عودة الوجوه الليبية «القديمة»... خطوة للمصالحة أم لحصد مكاسب؟ (تحليل إخباري)

أبو سهمين وأنصار القذافي يريدون المشاركة في «رسم المستقبل»

أبو سهمين
أبو سهمين
TT

عودة الوجوه الليبية «القديمة»... خطوة للمصالحة أم لحصد مكاسب؟ (تحليل إخباري)

أبو سهمين
أبو سهمين

تحاول شخصيات وقوى سياسية سابقة إيجاد موضع قدم لها في المشهد الليبي الراهن، سواء عبر تشكيل كيانات سياسية جديدة، أو العمل على استغلال الغضب الشعبي من تردي الأوضاع المعيشية، أو بالمشاركة المستمرة في الفعاليات واللقاءات كافة التي تُعقد حول الأزمة الليبية، فضلاً عن التوظيف المستمر للإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
ويربط مراقبون بين محاولات هؤلاء والدعوات الأممية الساعية إلى تشكيل سلطة تنفيذية جديدة في البلاد تمهّد الطريق أمام إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، طارحين في هذا السياق أسئلة عدة لا تقتصر على إمكانية نجاح هؤلاء فعلياً في إعادة تدوير أنفسهم وحجز موقع لهم في السلطة المقبلة. لكن هل تشكل عودة هذه «الوجوه القديمة» خطوة للمصالحة أم لحصد مكاسب جديدة؟
ترى عضو مجلس النواب الليبي في طبرق، صباح جمعة، أن «التدخل الخارجي في ليبيا يُعدّ في مقدمة الأسباب التي دفعت هذه الشخصيات إلى التمسك بحلم العودة إلى السلطة، حتى وإن انحصر الحلم هذه المرة في مناصب ومواقع أقل نفوذاً عن مواقعهم القيادية السابقة». وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض هذه الشخصيات يبدو أنه قد تلقى ضوءاً أخضر من تركيا، وربما دعماً مالياً من قطر أيضاً، أو وعداً بالدعم الشعبي من قبل تنظيم (الإخوان)، أو ما يماثله من تنظيمات مؤدلجة». وذهبت إلى أن الهدف الرئيسي من ذلك هو «إيجاد شخصيات سياسية تستطيع السيطرة على كل مفاصل الدولة، وتنفذ أوامر المتدخلين ببلادنا وشؤونها». لكنها لفتت إلى أن «البعض الآخر لا هدف له سوى التنقل بين الدول ولقاء السفراء، في محاولة لتسويق نفسه لتحقيق مصالح شخصية».
وأعلن رئيس «المؤتمر الوطني» المنتهية ولايته نوري أبو سهمين، عن تشكيل تيار سياسي أطلق عليه اسم «يا بلادي» بعد أن توارى لما يقرب خمس سنوات، لكنه قال إن هذا التيار «لخدمة جميع أبناء الوطن، والباب مفتوح أمام كل من يريد الانضمام أو لمن يود أن يستوضح أكثر عن برنامج التيار».
وترى جمعة أن «كل من تقلد مناصب وخاض تجربة وفشل في إدارة المرحلة يجب أن يبتعد عن المشهد، ويترك الفرصة لوجوه وطنية جديدة، خصوصاً أن الشعب الليبي سئم من ذلك. وأصابه الإحباط من فكرة إعادة تدوير الأسماء القديمة عبر رفع شعارات المزايدات التي تهدف إلى استقطاب الشارع».
وشهدت ليبيا أخيراً تحركات مكثفة لأنصار نظام العقيد الراحل معمر القذافي، بداية بخروجهم في مسيرات قوية رُفِعت فيها صوره ونجله سيف الإسلام في مدن جنوب وشمال غربي ليبيا، للاحتفال بالذكرى الحادية والخمسين لـ«ثورة الفاتح»، التي أوصلت القذافي إلى الحكم. كما تمكنت شخصيات محسوبة على النظام من المشاركة في الحوار الليبي - الليبي الذي عقده «مركز الحوار الإنساني» في مونترو بسويسرا، تحت إشراف أممي، وهو ما انتقده معارضوهم باعتبارهم «ليسواً أهلاً للمشاركة في رسم مستقبل البلاد، بعدما دمر نظام القذافي ليبيا على مدى أكثر من 41 عاماً».
