ بل الأهم من ذلك، أن المنطق والحق والحقيقة والقانون والعقلانية انتصروا على الغطرسة والتجبر».
والأسبوع الماضي، كان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد تفاخر بإعلان «بشارة سارة» للإيرانيين برفع الحظر عن صفقات الأسلحة مع أي بلد تشاء إيران، بعد أربع سنوات من «الحرب» حول الخطوة مع الولايات المتحدة؛ الأمر الذي انتقده الإيرانيون بشدة على شبكات التواصل الاجتماعي بينما يواجهون مشكلات معيشية متفاقمة.
وكرر روحاني، أمس، اتهامات سابقة لإدارة ترمب بأنها وضعت نسف الاتفاق النووي نصب عينيها منذ تولي دونالد ترمب منصب الرئاسة. لكنه استغل تعليقه للربط بين ضغوط مارستها الوكالة الدولية للقيام بعمليات تفتيش في إيران والضغوط الأميركية والإسرائيلية.
وقال روحاني في هذا السياق: «في فترات مختلفة؛ أراد الأميركيون والإسرائيليون التآمر في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس حكام الوكالة، لإجبارها على إصدار قرار ضدنا، لكنهم لم يتمكنوا، واضطر ترمب في نهاية المطاف إلى الانسحاب من الاتفاق النووي». وتابع أن «الولايات المتحدة علقت آمالاً على الابتعاد من الاتفاق لإعادة قرارات مجلس الأمن ضدنا». وقال: «تدبير النظام والمؤسسة الحاكمة كان مهماً، واتبعنا سياسة معقدة. نحن قلصنا تعهدات الاتفاق النووي، لكن بطريقة محسوبة، وخطوة وراء خطوة، بطريقة لم يكن فيها أي مأخذ من الأعداء والأصدقاء ضدنا، ولم يتمكن أحد من القول إننا قمنا بما يعارض القوانين الدولية».
وأعلنت الولايات المتحدة، الشهر الماضي، إعادة العمل بستة قرارات أممية تشمل عقوبات على إيران، وحذرت جميع الدول والشركات العالمية من أي تعاون مع إيران، وانتهاك العقوبات؛ باستثناء إعفاءات للأدوية والغذاء.
وجاءت الخطوة الأميركية بعد شهر من إعلان واشنطن تفعيل آلية «سناب باك»، عقب شكوى قدمتها لمجلس الأمن تتهم إيران بانتهاك تعهدات الاتفاق النووي. لكن غالبية أعضاء المجلس، وأطراف الاتفاق النووي، لم تتجاوب معها.
وكان مجلس حكام الوكالة الدولية قد أبلغ الأعضاء بتخطي مخزون إيران من اليورانيوم المخصب عشرة أضعاف التزامات الاتفاق النووي. وأصدر الثلاثي الأوروبي (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) بياناً طالبوا فيه إيران بالعودة إلى التزاماتها النووية.
من جانبه؛ قال المتحدث باسم الخارجية، سعيد خطيب زاده، لوكالة «سبوتنيك» الروسية إن بلاده «ستوفر السلاح وفق حاجاتها الدفاعية، ومن أي مصدر تشاء».
وأعرب المتحدث عن انفتاح بلاده على متابعة التعاون العسكري مع روسيا، مشيراً إلى أن «الآلية المحددة للتعاون بين البلدين في هذا المجال هي (اللجنة المشتركة للتعاون العسكري)، التي جرى في إطارها تطوير برامج للتعاون والتنسيق بين السلطات العسكرية في البلدين، حيث إن بعضها ثنائي الجانب، وبعضها يهتم بالقضايا الإقليمية والدولية. وهناك مفاوضات جارية في الإطار نفسه أيضاً». ولفت إلى مفاوضات جارية «في إطار التعاون العسكري الثنائي وفيما يخص القضايا الإقليمية والدولية».
روحاني يدافع عن «الانسحاب المدروس» من تعهدات الاتفاق النووي
روحاني يدافع عن «الانسحاب المدروس» من تعهدات الاتفاق النووي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة