مؤتمر دولي في القاهرة يناقش تداعيات تعثر مفاوضات السد الإثيوبي

حملة توعية مصرية للحفاظ على المياه بعنوان «فيها حياتنا»

TT

مؤتمر دولي في القاهرة يناقش تداعيات تعثر مفاوضات السد الإثيوبي

واصل «أسبوع القاهرة للمياه»، فعالياته لـ«اليوم الثاني» أمس، تحت شعار «الأمن المائي من أجل السلام والتنمية في المناطق القاحلة»، بمشاركة واسعة لمسؤولين وخبراء معنيين، حيث يبحث تداعيات تعثر مفاوضات «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا والسودان، ضمن مناقشات معمقة تتعلق بجهود كل الدول في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، من أجل تلبية احتياجات شعوب تلك الدول، وتحقيق التوازن بين الاحتياجات المتنافسة والموارد المحدودة.
وتعاني مصر من شح في موارد المياه العذبة، ووفق تصريحات رسمية، فإنها دخلت مرحلة الفقر المائي، التي يقل فيها نصيب الفرد عن ألف متر مكعب سنوياً، فضلاً عن أزمة منتظرة بسبب «سد النهضة»، الذي تبنيه إثيوبيا على أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل، ويتوقع أن يؤثر على حصتها من المياه.
وأطلق «مجمع البحوث الإسلامية» حملة توعوية موسعة، أمس، في جميع المحافظات؛ لترشيد استهلاك المياه والحفاظ عليها وتوعية الناس بأهميتها، تحت عنوان «فيها حياتنا»، بالتزامن مع انطلاق أسبوع القاهرة للمياه.
وقال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور نظير عياد، إن الحملة تأتي في إطار المشاركة المجتمعية لمجمع البحوث الإسلامية لوعاظ وواعظات الأزهر؛ لمناقشة المشكلات والقضايا المجتمعية المختلفة التي تمس حياة الناس.
وتركز الحملة على الكثير من المحاور المهمة، وفقاً لبيان الأمين العام للمجمع، منها أهمية المياه في حياة الناس، وكيف حثّت التعاليم الإسلامية على ترشيد المياه والحفاظ عليها، كما تركز على دور المياه في التنمية الشاملة التي يشهدها الوطن حالياً، خاصة في ظل المتغيرات التي يمر بها العالم.
ويعقد «أسبوع القاهرة للمياه»، هذا العام خلال الفترة من 18 - 22 أكتوبر (تشرين الأول)؛ بهدف تعزيز الوعي المائي وتشجيع الابتكارات لمواجهة تحديات المياه والتعرف على التحركات العالمية والجهود المبذولة لمواجهة تلك التحديات، بالإضافة إلى تحديد الأدوات الحديثة والتقنيات المستخدمة لإدارة الموارد المائية.
وخلال جلسات المؤتمر، عرض مركز «تميز المياه» بالجامعة الأميركية بالقاهرة، الأنشطة الحالية والمشروعات المستقبلية التي يضطلع بها المركز في مجال خدمة الشأن المائي بمصر. كما نظم فريق إدارة الموارد المائية بجامعة فاخنن الهولندية جلسة فنية تحت عنوان «الجمع بين الأهداف السياسية والبيانات لتحسين إنتاجية المياه»، أكدت أن الحكومات أولت اهتماماً بمفهوم إنتاجية المياه لدعم الاستخدام الفعال لهذا المورد المهم بما يتماشى مع أولوياتها المتعلقة بالبيئة والعدالة والاقتصاد في ضوء تزايد ندرة المياه.
وأكد المحاضرون، أن أنشطة تنمية المياه الحالية لكي تؤتي ثمارها، فإن ذلك يتطلب نهجاً جديداً يشمل، الاستشعار عن بعد، وبيانات المحاصيل والمياه.
وخلال جلسات المؤتمر، أكد الحضور ضرورة تضافر جهود الدول المعنية كافة في المناطق التي تعانى من ندرة المياه، من أجل تلبية احتياجات شعوب تلك الدول، والمضي قدماً في تحقيق التوازن بين الاحتياجات المتنافسة والموارد المحدودة، والعمل معاً لمواجهة التحديات المتعلقة بإدارة ندرة الموارد المائية على المستويين المحلي والوطني، وخلق تكامل على مستوى السياسات المائية والاعتبارات العابرة للحدود على مستوى الأحواض.
وتناولت الجلسة الافتتاحية عدداً من المحاور الحيوية التي تخص الشأن المائي على المستوى الدولي، شملت تعاون الدول المتشاطئة في تطبيق القوانين والسياسات الخاصة بالأمن المائي، والدبلوماسية المائية وسياسة المياه في إدارة المياه العابرة للحدود، ومناهج مشتركة بين القطاعات لتحقيق الأمن المائي، وكذلك إصلاح الحوكمة والمؤسسات لضمان الأمن المائي.
وكانت مصر استهلت افتتاح المؤتمر، أول من أمس، بتحذير إثيوبيا من الاستمرار في اتخاذ «إجراءات أحادية» حيال السد، قبيل التوصل لاتفاق ملزم بشأن تشغيله وملئه. وشدد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، على «ضرورة التوصل لاتفاق قانوني مُلزِم... بما يحفظ الحقوق والمصالح المشتركة، مع عدم اتخاذ أي قرارات أُحَادية من شأنها التأثير سلباً على الاستقرار بالمنطقة»، معرباً عن حرص بلاده على «استمرار عملية التفاوض مع كل من السودان وإثيوبيا للوصول إلى ذلك الاتفاق».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».