صندوق النقد: آثار الجائحة على اقتصادات المنطقة غير مسبوقة

أشار إلى «ضوء في نهاية النفق»

رغم التوقعات السيئة التي تحدث عنها جهاد أزعور فإنه لا يزال يرى أن هناك أملاً بتحسن أداء اقتصادات الشرق الأوسط شرط تعجيل الإصلاحات (أ.ب)
رغم التوقعات السيئة التي تحدث عنها جهاد أزعور فإنه لا يزال يرى أن هناك أملاً بتحسن أداء اقتصادات الشرق الأوسط شرط تعجيل الإصلاحات (أ.ب)
TT

صندوق النقد: آثار الجائحة على اقتصادات المنطقة غير مسبوقة

رغم التوقعات السيئة التي تحدث عنها جهاد أزعور فإنه لا يزال يرى أن هناك أملاً بتحسن أداء اقتصادات الشرق الأوسط شرط تعجيل الإصلاحات (أ.ب)
رغم التوقعات السيئة التي تحدث عنها جهاد أزعور فإنه لا يزال يرى أن هناك أملاً بتحسن أداء اقتصادات الشرق الأوسط شرط تعجيل الإصلاحات (أ.ب)

في أحدث تقاريره الاقتصادية عن منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، الصادر ظهيرة الاثنين، لا يزال صندوق النقد الدولي شديد التحفظ في رؤيته للتعافي بالمنطقة، في سياق لا يحيد عن نظرته العامة وتوقعاته للاقتصاد العالمي.
وقال الصندوق إن عودة دول المنطقة إلى مستويات النمو الاقتصادي التي كانت تشهدها قبل أزمة فيروس كورونا قد تستغرق 10 سنوات، إذ تضغط نقاط ضعف قائمة بالمنطقة منذ مدة طويلة على تعافيها... لكن خبراء الصندوق رغم كل تلك التحديات الفائقة أكدوا أنهم يرون «ضوءاً في آخر النفق».
وقال صندوق النقد: «تمثل أزمة (كوفيد 19) أسرع صدمة اقتصادية تأثيراً في التاريخ الحديث». وأضاف أن «الجرح» الاقتصادي، الذي يشمل خسائر طويلة الأجل للنمو والدخل والتوظيف، سيكون على الأرجح أكثر عمقاً وأطول أجلاً من ذلك الذي تبع الأزمة المالية العالمية عامي 2008 و2009. وقال: «هذه المرة، ونظراً لمواطن الضعف الموجودة مسبقاً، تشير التقديرات إلى أنه بعد 5 سنوات من الآن، قد يقل مستوى الناتج المحلي الإجمالي بدول المنطقة 12 في المائة عما انطوت عليه اتجاهات ما قبل الأزمة، وقد تستغرق العودة إلى مستوى الاتجاه ذلك أكثر من عقد».
ويتوقع صندوق النقد الدولي، الذي مقره واشنطن، انكماش اقتصادات المنطقة 4.1 في المائة هذا العام، وهو انكماش أكبر 1.3 نقطة مئوية عن توقعه في أبريل (نيسان).
وقال جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي لـ«رويترز»: «لإدارة الأزمة وأولوية إنقاذ الأرواح تأثير على النشاط الاقتصادي الذي فاقمته صدمة أسعار النفط، لكن يمكنني القول، بالحديث من الناحية النسبية... إن المحصلة في 2020 مقبولة»... لكنه أضاف أن «الأزمة فاقمت مواطن الضعف». وستعاني المنطقة من أسوأ أداء اقتصادي لها، متجاوزة الانكماش القياسي البالغ 4.7 في المائة في عام 1978 عندما كانت شاهدة على اضطرابات كبرى.
وفي مقدمة للتقرير، يقول اثنان من أبرز معديه، وهما جهاد أعزور، وجويس وونغ: «تواجه دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى مع جائحة (كوفيد 19) حالة طوارئ صحية عامة لم نشهد مثلها في حياتنا، إلى جانب تباطؤ اقتصادي غير مسبوق. ويؤدي الوباء إلى تفاقم التحديات الاقتصادية والاجتماعية القائمة، ويدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف من خطر الضرر طويل الأجل للدخل والنمو. وبينما استجابت المنطقة بحزم وسرعة لإنقاذ الأرواح وتدخلت بسياسات غير مسبوقة لتخفيف الأثر الاقتصادي السلبي لسياسات الاحتواء، فإن التحديات كثيرة، حسبما توصلنا إليه في تقريرنا الجديد عن آفاق الاقتصاد الإقليمي».
ويضع محللو الصندوق الانخفاضات الشديدة في الطلب على النفط وأسعاره، في صدارة الأسباب التي تكمن وراء توقعاتهم للنمو بنسبة سالب 6.6 في المائة في عام 2020 لمصدري النفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان. إضافة إلى الضرر الذي لحق بالتجارة والسياحة، والذي يعوض في الغالب الفوائد من انخفاض أسعار النفط لمستوردي النفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان، ما يؤدي إلى تراجع النمو بنسبة متوقعة تبلغ سالب 1 في المائة لهذه البلدان. كما تأثرت منطقة القوقاز وآسيا الوسطى مع انكماش متوقع بنسبة 2.1 في المائة في عام 2020. مدفوعاً بتباطؤ كبير بين مستوردي النفط في المنطقة.
ويشير أزعور وونغ إلى أنه «في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات الجيوسياسية، تواجه دول المنطقة انخفاضاً في الإيرادات المالية، وزيادة الديون، وارتفاع معدلات البطالة، وتزايد الفقر وعدم المساواة. وبالتطلع إلى عام 2021. بينما ينبغي استئناف النمو في معظم البلدان، ستظل التوقعات صعبة».
ويرجح خبراء الصندوق أن يظل ضعف الطلب على النفط والمخزونات الكبيرة مصدراً للضغط على الأسواق، «وبينما ساعدت اتفاقيات (أوبك +) على استقرار أسعار النفط، فمن المتوقع أن تظل أقل بنسبة 25 في المائة من متوسطها لعام 2019». ومن جهة أخرى، يبقى خطر الندوب الاقتصادية، أو الخسائر طويلة الأجل للنمو والعمالة والدخل، مصدر قلق رئيسياً.
ويوضح الخبراء أنهم يقدرون احتمالية أن تظل البلدان المعنية عند نسبة 12 في المائة من مستوى الناتج المحلي الإجمالي المتوقع في اتجاهات ما قبل الأزمة؛ بعد 5 سنوات من الآن. وأنه «بالنسبة للبلدان التي تعتمد بشدة على قطاع السياحة المنهك، يمكن أن ينخفض كل من الناتج المحلي الإجمالي الأساسي والتوظيف بمقدار 5 نقاط مئوية هذا العام، مع استمرار الآثار على مدى ما بين عامين إلى 5 سنوات مقبلة، في حين قد يرتفع الفقر بأكثر من 3 في المائة 2020 إذا لم تنتعش التحويلات».



