إذا كنت تستخدم نظام الخدمة على الطرقات مثل «أون ستار» OnStar، فأنت تعرف تماما أن بمقدور سيارتك تعقب مكانك، وإرسال سيارة إسعاف بصورة تلقائية، إذا ما حصل لك حادث مروري. ولكن الذي قد لا تعرفه هو أن الشركة الصانعة للسيارة، تقوم بحفظ هذا المكان الذي حصل فيه الحادث، مع تاريخه وزمنه، ومعلومات أخرى مثل، ما إذا كانت الوسادات الهوائية قد انفتحت أم لا. كما تقوم «علب سوداء» صغيرة شبيهة بمسجلات الرحلات الجوية الموجودة على متن الطائرات، برصد طريقتك في استخدام مكابح السيارة، وما إذا كنت تستخدم أحزمة الأمان على المقاعد، وكذلك السرعة التي كنت تقود بها. وقد تكون سيارتك واحدة من الملايين المتشابهة، لكن ما يكمن في إلكترونياتها هو سجل فريد عنك، وعن قراراتك التي تتخذها أثناء القيادة.
* سجلات شخصية
وقد يخشى البعض من أن هذه البيانات المتعلقة بالقيادة قد تستخدم في يوم ما من قبل وكالات التجسس والاستخبارات الحكومية، أو تستخدم ضد السائقين الذين لا حول لهم ولا قوة من قبل شركات التأمين، أو الأسوأ منها. وقد تصبح كيفية قيام الشركات الصانعة للسيارات باستخدام هذه البيانات التي يجري جمعها من سياراتنا الذكية، وتخزينها وحمايتها، ذات أهمية كبيرة، مع قيام السيارات بالتحادث مع كل ما يحيط بها من السيارات الأخرى، ومع المستشعرات المزروعة على الطرقات، وفي المحلات التجارية القريبة. ويبدو أن هذه الشركات الصانعة شرعت تتخذ الخطوات الأولى لحماية هذه المعلومات، لكنها مع ذلك تعترف أن هنالك الكثير الذي لا تدري كيف تتعامل معه.
وفي الشهر الماضي قامت اثنتان من كبار المجموعات التجارية التابعة لهذه الصناعة، وهما «تحالف الشركات المنتجة للسيارات»، و«جمعية الصانعين العالميين للسيارات» بتسوية سلسلة من مثل هذه الالتزامات الخاصة المصممة لإراحة الأميركيين، مع قدوم الجيل المقبل من المركبات. وسيسري هذا الاتفاق ابتداء من الثاني من يناير (كانون الثاني) عام 2016، أي في الزمن الذي يجري فيه الكشف عن طراز عام 2017 من السيارات. وهو يحدد الخطوات الأساسية، مثل تحديث كتيبات الإرشادات لمالكي السيارات، بغية تبليغهم عن المعلومات التي تقوم سياراتهم بجمعها.
ويقول كرستوفر وولف المحامي المتخصص بالخصوصيات، الذي ساعد على وضع مسودة المبادئ هذه: «ثمة اعتراف في أوساط الصناعة هذه في أن الحفاظ على الخصوصيات، هو أمر أساسي لاكتساب ثقة المستهلكين بخصوص التقنيات الجديدة».
ومع توفر فترة سنة تقريبا قبل حلول موعد تنفيذ هذه الالتزامات، تتحرك صناعة السيارات بسرعة لتنفيذها، ومنها إقامة مواقع على الشبكة تعلم مستخدمي السيارات عن المعلومات التي يجري جمعها. فشركة «تويوتا» مثلا تعمل مع «أوبت تايبل» لجعل السائقين يقومون بحجوزات المطاعم من سياراتهم، عن طريق شاشات تعمل باللمس مركبة على لوحات القيادة، وبالتالي تبليغ المستهلكين كيفية قيام مثل هذه الخدمات باستخدام البيانات.
* تداول البيانات
لكن السؤال الذي لا يزال معلقا هو كم من الوقت يتوجب على منتجي السيارات الاحتفاظ بهذه المعلومات قبل شطبها من سجلاتهم؟ فكلما طالت فترة احتجاز هذه المعلومات والاحتفاظ بها، أصبحت أكثر قيمة. لكنها تفتح أيضا فرصا كبيرة لسوء استخدامها من قبل المحامين والمسوقين ودوائر فرض القانون.
السؤال الآخر يتعلق بعملية تحويل معلومات محددة أو معينة خاصة بك، أو بسيارتك إلى إحصاءات مجهولة المصدر. إذ يدعو محللو سياسات التأمين مصنعي السيارات، لا لفصل البيانات الخاصة بالقيادة عن هويات أصحابها فحسب، بل لتعديلها عشوائيا أيضا لجعلها عسيرة على اقتفاء أثرها رجوعا على سائقين معينين.
ويعترض غيرهم من المحللين أن ما يقوم صانعو السيارات بهذه المعلومات، قد جرى وصفه بشكل عام جدا في المبادئ التي أعلنوها بخصوص الحفاظ على الخصوصيات. فقد التزم الصانعون بتعهد لاتفاق طوعي يستخدمون بموجبه معلومات الزبون «لأغراض وإجراءات تجارية مشروعة»، لكن مثل هذه العبارة يقول عنها مايكل كالابريس من «نيو أميركا فاونديشن» من شأنها أن تسمح بأي شيء غير قانوني بشكل قاطع وصريح.
وتقول مصادر صناعة السيارات إن مثل هذه المبادئ تشكل فقط الأساس، وأن الكثير من الشركات الفردية ستحاول حتى تأمين حماية أقوى، ومثال على ذلك شركة «تويوتا» التي ذكرت أخيرا أنها في يوم قريب ستلبي مطالب المستهلك للحصول على «نمط شخصي للقيادة»، الذي من شأنه إقفال نظام تعقب القيادة لدى السائق تماما، مثل نمط التصفح الشخصي للإنترنت الذي من شأنه مؤقتا إيقاف تسجيل تاريخ استخدام المواقع.
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ ({الشرق الأوسط})