أما عضو المجلس الأعلى للدولة محمد معزب، فيرى أن «الشخصيات والقوى السياسية السابقة وإن اشتركت في الاستماتة على العودة إلى السلطة، إلا أن لكل منها وضعية تختلف من حيث جهة الدعم وحجم الشعبية». وأوضح معزب لـ«الشرق الأوسط» أن أبو سهمين «يتلقى مساندة من بعض أعضاء الجماعة الليبية المقاتلة، وأيضاً من قبل المفتي المعزول الصادق الغرياني، ولكن تظل علاقاته بالداخل الليبي محدودة، رغم ما يبذله من جهد لتحسين ذلك في الفترة الأخيرة، مع التركيز على الخارج حيث ترددت أنباء عن لقاء قريب سيجمعه بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان».
وكان سهيل الغرياني، نجل المفتي المعزول والمدير التنفيذي لقناة «التناصح» التي تبث من تركيا، قد تضامن مع دعوة ما يُعرف بـ«تجمع ثوار 17 فبراير» إلى أن يكون أبو سهمين مَن يمثلهم في أي حوارات سياسية تستهدف حل الأزمة.
أما فيما يتعلق بالرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن السويحلي الذي يرى البعض أنه سيستفيد من اتصالاته ولقاءاته المتعددة مع عدد من السفراء الغربيين للعودة إلى مضمار السباق على السلطة؛ فيقول معزب إن «السويحلي بحكم تمتعه بتاريخ نضالي ضد القذافي لديه شعبية لا بأس بها، إلا أن لديه أعداء كثيرين، وفي مقدمتهم جماعة (الإخوان)، وهذه تسيطر على أغلب القنوات الفضائية في الغرب الليبي، وهناك أيضاً تيارات داخل مصراتة قد لا ترحب به».
وانتقد السويحلي في تغريدة سابقة له على «تويتر» الاجتماعات التي عُقِدت في المملكة المغربية بين مجلس النواب بطبرق والمجلس الأعلى للدولة، ووصفها بـأنها «تتبنى محاصصة جهوية مقيتة في عملية توزيع المناصب السيادية».
ويرى معزب أن تيار سيف الإسلام القذافي يضعفه شيئان؛ أولهما عدم ظهور سيف الإسلام نفسه منذ سنوات، مما لا يعرف معه إن كان الرجل على قيد الحياة، وثانياً الذكرى المريرة لمشاركته والده في التهديد بالانتقام من الثوار عام 2011. إلا أن معزب عاد وأكد على أنه «إذا جرت الانتخابات التشريعية، فليس من المستبعد أن تتصدر تلك الشخصيات المشهد مجدداً، طبقاً لما تملك من ركيزة شعبية حالية، والأهم ما سيتوفر لها من دعم مالي يفتح لها كل الأبواب، خصوصاً في ظل عجز متوقَّع للحراك الشعبي الشبابي الذي خرج للساحة السياسية مؤخراً، على الاتفاق على مرشح من صفوفه والدفع به».
ويختلف الناشط السياسي أحد قيادات «حراك 23 أغسطس» مهند الكوفي مع الرأي السابق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الليبيين منذ قيام (ثورة فبراير) شهدوا أوضاعاً اقتصادية سيئة لن تجعلهم يلتفتون إلى أي شخصية تقلدت أي منصب سيادي خلال السنوات الماضية». ورأى أن تيار سيف الإسلام «كانت لديه فرصة في ظل فشل السلطة الراهنة، ولكنه لم ينجح في استثمارها لعدم وجود رؤية محددة لهذا التيار، ولكثرة خصوماته الثأرية مع كيانات عدة بالمجتمع». ولفت إلى أن «الشباب وكل من شارك في حراك 23 أغسطس سيعمل على زيادة توحيد الصفوف لإيجاد شخصيات وطنية تمثلهم».
والتقى وزير الداخلية في حكومة «الوفاق» فتحي باشاغا، وفداً من أعيان وحكماء ومشايخ بني وليد مؤخراً، وطمأنهم بأن مدينتهم «سيكون لها الدور الأكبر في مصالحة شاملة بين المدن والمناطق كافة بليبيا». وبني وليد كانت من المدن الداعمة للقذافي، وظلت آخر معاقل أنصاره قبل أن يداهمها مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2011.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.