الناتج المحلي الأميركي ينمو 2.8 % في الربع الثالث

مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)
مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)
TT

الناتج المحلي الأميركي ينمو 2.8 % في الربع الثالث

مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)
مبنى الكابيتول في واشنطن (رويترز)

نما الاقتصاد الأميركي بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام، وهو نفس التقدير الأولي الذي أعلنته الحكومة يوم الأربعاء، مدفوعاً بزيادة إنفاق المستهلكين وارتفاع الصادرات.

وأفادت وزارة التجارة بأن نمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي - الذي يعكس قيمة السلع والخدمات المنتجة في البلاد - قد تباطأ مقارنةً بالربع الثاني الذي سجل نمواً بنسبة 3 في المائة. ومع ذلك، أظهر التقرير أن الاقتصاد الأميركي، الذي يعد الأكبر في العالم، ما يزال يثبت قدرته على الصمود بشكل أكبر مما كان متوقعاً. فقد تجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي نسبة 2 في المائة في ثمانية من آخر تسعة أرباع، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

ورغم هذه النتائج الإيجابية، كان الناخبون الأميركيون، الذين يشعرون بالاستياء بسبب ارتفاع الأسعار، غير راضين عن النمو الثابت، فاختاروا في هذا الشهر إعادة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض بهدف تعديل السياسات الاقتصادية للبلاد. كما سيحظى ترمب بدعم أغلبية جمهورية في مجلسي النواب والشيوخ.

وفي ما يتعلق بإنفاق المستهلكين، الذي يمثل نحو 70 في المائة من النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة، فقد تسارع إلى 3.5 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث، مقارنة بـ 2.8 في المائة في الربع الثاني، وهو أسرع نمو منذ الربع الأول من عام 2023. كما ساهمت الصادرات بشكل كبير في نمو الاقتصاد، حيث ارتفعت بنسبة 7.5 في المائة، وهو أعلى معدل خلال عامين. ومع ذلك، كان نمو إنفاق المستهلكين والصادرات في الربع الثالث أقل من التقديرات الأولية لوزارة التجارة.

وعلى الرغم من التحسن في الإنفاق، فقد شهد نمو استثمار الأعمال تباطؤاً ملحوظاً، بسبب انخفاض الاستثمار في قطاع الإسكان والمباني غير السكنية مثل المكاتب والمستودعات. في المقابل، شهد الإنفاق على المعدات قفزة ملحوظة.

وعند توليه منصب الرئاسة في الشهر المقبل، سيرث الرئيس المنتخب ترمب اقتصاداً يتمتع بمؤشرات إيجابية عامة. فالنمو الاقتصادي مستمر، ومعدل البطالة منخفض عند 4.1 في المائة. كما تراجع التضخم، الذي بلغ أعلى مستوى له في 40 عاماً بنسبة 9.1 في المائة في يونيو (حزيران) 2022، إلى 2.6 في المائة. وعلى الرغم من أن هذا الرقم لا يزال يتجاوز الهدف الذي حدده من قبل «الاحتياطي الفيدرالي» والبالغ 2 في المائة، فإن البنك المركزي يشعر بالرضا عن التقدم الذي تم إحرازه في مكافحة التضخم، الأمر الذي دفعه إلى خفض سعر الفائدة الأساسي في سبتمبر (أيلول) ثم مرة أخرى هذا الشهر. ويتوقع العديد من متداولي «وول ستريت» أن يقوم «الاحتياطي الفيدرالي» بتخفيض آخر لأسعار الفائدة في ديسمبر (كانون الأول).

إلا أن الجمهور لا يزال يشعر بوطأة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 20 في المائة عن مستواها في فبراير (شباط) 2021، قبل أن يبدأ التضخم في الارتفاع.

من جهة أخرى، وعد ترمب بإجراء تغييرات اقتصادية كبيرة. ففي يوم الاثنين، تعهد بفرض ضرائب جديدة على واردات السلع من الصين والمكسيك وكندا. ويرى الاقتصاديون الرئيسيون أن هذه الضرائب أو التعريفات الجمركية قد تزيد من التضخم، حيث يقوم المستوردون الأميركيون بتحمل تكاليف هذه الضرائب ثم يسعون إلى نقلها إلى المستهلكين في صورة أسعار أعلى.

وكان تقرير الأربعاء هو الثاني من ثلاث مراجعات للناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث. ومن المقرر أن يصدر التقرير النهائي من وزارة التجارة في 19 ديسمبر.