الجيش التونسي يستهدف معاقل المجموعات الإرهابية بعد محاصرتها بالثلوج

موجة البرد القارس ساعدت قوات الأمن في الكشف عن مخابئهم

رجال أمن على الحدود التونسية - الليبية في رأس جدير لمنع تسرب الجماعات الإرهابية المتطرفة إلى أراضيها (رويترز)
رجال أمن على الحدود التونسية - الليبية في رأس جدير لمنع تسرب الجماعات الإرهابية المتطرفة إلى أراضيها (رويترز)
TT

الجيش التونسي يستهدف معاقل المجموعات الإرهابية بعد محاصرتها بالثلوج

رجال أمن على الحدود التونسية - الليبية في رأس جدير لمنع تسرب الجماعات الإرهابية المتطرفة إلى أراضيها (رويترز)
رجال أمن على الحدود التونسية - الليبية في رأس جدير لمنع تسرب الجماعات الإرهابية المتطرفة إلى أراضيها (رويترز)

لليوم الثاني على التوالي استهدفت قوات الجيش التونسي مرتفعات جبل السلوم المحاذي لجبل الشعانبي (وسط غربي تونس) بالمدفعية الثقيلة، التي سمع صداها في مدينة القصرين.
واستغلت قوات الجيش موجة البرد القياسية، التي عرفتها المناطق الغربية كجندوبة والكاف والقصرين، لمهاجمة معاقل المجموعات الإرهابية، التي كشفتها النيران وتصاعد الدخان في المرتفعات الجبلية، بعد لجوء الإرهابيين للتدفئة بالأخشاب في ظل تجاوز سمك الثلوج حدود المتر، ونزول درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.
ووفق بعض المصادر العسكرية، فإن وحدات خاصة عملت على محاصرة مجموعة إرهابية بهدف إلقاء القبض على عناصرها، واستعانت في ذلك بطائرات استطلاع حلقت فوق مرتفعات جبل السلوم.
وأصبحت المنطقة تعد معقلا هاما لتحصن عدد من العناصر الإرهابية المنتمية إلى كتيبة عقبة بن نافع، التي يقودها الجزائري خالد الشايب، المعروف باسم لقمان أبو صخر، وخاصة بعد بدء المواجهات المسلحة بين الجانبين، وإقرار جبلي الشعانبي والسلوم والمناطق القريبة منهما منطقة عسكرية مغلقة. ويعود آخر هجوم إرهابي استهدف الوحدات العسكرية في جبل السلوم إلى 17 يوليو (تموز) 2014. وخلف مقتل 15 عسكريا وجرح 25 آخرين، وهي أعلى حصيلة قتلى وجرحى تتعرض لها المؤسسة العسكرية منذ إقرار هذه الجهة كمنطقة عسكرية مغلقة.
وحول هذه العملية العسكرية قال بلحسن الوسلاتي، المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية لـ«الشرق الأوسط» إن موجة البرد الأخيرة أثرت بشكل مباشر على تحركات العناصر الإرهابية، وقد تكون أثرت على صحة بعضهم، مضيفا أن البرد الشديد «ساعد المؤسسة العسكرية في العمل والكشف عن مخابئهم». بيد أنه أكد في المقابل على أن الوحدات العسكرية المختصة تلاحق خطواتهم، بصرف النظر عن العوامل الطبيعية، وقال إنها على أتم الاستعداد للمواجهة والتصدي لكل من يحاول زعزعة الأمن في تونس، على حد تعبيره.
وكشف الوسلاتي في مؤتمر صحافي، لأول مرة، أن وزارة الدفاع نشرت نحو ألف عسكري في الجبال الغربية للبلاد، بهدف تتبع الإرهابيين وتحديد مواقعهم قبل استهدافهم من قبل الطيران الحربي. كما أشار إلى اعتماد خطة جديدة لإعادة تأهيل القوات المسلحة، بعد تحديد حاجياتها، وقال إنها بحاجة ماسة لعربات مدرعة وأسلحة جماعية وصدريات واقية من الرصاص، وخوذات ومناظير للرؤية الليلية، وأيضا إلى زوارق بحرية سريعة ومروحيات عسكرية، وهو ما يؤكد إصرار المؤسسة العسكرية على متابعة العناصر الإرهابية والرفع من كفاءة عناصرها بحلول السنة الجديدة.
وبخصوص موجة البرد القاسية التي ضربت المناطق المهددة أكثر من غيرها بخطر الإرهاب، قال الوسلاتي إن وزارة الدفاع وضعت كل الإمكانات اللازمة للتدخل وفك العزلة عن المواطنين في المناطق المتضررة من تساقط الثلوج. وأشار إلى مشاركة حاملات الدبابات ووسائل نقل عسكرية ثقيلة في عمليات إجلاء المواطنين، الذين علقت سياراتهم في الطرقات، ونقلهم إلى منازلهم أو إلى أقرب مؤسسة طبية لتلقي العلاج.
وكانت عائلات تونسية عالقة قد وجهت نداءات استغاثة عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وعبرت عن غضبها بسبب تواصل انقطاع التيار الكهربائي والماء الصالح للشرب عن السكان منذ نحو 3 أيام. وفي هذا الصدد نبه حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي (حركة التجديد سابقا) إلى الوضع الكارثي الذي ما زالت تعيشه عدة مناطق في البلاد، ومعاناة سكانها من البرد والجوع والعطش، ودعا الحكومة إلى توجيه العناية إلى هذه المناطق تفاديا لتكرّر الأوضاع الكارثية التي عرفتها خلال شتاء 2012.
وبشأن فك العزلة عن المناطق الغربية المتضررة، قال المنجي القاضي، المتحدث باسم الحماية المدنية التونسية لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة خصصت قرابة 10 أطنان من مادة الملح بغرض إذابة الجليد المتراكم فوق طرقات منطقة القصرين، وأشار إلى فتح جميع الطرقات، باستثناء بعض المسالك الفلاحية الريفية التي ما تزال مغلقة بسبب تراكم الثلوج، لكنها لا تعتبر معزولة عن العالم الخارجي بعد ربطها بمسالك أخرى تؤدي إلى المدن المجاورة.
على صعيد متصل، نجحت اللجنة الجهوية لمجابهة الكوارث بالقصرين في فك العزلة عن معبر «بوشبكة» الحدودي مع الجزائر، وذلك بعد 3 أيام من إغلاق الثلوج للطريق الوحيد المؤدي إلى المدن المجاورة. وأتاحت العملية للعشرات من الجزائريين العالقين في المعبر العودة إلى بلادهم منذ فجر أمس بعد تحسن حالة الطقس وتوقف الثلوج.
في غضون ذلك، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن تقديم مساعدات إنسانية عاجلة إلى المتضررين من موجة البرد في تونس. وذكرت مصادر إعلامية إماراتية أن المساعدات «تتضمن تقديم البطانيات والمواد الغذائية».
كما ذكرت اللجنة الوطنية الدائمة لتفادي الكوارث ومجابهتها وتنظيم النجدة (هيكل تابع لوزارة الداخلية التونسية) أنّها وزعت آلاف الإعانات والمساعدات الاستثنائية التي وفرتها وزارة الشؤون الاجتماعية، والاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي على العائلات المتضررة. وتضمنت لائحة المساعدات الأغطية والألبسة والأحذية، إضافة إلى المساعدات الغذائية.



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.