عقوبات أميركية على كوريا الشمالية بسبب حادثة «سوني»

شملت عشرة مسؤولين وأكبر وكالة للاستخبارات

عقوبات أميركية على كوريا الشمالية بسبب حادثة «سوني»
TT

عقوبات أميركية على كوريا الشمالية بسبب حادثة «سوني»

عقوبات أميركية على كوريا الشمالية بسبب حادثة «سوني»

عززت الولايات المتحدة أمس (الجمعة) العقوبات التي تفرضها كوريا الشمالية في "شق اول" من ردها على الهجوم المعلوماتي الواسع الذي استهدف استوديوهات "سوني بيكتشرز".
وقالت وزارة الخزانة في بيان ان العقوبات الجديدة هي رد على "الاعمال الاستفزازية العديدة (لكوريا الشمالية) وخصوصا الهجوم الالكتروني الاخير ضد سوني بيكتشرز والتهديدات التي استهدفت دور العرض والمشاهدين".
وقال البيت الابيض في بيان محذرا "انه الشق الاول من ردنا".
وألغت "سوني بيكتشرز" اولا عرض فيلم المقابلة (ذي إنترفيو)، الذي يتحدث عن مخطط خيالي لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه) لاغتيال الزعيم الكوري الشمالي. وقد لوح القراصنة الغامضون بشن هجمات على دور السينما.
لكن في مواجهة الانتقادات الحادة من السلطات الاميركية، وزع هذا الفيلم الكوميدي عبر خدمات الفيديو الالكترونية وعرض في عدد محدود من الصالات في الولايات المتحدة.
وكان الرئيس الاميركي باراك اوباما اتهم بيونغ يانغ بالوقوف وراء الهجوم الالكتروني، ووعد في منتصف ديسمبر (كانون الاول) برد "مناسب"، وهذا ما فعله.
وقالت وزارة الخزانة في بيان مفصل ان المرسوم الرئاسي الاميركي يستهدف عشرة مسؤولين في النظام واكبر وكالة للاستخبارات في كوريا الشمالية وشركتين مرتبطتين بالقطاع العسكري.
والهدف الرئيس لهذه العقوبات هو اهم هيئة كورية شمالية لانتاج الاسلحة ومنع عقد اي صفقات معها.
وقال البيت الابيض في بيان "نأخذ على محمل الجد هجمات كوريا الشمالية التي تهدف الى ان يكون لها تأثير مالي مدمر على شركة اميركية وتهديد فنانين (...) بهدف الحد من حقهم في حرية التعبير".
إلا ان مسؤولا كبيرا في الادارة الاميركية اعترف ان الافراد والمنظمات التي استهدفتها العقوبات ليست متهمة "بالتورط بشكل مباشر" في الهجوم على سوني بيكتشرز.
وقال هذا المسؤول الكبير، طالبا عدم كشف هويته، ان "هذه العقوبات فرضت لزيادة الضغط على القادة الكوريين الشماليين".
وعلى كل حال تشكل هذه العقوبات اول رد رسمي اميركي منذ مهاجمة قراصنة يطلقون على انفسهم اسم "حراس السلام" شركة سوني.
وشهدت كوريا الشمالية انقطاعا في شبكة الانترنت عدة مرات بعد ذلك، لكن واشنطن رفضت الاعتراف بمسؤوليتها عنها او نفي ذلك.
وتأتي هذه العقوبات الجديدة بينما يشكك خبراء اكثر فاكثر في تورط كوريا الشمالية في الهجمات الذي تقول واشنطن انه مؤكد.
ونفت بيونغ يانغ ان تكون لها "اي علاقة" بهذه الهجمات التي ادت الى سرقة البيانات الشخصية لـ47 الف موظف في سوني.
الا ان ادارة اوباما ردت على هذه الشكوك الجمعة. وقال مسؤول اميركي كبير الجمعة "نؤكد من جديد بحزم ان جمهورية كوريا الديمقراطية تقف وراء الهجوم".
واكد مسؤول آخر انه ليس من عادة الولايات المتحدة كشف اسم مسؤول عن هجوم الكتروني علنا، لكنها اضطرت للقيام بذلك مع كوريا الشمالية نظرا "للطبيعة القلقة جدا" لعملية قرصنة سوني.
وقد لا تتوقف الادارة الاميركية عند هذا الحد، إذ انه ما زال لديها امكانية ادراج كوريا الشمالية على لائحة الدول المتهمة بدعم الارهاب التي شطبتها منها في 2008 على امل بدء حوار مع بيونغ يانغ.
وقال وزير الخزانة الاميركي جاكوب ليو في بيان "سنستخدم مجموعة واسعة من الخطوات للدفاع عن الشركات والمواطنين الاميركيين وللدفاع عن انفسنا في مواجهة محاولات تقويض قيمنا".
وتخضع كوريا الشمالية لمجموعة واسعة من العقوبات الدولية المرتبطة ببرنامجها النووي المثير للجدل.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.